ثقافة الإتقان
لقد خلق الله عز وجل كونه بما فيه خلقا قام على الإتقان الذي لا يباريه شيء في الخلق والإبداع، سبحانه وتعالى، فقد بنى السماء وما فيها من أجرام، وكواكب ونجوم فقال {والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسوعون} (الذاريات: 47)، ويقول عن إتقان خلقه سبحانه وتعالى، وأن المرء مهما قلب بصره في خلق الله لا يجد شيئا غير متقن، أو شيئا معيبا سبحانه وتعالى {الذي خلق سبع سماوات طباقا، ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت، فارجع البصر هل ترى من فطور. ثم ارجع البصر كرتين، ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير} (الملك: 3-4) {صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون} (النمل: 88).ولإتقان العمل ثمرات تعود على المسلم في دنياه وأخراه، نقف عليها، فمنها:
رضا الله والأجر الجزيل، فمن أهم ثمرات إتقان العمل أن ينال المسلم رضا الله عز وجل، فلاشك أنه لا يستوي الغافل والنابه، ولا يستوي العامل والخامل؟ بل رأينا أن كثيرا من الأجر في الإسلام مرتبط بحسن العمل، ومرتبط بإتقان العمل، .
فمن أهم آثار عدم إتقان العمل، تأخر نصر الله، فكيف تنتصر أمة في ذيل الأمم، وفي مؤخرة الركب، عالة على غيرها، سلاحها من صنع عدوها، بل يستذلها عدوها بما يمن به عليها من الفتات مما يفضل عنه، تخلف الأمة.
- الإساءة إلى الدين وتشويه صورته، وليت عدم الإتقان يقف بنا عند تخلفنا فقط، بل ينسب هذا التخلف - للأسف- إلى المسلمين، وأن السبب في تخلفهم الناتج عن عدم إتقانهم لأنهم مسلمون، فلماذا الغربيون ـ وهم ملاحدة وكفار ـ متقدمون، والمسلمون ـ وهم موحدون ومؤمنون ـ متأخرون، ويستغل عدم النهوض الإسلامي كذريعة للإساءة للإسلام، ولحملته من المسلمين، ولا يعلم هؤلاء أن سبب تخلف المسلمين وعدم إتقانهم هو بعدهم عن الإسلام، والتمسك به، فالإسلام يأبى أن يأكل مسلم حراما بعدم إتقانه للعمل، والإسلام من أهم أخلاقه الأمانة، والأمانة تقتضي من العامل أن يقوم بعمله على أكمل وجه، وأفضل حال.
- تجويد العمل وتحسينه، ومما يساعد المسلم على إتقانه للعمل: سعيه الدائم والدؤوب لتجويد العمل، وتحسينه، والبحث عن كل وسيلة نافعة تعينه على إتقان هذا العمل، سواء كانت هذه الوسيلة دنيوية، بالتعلم، وزيادة الخبرات، والبحث عن كل جديد في عالم تخصصه، أوالاستعانة بالله عز وجل على ذلك، فالتوفيق في بداية الأمر ونهايته من الله عز وجل {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله} (هود:88).
الإبداع والتجديد فيه، وهو أمر لا ينبع من داخل المسلم إلا إذا أحب عمله الذي يعمله، وملك عليه شغاف قلبه، فمن أحب شيئا جدد فيه وأبدع وأتقن، وأخرجه في أبهى حلة، وفي أفضل ما يمكن، ولذلك فإن من أهم المبادئ التي حث عليها الإسلام هو الاجتهاد والتجديد.
التفاني في العمل، ومما يعين على الإتقان: تفاني المرء في عمله الذي يقوم به، وأن يكون رسالة يتقرب بها إلى الله عز وجل، وليس مجرد وسيلة للارتزاق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|