افق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد اعزائي الكرام أسعد الله أوقاتكم - حبيت أن أنقل لكم
بعض الوصايا المفيده لمن التبع الهدى وهي بعنوان - افق قبل أن تحترق - فمما ينبغي ان يعلم ان
الذنوب والمعاصي تضر ولابد - وان ضررها في القلوب كضرر السموم في الابدان - علي اختلاف درجاتها في
الضرر - وهل في الدنيا والاخرة شر وداء الاو سببه الذنوب والمعاصي - فما الذي اخرج ابوينا من الجنة --
الي دار الالام والاحزان والمصائب -- وما الذى سلط الريح علي قوم عاد -- وما الذى ارسل علي قوم ثمود الصيحة حتي قطعت قلوبهم في اجوافهم وماتو ا عن اخرهم -- وما الذي رفع قري اللوطية حتي سمعت الملائكة نباح كلابهم ثم قلبها عليهم - فجعل عاليها سافلها فأهلكهم جميعآ- ثم أتبعهم حجارة من السماء امطرها عليهم - فجمع عليهم من العقوبات ما لم يجمعه علي غيرهم - والأخوانهم أمثالها - وما هي من الظالمين ببعيد - وما الذى أغرق فرعون وقومه في البحر ثم نقل ارواحهم الي جهنم - فالأجسام للغرق
والارواح للحرق - روى الامام احمد عن جبير بن نفير قال لما فتحت قبرص - ففرق بين اهلها - فبكى بعضهم
الي بعض - رأيت أبا الدرداء جالسآ وحده يبكي - فقلت - مايبكيك في يوم أعز الله فيه الاسلام واهله - فقال
- ويحك ياجبير ما اهون الخلق علي الله عز وجل اذا أضاعوا أمره - بينما هي امة قاهرة ظاهرة لهم الملك - تركوا امر الله فصارو ا الي ما تري --- وللمعاصي من الاثار القبيحة المذمومه - والمضرة بالقلب والبدن في الدنيا
والاخرة ما لا يعلمه الا الله - فمنها -- حرمان العلم -- فأن للعلم نور يقذفه الله في القلب والمعصية تطفي ذالك
-- ومنها -- وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله - لا توازنها ولا تقارنها لذة أصلأ- ولو اجتمعت له لذات
الدنيا بأسرها لم تف بتلك الوحشة - وهذا أمر لا يحس به الا من في قلبه حياة - - ومنها الوحشة التي تحصل بينه وبين الناس لا سيما اهل الخير منهم - فانه يجد وحشة بينه وبينهم - وكلما قويت تلك الوحشة بعد منهم ومن مجالستهم وحرم بركة الانتفاع منهم -- ومنها -- تعسير اموره عليه - فلا يتوجه لأمر الا يجده مغلقآ دونه او
متعسرآ عليه -- ومنها -- انها توهن القلب والبدن -- ومنها -- حرمان الطاعة -- ومنها -- ان المعاصي تزرع امثالها - ويولد بعضها بعضآ- حتي يعز علي العبد مفارقتها- حتي ان كثيرآ من الفساق ليواقع المعصية من غير لذة يجدها- الا لما يجد من الالم في مفارقتها --- ومنها -- ان ينسلخ من القلب استقباحها - فتصير
له عادة - فلا يستقبحها من نفسه رؤية الناس له كلهم - ولا كالامهم فيه -- ومنها -- ان المعصية سبب
لهوان العبد علي ربه وسقوطه من عينه -- ومنها ان المعاصي تفسد العقل - فأن للعقل نورآ والمعصية تطفي
نور العقل ولابد - واذا طفيء نوره ضعف ولابد -- فلا تجد عاقلين احدهما مطيع والاخر عاص - ولا وعقل
المطيع منهما اوفر واكمل وفكره اصح ورآيه اسدا والصواب قرينه -- ومنها -- انها تطفيء من القلب نار
الغيرة التي هي لحياته وصلاحه كالحرارة الغريزية لحياة جميع البدن -- ومنها -- انها تصرف القلب عن
صحته واستقامته الي مرضه وانحرافه -- ومنها -- ان العاصي دائمآ في اسرة شيطانية وسجن شهواته
وقيود هواه -- ومنها -- انها -- تخون العبد احوج ما يكون الي نفسه -- فيخونه قلبه ولسانه - عند الاحتضار -- فربما تعذر عليه النطق باالشهادة -- المرجع الداء والدواء لابن القيم ------
<
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|