عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-11-2009, 05:50 PM
الصورة الرمزية محمد حسن الزهراني
محمد حسن الزهراني محمد حسن الزهراني غير متواجد حالياً
 






محمد حسن الزهراني is on a distinguished road
افتراضي لمن نكتب،ولماذا نكتب؟

بسم الله ارلحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

في كثير من الأحيان تبدو الكتابة تجديفا ضد العاصفة..
أشعر أن مذاق الدم في فمي أقوى من كل الحبر المراق على أوراقي
أعترف أنني محبط إلى درجة أن لا شيء يشدني إلى هذا العالم !!..وآخره الكتابة
لماذا نكتب ولمن نكتب؟قلت مرة :أنني أكتب ضد الوجع!!أكتب لأتنفس!!أكتب من أجل فجر آخر ،مختلف ،لا يصادره السماسرة ولا الجلادون

والآن أشهد أن لا جدوى أن نتدواي من الوجع بالكتابة !!أليس الوجع أكبر من كل اللغات
وما جدوى الكتابة زمن الخراب
ما جدوى الكتابة عندما تتحول إلى ترف
حين لا تقول الكلمات ما يجب أن يُقال يصبح الكلام فعلا فاضحا
تصبح الكلمة مومسا !!والكاتب بغيا

وآه من وجعي !!آه آه من حزني ومن ألمي
آه من عذابات الروح تنخر الروح وتتسلل بين أضلعي

تطوقني حد الإختناق هذه الشوارع الملبدة بالفراغ
تغمرني مساءاتنا الحزينة بالضجر والخواء
يفزعني صليل السلاسل واستغاثات الحناجر في ليالي الدهاليز الطويلة
ويدمرني العجز الجماعي..
الخصاء الجماعي
التواطؤ الجماعي
وسيقتلني صمتي يا عبد الله..
والله سيقتلني صمتي
ستتحول الكلمات في صدري !!جمرا وقيحا ،إن لم اقلها،إن لم أحررها

وعندما آخذ قلمي لأكتب ينفجر في وجهي ألف سؤال:ماذا تفعل هنا!!لمن تكتب!!ماذا بيد القلم أن يفعل
لاشيء يغري بشيء:وحده الصمت يقول ما لا تقوله الكلمات
وحدها وحدتنا تعطي معنى لكل شيء!!حين يكون كل شيء بلون الدم !!حين يصبح العالم من حولنا زنزانة واسعة
بجدران صماء تكتم التوق !!وتغتال كل جمال!!لا يبقى لنا إلا الإنتحار أو الصمت

وأنا لم أختر الصمت
المخبرون وباعة المديح المزيف أختاروا لي هذا المصير..
هم ..أولائك القابعون فوق صدورنا،هم من اختاروا لون الشفق ،وحدود الحلم
وأنا،ياحزني،ريشة في مهب سفاح لا ينام

كلنا في الهم سواء...و لنا في الوجع داء...و في الكتابة دواء...
سؤالان وجيهان: لمن نكتب؟ و لماذا أكتب؟سؤالان من قبيل من أنا؟ و لماذا أعيش؟:
كإجابة مختصرة...على موضوع بحجم هذا الكون الفسيح...بحجم هذا الغموض الذي يتربع في زوايا حياتنا...بحجم المحبة التي أكنها لكم يا عشاق الكلمة الصادقة و الفعل الجاد و العمل الصالح...
الكتابة قوس قزحي يأخذ مداده من حبر السماء و ينثر أوراقه على بساط الكون لوحات متعددة المواضيع متعددة الآمال متنوعة الآلام...
نكتب لكي نلقى الله جل و علا في يوم من الأيام...الفعل الأول فعل جماعي...بحسب غاية كل واحد في الوجود ودرجة استيعابه لدوره في الوجود كذرة في عالم المجرة تؤدي دورتها الحياتية ثم ترحل لتترك المسألة أو القضية أو الإشكالية لمن يسير في نفس المركب...
و أكتب لأن فعل الكتابة هو تحرير من فعل العبودية لمن لا يستحقها لمن يستحقها...فهناك الحق و هناك الباطل...و بينهما يتربع فعل الكتابة...فانظر لمن تكتب حتى تعلم في أي اتجاه تكتب؟ و إذا وجدت منطقة بين الحق و الباطل فهي منطقة الإنسان الذي يتحلى بالاختيار بينهما العتمة التي تحاج لمن يضيئها حتى تبدو جلية واضحة مشرقة و تنفض عنها الظلام و تتحلى بنور الضياء في النهار و بالسراج المنير في الليل...
لكن هذا من باب المنطق و العقل...أما من نافذة الوجدان...فالألم يمزق وجودنا و لا حول و لا قوة إلا بالله العظيم...
فكم طال هذا الليل بثقل أحزانه حتى لم تعد أكتافي تطيقني فأمسيت أضع أكفاني فوق أحزاني و أبتسم للمتربص بي في كل وقت و حين...
يطاردني الليل حين أنام فيسرق أوقات ذكري و يتركني في غفلة أستحي فيها من ربي عند يقظتي... فتجد أحلامي و أحلام غيري تعتصر دواخلي لأني عاجز عن تحقيقها بكلمات...عن ترجمتها لأفعال ...هي آمالي و آمال غيري...فتجد قلقي و قد ضرب رقما قياسيا في ميزان الضغط العلوي و السفلي...و ما بينهما...فتتساقط الأسئلة تلو الأسئلة كأنها وابل على روحي...فأستغيث بربي ليكشف عني و عن غيري سوء الفهم و عسر الهضم لما نخن فيه و إلى أين يسير مركبنا وسط العواصف التي تتقاذفنا كأوراق الخريف في فضاء من القيم التي غابت مصداقيتها و استبدلت ثوبها بثوب غيرها...
و أظل بينهما أقلب كفي على وقتي الضائع مني و من غيري دون أن يدري... لقد مر وقت كثير لم أقدم فيه كلمة أبني بها أملا أو أضع بها لبنة أو أفرج بها كربة...أو... حتى أضيف لرصيدي...إن كان العمل خالصا له جل و علا...و لم تكن أناي المتطاولة على إخلاصي قد شاركت من لا شريك له في الحق...لأنه الحق الذي به أستعين على معرفة الحق من الباطل...
فالوجع صاحبنا يوم ولدنا فكانت الابتسامة في شكل دموع تحمل فرحة الوجود و بكاء يحمل سر هذا الوجود
...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي