الموضوع: تأشيرة ضياع..
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 19-11-2009, 01:22 AM
الصورة الرمزية عازف كيبورد
عازف كيبورد عازف كيبورد غير متواجد حالياً
 






عازف كيبورد is on a distinguished road
افتراضي تأشيرة ضياع..

يوم ككل يوم..!
استيقظت ثملاً.. من فرط السهر ..
ركبت سيارتي متوجها "للدوام"..
ترى من اسماه دوام..!
تحركت وعيناي تلتقط تلك الصور الكئيبة والتي اراها كل يوم في هذه البلدة المشؤومه..
والتي حكم علي بالنفي إليها قبل سنتين بورقة كتب عليها اسمي وعنونت بـ "قرار تعيين"..!
لا اعرف ماالفرق بيني وبين تلك الورقة سوى أنها أهم مني في نظر كاتبها...!
وصلت .. ترجلت ومشيت اجر خطاي نحو ورقة التوقيع الموضوعة على مكتب المدير..
يالهذه الأوراق!!!
وكالعادة يصطدم بصري بملامح وجه ذلك المدير العابس..! جاثما على كرسيه كحاكم عربي .. لقد شارف على بلوغ الخمسين من العمر ولم أره طوال سنتين مبتسما.. مما يجعلني لا أتوقف عن سؤال نفسي : هل قضى هذه الخمسين عابساً !
القي عليه السلام..
واكتب اسمي وأوقع لأثبت حضور الجسد .. مثلما وقعت سابقا على مذبح الأماني لأثبت ضياع الروح..!
لا احد هنا سوى المعلمين فهو آخر يوم قبل الإجازة.. لماذا دائما يكون اليوم الأخير مختلف في كل شيء !!
المدرسة خاليه من الطلاب .. تماما كروحي .. خاليه من كل شيء منذ اليوم الأخير..
في آخر الممر.. غرفة وضعت على إحدى جدرانها لوحة والتي اعتقد ان عدد سنين وجودها على ذلك الجدار قد تجاوز عدد حروفها .. كتب عليها بلون باهت " وقل ربي زدني علماً ".. وأنا أقول في نفسي " ربي زدني صبراً ".. فقد سئمت وجودي هنا..!
تكدس المعلمون في تلك الغرفة .. يتحدثون عن كل شي ..إلا التعليم..!
أفكر في هذا قليلا .. ثم اعذرهم فربما سئموا هم أيضاً..!
لم اشعر بنفسي إلا وأنا واقف أمام مكتب المدير لأبلغه بأنني "طالع" فلم يعد لوجودي معنى..!
ركبت سيارتي متجهاً "للشقة" لأجمع أمتعتي .. كم أحب هذا الجزء وكم اكرهه..!
يا ترى؟؟ ماهو الحد الفاصل بين المحبة والكراهيه..؟
يممت سيارتي ناحية "الديرة" وقرأت تراتيل الأشواق و "تحركت" متوكلاً على الله..
ولم يجبرني شيء على التوقف.. إلا قطيع من الجمال .. عبر أمامي ليقطع الطريق متجها للطرف الآخر ..يتبعه "راعي آسيوي".. نظرت إلى وجهه فقرأت فيه تعريفاً واضحاً لمعنى التضحية من اجل الغير..! فقد ترك وطنه ليأتي إلى هنا.. لكي تضيع اجمل سنين عمره - بعيداً عن وطنه - يدور خلف مخلوقات بلهاء تحت لهيب الشمس من اجل حفنة أوراق نقدية..! إنها الأوراق من جديد..! سبب وجودي ووجوده هنا .. إلا أنني بلا وطن..!!!
وصلت إلى المنزل وعيناي في قمة العطش للإرتواء من كل ماحرمت منه خلال بعدي عنها..!
أمي ... كم أحبك..
دخلت غرفتي وارتميت على سريري .. وأنا أفكر في ذلك الراعي .. ترى كم من الوقت سيصبر حتى يدخل غرفته في بلاده ..؟!!
وجواب سؤالي مكتوب في ورقه في احد مكاتب الجوازات تحتوي على بعض الأسطر..
من ضمنها : تأشيرة خروج بتاريخ...


تباً لكل الأوراق..!


* المعذره على الإطاله ولكنه الكيبورد..