[محمد حسن الزهراني]

عند بداية أي إجازة أو انتهائها سواء كانت الإجازة صيفية أو العيدين أو إجازة نصف العام الدراسي، يربط أطباء جراحة العظام وجراحة الأعصاب الأحزمة ويشمرون عن سواعدهم استعداداً لما سيلقونه من الجهد والعمل المتواصل بسبب حوادث السير المروعة، وعليهم فوق هذا محاولة تجميد مشاعرهم أمام قصص هذه الحوادث التي تدمي القلوب، حتى يتسنى لهم القيام بأعمالهم، فترى أسرة قد فقدت عائلها الوحيد وأصبحوا يتامى بعد أن كان أبوهم يرعاهم ويمنعهم من الحاجة ومد أيديهم للناس.. ترى الأطفال الصغار وهم يصرخون نريد أبانا أحضروا إلينا أبانا الآن، ويتوسل الطفل الصغير للطبيب بأن يحضر والده فقد اشتاق إليه ويريده أن يرعاه وهو في كسوره، أو يريد والده أن يخفف عليه قبل العملية فيخفف عليه المصاب. ولكن يكتم الطبيب العبرة ويكلم نفسه إن الحياة والموت ليس بيدي ولكن بيد من له ملك السماوات والأرض. وهناك أرملة تتوسل إلى الطبيب أن يحضر لها زوجها والطبيب لا يملك حياة نفسه حتى يملك حياة الآخرين. وآخرون فقدوا أطفالهم ويتوسلون أيضاً إلى الطبيب كي يعيد لهم أطفالهم. وشاب صغير في ريعان الشباب فقد القدرة على الحركة وأصبح مشلولاً لا يستطيع الحراك فلا يتحرك فيه إلا عيناه فقط،
هذه هي الحوادث التي حصدت أرواح الآلاف من البشر ومازالت تحصد المزيد فصدق من سماها الحرب الصامتة، ولاشك أن هذه الأمور تجري بأقدار الله تعالى ونحن بصفتنا مسلمين يجب علينا الإيمان بالقضاء والقدر، ولكن الإيمان بالقدر لا يتنافى مع الأخذ بالأسباب والحيطة. فقد أمرنا ديننا الحنيف بالأخذ بالأسباب ونهانا عن إلقاء النفس في التهلكة وجعل أرواحنا أمانة بين أيدينا وسيسألنا عنها يوم القيامة، قال تعالى {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} وكما أرشدنا رسولنا صلى الله عليه وسلم وأرشد الصحابي بالأخذ بالأسباب بأمره «اعقلها وتوكل»
فلو رأينا رجلاً يرمي نفسه من أعلى عمارة لاتهمناه بالجنون، والذي يقود السيارة بسرعة جنونية أشد جنوناً من الذي يرمي نفسه من أعلى العمارة؛ لأن الذي يرمي نفسه لا يضر إلا نفسه، أما الذي يقود السيارة بسرعة جنونية فهو يضر نفسه والآخرين من حوله كالمجنون الذي بيده سلاح ويقتل به من حوله. وإني أنصح هؤلاء الذين يقودون السيارة بهذه السرعة بأن يزوروا قسم العظام في أحد المستشفيات ليطالعوا ما تسببه هذه الحوادث من مصائب
وأسال الله ان يهدي شبابنا ويحفظ الجميع
موضوع مهم ورائع تقبلي مروري