أحصيت خلال أسبوعين فقط من بدء عاصفة الرسائل في الجوالات، 287 رسالة في صناديق جوالي تحمل طابعا فكاهيا وساخرا وبصناعة سعودية خالصة. ومن مجمل ما جمعت أحصيت 213 نكتة سعودية توجب غسل اللسان إذا لم يكن كامل الجسد لجرعة «الجنس» العالية جدا في سطورها، حتى إن 65 نكتة وقعت بين عيني كانت كل كلماتها مشينة وجنسية وسوقية وفاحشة جدا وبلكنة سعودية مميزة. أما باقي النكت فيغلب عليها الطابع العنصري تجاه عرق معين أو تجمع سكاني وقبلي. ولن تصدقوني إذا قلت لكم إن نكتة واحدة فقط من الموجود كانت محترمة ومحتشمة جدا ولكنها (سامجة) وباردة جدا جدا، حتى إنها تفقدك رغبة الضحك. وكل ما جمعته من نكت لن يمثل واحدا في المئة من ما تحمل هواتف غيري ممن يتعاهدونني بالإرسال صباح مساء، وفي المساء أكثر بالطبع!
وأنا أكتب ما كتبته بالأعلى، لا أبرئ نفسي أبدا من الضحك والاستمتاع بقراءة تلك الرسائل، وسأترك المثالية على جانب وأتكلم بصراحة: أنا ابن هذا المجتمع وابن ثقافته، وتلك الرسائل التي زارتني في صناديق جوالي كانت براءة كتابة بأيدي أبناء مجتمعي، ويكفي للتأكد من ذلك التدقيق في الكلمات المستخدمة في كل نكتة. نحن نقرأ ما يصلنا، ونفرح كثيرا ونضحك أكثر إذا كان الواصل إلينا «نكتة» ممتلئة بالكلمات المبتذلة، أو كانت تفوح بالعنصرية والاستهزاء بالقبيلة والعائلة.. صدقوني نضحك بقراءتها ونستلقي من الضحك على اختلاف أفكارنا وتوجهاتنا ومشاربنا.. فلا يأتي أحد ويدعي المثالية.. أرجوكم!
أما السؤال الذي يفترض أن يطرح بعد انتهاء موجة الضحك: من هو يا ترى الذي يصنع ضحكتنا الوقتية بالجنس والعنصرية؟ من صنع تلك النكت المشينة في مضمونها وتركها رسائل تنتقل بالمليارات بين الذكر والأنثى والمثقف والعادي والطبيب ومريضه والمعلم وطلابه؟.. والأخيرة أصبحت أمرا طبيعيا جدا في بعض مدارس العلم. أتساءل هنا: إن صدق القول إن النكتة هي انعكاس لثقافة المجتمع وحاله وتوجهه، فماذا سيكون حال مجتمعنا وثقافتنا الله يذكرهم بالخير؟
هنا لن أحلل المضمون وأدرس الدوافع وراء ابتكار هذا النوع من النكت، ولكن سأترك أسئلة معلقة لمن شاء أن يدرس حال مجتمع يتعلم منذ ولادته حتى يموت: كيف يتكلم بأدب وحسن خلق!
أخيرا، شكرا للطبيب والإعلامي والمثقف والمعلم والعاطل والطالب و(الملتزم).. أولئك أهم من أضحكني برسائل إلى جوالي.
أمير الرومنسية ...حياة أسهل