السلام لله يا جماعة! في حين يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن: "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها"، ويفصّل هذا السلوك النبيل قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم حينما سأله أحد الصحابة رضي الله عنهم عن أي الإسلام خير فقال: "تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف"؛ إلاّ أن السعوديين يتحفّظون في إلقاء السلام أو الردّ عليه، وكأن من يلقي السلام له في تحيته ريبة يودّ الوصول إليها.
أحيانا أدخل إلى بعض التجمّعات في الأماكن العامة وألقي السلام، فأحدهم يردّ بكلمة: "والسلام", وآخر يهمهم: "سسلم"، وثالث ينظر لك بعين الاستغراب، وأجرّب تكرار السلام على المجموعة ذاتها حتى ترمقني نظرات التعجّب من الإصرار على سماع الرد كاملا.
يوميا أحتشد مع عدة أشخاص في المصعد الذي يؤدي إلى مكتبي، وأحرص على مراقبة من يردّ السلام، لأكتشف أن البنغاليين أكثر حرصا على رد السلام، يليهم السودانيون والمصريون، في حين أن الأجانب الآخرين, سواء كانوا كوريين أو بريطانيين أو خلافهما من الجنسيات الذين لا يغلب عليهم الإسلام, يبادلون التحية بابتسامة وكلمة: "هاي".
وكلما كان السعودي متأنقا في ملبسه وتبدو عليه آثار الثروة والمقام العالي، كلما كان أكثر تجاهلا، ربما لاعتقاده أنه بردّ السلام ينتقص من "برستيجه" وانتفاخته العنجهية.
إن الإسلام دين السلام، ودين الأخلاق الكريمة والودودة, كما قال رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم: "إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق"، وليس من الإسلام ولا مكارم الأخلاق ولا تمامها في شيء تجاهل السلام، أو رده بطريقة غير لائقة، بل على كل من يستقبل السلام أن يردّه بأحسن منه، وذلك يشمل أيضا الابتسام في وجه من يلقي السلام، والاتصال معه بالنظرات، وإلاّ فإنّنا بسلوكنا المتعالي والمرتاب مع الآخرين نمارس خطيئة الشيطان الأولى وهي الكِبرَ.
والسلام عليكم ورحمة الله.