كلنا نعرف ذلك الوحش البغيض الذي ما أن تقع الضحية
بين فكيه إلا ويُطبق عليها بكل شراهة وقسوة فمصيرها
محتوم بين الموت أو الإعاقة في أحسن الأحوال .
هذا هو حال البنوك السعودية مع من أوقعته نوائب الدهر
في حبائلهم فهم يبذلون قصارى جهدهم لجلب ذلك الملهوف
إلى مستنقع الديون المركبة من خلال نصب الكمائن بالدعايات
البراقة والأحلام الوردية , فتجد كلاً منهم يتبجح بأن نسبة الفائدة
لديه لا تتجاوز خمسة أو ستة في المائة وهي في حقيقة الأمر قد تصل
إلى خمسين أو ستين في المائة لأنها فائدة مركبة على عدد السنين
التي يتم السداد خلالها , أما موظفي الشركات الكبرى فإن الفائدة
التي تؤخذ عليهم لا تتعدى اثنين أو ثلاثة في المائة لعلمهم
بأن هؤلاء الموظفين لا يلجئون إلى البنوك إلا في حالات نادرة
حيث أن شركاتهم تتكفل بإقراضهم بدون فوائد في أغلب الأحيان
ويبقى المستهدف بهذه النجدة التي ظاهرها فيه الرحمة
وباطنها من قبله العذاب هو الموظف ذا الدخل المحدود
ولحاجة الكثير منا لمسكن أو زواج أو سيارة أو حتى لتأثيث بيته
يلجأ مرغماً إلى هذا العالم المجهول الذي هو أشبه بأدغال الأمازون
ليجد وحوشاً تنتظره بأفواهٍ مفتوحة حيث ما أن يُخطِئَه أحدها
إلا ويقع ضحية الآخر ليجد نفسه أمام اتفاقية من عشرات الصفحات
لو قرأها خبيرٌ مالي لما فهم مغزاها الحقيقي قد صاغ بنودها
الجلاد لصالحه للإطباق على ضحيته التي لو استغاثت بأكبر مسئول
لما ألقى لها بالاً وكأني به يقول بالعامي
(دبّر راسك , ما أحد ضربك على إيدك)
فلا يوجد لدينا أصلاً ما يُسمى بحماية العملاء
فالبنوك دائماً على حق والمغلوبون على أمرهم هم المدانون
عند ذلك تذهب الأحلام أدراج الرياح
فلم نسلم من الدَّين ولم نستطع شراء مسكن أو حتى قطعة أرض
ليُشيّد عليها أبنائُنا بيت العمر بعد طول انتظارٍ لصندوق التنمية العقاري
ولكن يبقى لدينا الحُلُم فهم لا يستطيعون أن يمنعوننا أن نحلُم
فربما استيقظنا يوماً وقد تحققت أحلامُنا بعزّ عزيزٍ أو بذُل ذليل .