عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-03-2010, 03:49 AM
الصورة الرمزية أحمد العدواني
أحمد العدواني أحمد العدواني غير متواجد حالياً
عضوية شرفيه خاصة
 






أحمد العدواني is on a distinguished road
افتراضي [ الأذى الجبــان ]

السلام عليكم

...

هاتفني طالباً لقائي ..

ألفيته ـ بحسب طلبه ـ وعلى غير عادته بموقعٍ مكشوفٍ .. رمالٌ غضةٌ طرية نفترشها .. ومن فوقنا السماء ولا غيرها ..

مطرقاً رأسه مهموماً حزيناً بدا ..

لم أعهده كذلك ..

بعد السلام والسؤال عن الحال .. لاطفته .. أثنيت على حسن اختياره الموقع .. تجنبت سؤاله عما رأيت من همٍ وكدرٍ يعلوان ملامحه .. فأنا أعلم الناس بحاله .. كتوماً لأقاصي الكتمان .. كما خشيت نبش جرحٍ بداخله قاطع مدى العمران لينكأه ..

ثمة ما يريب .. !!

قبل استجماع قواي لتغيير قناعتي وسؤاله لاستجلاء ما يكابد لكتمانه .. بادرني .. كيف تراني ..؟؟

ـ عفواً .. ما تعني !!

= أنا .. أخلاقي .. تربيتي .. سلوكي .. رأيُكَ فيّ بتجرد .؟؟

ـ أضحكتني والله .. شهادتي بأمثالك بل بك أنت دون سواك مجروحة .. جاوز ما بيننا مراحل الصداقة والأخوة والخُلة .. وأخشى إن صادقت على إصدارها .. إعلانها .. إخراجها من جوفي أن تظن بي مجاملتك ومداهنتك .

= سألتك الله إلا صدقتني القول ؟؟

ـ حسناً .. ما عرفت والله أصدق ولا أخلق منك .. رقيق القلب .. حميد السجايا .. حكيماً .. حليماً .. بعيد المرامي .. عالي الهمة .. صادق النية .. مثالاً يُحتذى ..

= لتقسم لي ثانية على صدق ما تقول .

ـ أقسم لك .

= أتعلم .. أنا في مفترق طرق .. إما ظللتُ على ما أنا عليه وكيفما وصفتني .. أو أن أبدل حالي بحالٍ غيره .. هو النقيض ..

ـ وما الداعي يا رعاك الله وما الخطب ؟؟

= هناك من يحاول أذيتي .. ربما آذاني .. يستقصدني .. يبحث عما يعكر صفو حياتي .. ظاناً بحبوحة وهناء ما أنا فيه ..

ـ مَنْ يكون .. ولِمَ ؟؟ أتعرفه ؟؟

= قد يكون وقد لا يكون ..

ـ هل وصل لمبتغاه ونالك أذاه .. ؟؟

= قد يكون وقد لا يكون ...

ـ أيعرفك عن قرب وتعرفه ؟؟

= قد يكون وقد لا يكون ؟؟

ـ أراميٌ أنت إطالة حيرتي .. والفتك بي .. حسناً .. هل رددت أذاه .. رددت ثأرك .. أوجعته ؟؟

= لا لا لا وألف لا وحاشا لله ذلك .. هممتُ وبمقدوري ذلك .. آثرت الصبر والإستشارة والنصيحة .. قلت لك : تائه حائرٌ بين خيارين ..

ـ هون عليك أخي .. نصيحتي لك حباً فيك وللخير .. كن خيراً منه ودع الجبار المنتقم العدل الحق يأخذ بثأرك ويقتص لك .. فهو العالم المطلع سبحانه ..

= كيف لي تحمل ذلك ؟؟!! .. فما انفك ( لا سامحه الله ) يكرر محاولاته .. وما يؤلمني أن حاله عجيبٌ غريب .. هاوٍ للأذى .. محبٌ للشر .. طالب فتنة .. ورغم ذاك جميعه فخصومه ( من افترضهم ) من أمثالي .. ممن يدرك أن لا ثأر ولا قصاص ولا انتقام في قاموس حياتهم .. وأن الحلم والعفو والصفح سجيتهم .. ولك أن تتخيل أن شرّه وأذاه طبعه وأصل معدنه قادرٌ توجيهها لكثيرين منهم أناسٌ أعلم يقيناً حقدهم عليه ونبذهم لهم .. لكنه عاجز عن البحث عما يؤذيهم أو فعله ..!!

ـ ولما ؟؟

= يدرك أنهم نقيض حالي .. وأنهم ممن يجيد الرد على الأذية بمثلها وأضعفاها .. وأن بهم من الخبث والمكر ما الله به عليم .. ومثل ما حاز هو وأزيد منه ..

ـ ولذاك اختارك أنت ؟؟

= نعم ..

ـ اسمع أخي " أبا غائب " ( كنيةٌ تعارفت وصحبي مناداته بها ) .. رعاك الله .. لو خيرت بين ميادين الشجاعة والجبن أيهما تختار ؟؟

= الشجاعة دون شك ..

ـ إذاً الزمها واجعلها شعارك وسجيتك .. وكن كما عرفتك ..

= كيف وأنت كمن يطالبني بتجاهل سوء صنيعه ؟؟ أليس من الشجاعة أن أعاجله بما يؤذيه ويوقف عني شره ؟؟ وأن أرد له كيل الاذى كيلين ؟؟

ـ ظاهر ذلك " أبا غائب "شجاعة .. وحقيقته جبن ونذالة .. من جرُأ على طلب أذيتك لعلمه بسمو مبادئك .. ورقي أخلاقك .. ونقاء روحك .. وجهلك دروب الأذى والإنتقام .. وتمنعه بالمقابل عن مجرد المحاولة لإيذاء من يعلم موت ضمائرهم وجراءتهم على الشر والاذى وأنهم قساة جوابٍ على الأذى هو الجبان لا غيره ..

= نصيحة صادق محبٍ .. ؟؟

ـ نعم والله ولا مغشة فيها ..

= على الله الإتكال .. وفرج الله عنك كما فرجت عني ما بي من همٍ وكرب ..

***

(( سعيداً مبتهجاً غدوت )) فما أجمل ابتسامةً رأيتها على محياه .. وراحةً أحسستها بين حناياه .. وما أرق وأصدق قبلةً طبعها على جبيني شاكراً حامداً .. وثب كما الأسد أخرج من سيارته ( عدة الشاهي وحزمة حطب ) .. أوقد ناراً .. أعد لنا أبريق شايٍ .. كان الألذ والأشهى .. ارتشفنا منه طعم " صداقة الأخْوَة وأخُوّة الأصدقاء " ..

قبل الرحيل .. بصوت رخيم حانٍ : أحمد ..

ـ نعم .

= أعدك أن أكون الأشجع .. وأن أرى " أذى الجبان " حسنة تلاحقني أحرص كسبها .. وأن أظل كما عهدتني " أبا غائبٍ " الحليم النقي ..

ـ بُوركت ومن كل شرٍ حُفظت ..

= وداعاً أخي وصديقي .

ـ بل إلى لقاءٍ أخي وصديقي .

*********

أحمد العدواني

تحياتي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي