ما الخطب يا ساده ؟ .. ما بال أقوامٍ ينساقون وراء النداءات بتحرير
المرأة السعودية من تعاليم الدين الحنيف ؟
بل تقيء من حمل لواء ذلك بقولهم من أغلال الإسلام .
فمنذُ أن أسقط مصطفى كمال أتاتورك الخلافة الإسلامية بناءً على
انتمائه اليهودي وأعلن في عام 1924م أنَ تركيا دولةٌ علمانية بل
قال من زمرته بأننا سوف ننهج نهج الغرب ونأخذ كل ما أخذوا به
حتى النجاسات في أمعائهم وحتى يومنا هذا ما انفك الأتراك يُطالبون
بالانضمام للإتحاد الأوروبي دونما فائدة لأنهم لن يرضوا عنهم حتى
يكونوا يهوداً أو نصارى مثلهم .
وغير بعيدٍ عن ذلك قال طه حسين يجب علينا أن نسلك طريقاً واضحاً
للنهضة ولا سبيل إلى ذلك إلا بالسير وراء الأوروبيين ومشاركتهم في
الحضارة خيرها وشرها غثّها وسمينها , ورمت هدى شعراوي حجابها
تحت قدميها نكاية به وقام غيرها بإضرام النار به ونعته بسبب تخلّف
الأمة تأثراً وانبهاراً بالغرب الذي ربما له العذر في التحرر من دينٍ
وقف عائقاً أمام العلم والعلماء .
ولكن ما عذر أتباع دينٍ يُجل العلم والعلماء في التخلي عنه ؟
ربما انطبقت عليهم مقولة ابن خلدون (المغلوب مولعٌ بتقليد الغالب)
لقد تتلمذوا في مدارس الغرب وحملوا على عواتقهم تنفيذ مخططاتهم
في بلادنا وأصبحوا أبواقاً مأجورة لهم , فأُطلِقت النداءات وتعالت
الصيحات (أن تخلّصوا من الدين وارفعوا ستره عن المرأة) وذلك
لما أضفى وتفرّد به هذا الدين من حقوقٍ وأسبغه من نِعَمٍ لم تحظ
ولن تحظى بها المرأة في غير الإسلام , وهذا ما يؤرق أعداء الإسلام
وأذنابهم ويقض مضاجعهم , أن يروا المرأة معززة مكرمة مصونة
محترمة , فما هو السبيل للوصول إليها وجعلها سلعة رخيصة يمتهنوها
أنّى شاءوا وكيفما شاءوا إلا بالتلبيس عليها في دينها وزعزعة ثقتها
بحجابها .
إذاً المؤامرة واضحة لذوي الأحلام والنهى , ولكن المضحك المبكي هو
انقياد الإمعات يرددون كالببغاوات ويقهقهون كالقرود خلف دُعاةٍ على
أبواب جهنم ، فوصل بهم الإعجاب إلى أن أصبحوا مسلوبي الإرادة
يتشدقون بأقوالهم ويطبقون أفعالهم .
ولكن مهلاً ..
ألا تعطون لعقولكم فرصةً لإعمالها ؟
فلنتأمل إنجازات الدول العربية التي زجت بقيمها في منزلقٍ خَطِر
وجعلت من حالها فأر تجاربٍ وعبرةً لمن يعتبر .
فلم نر هذه الدول في مصاف الأمم المتحضّرة ولم نر الازدهار والعيش
الرغيد في مجتمعاتها أو تحسناً لأوضاع شعوبها المعيشية أو تقدماً
تقنياً واختراعات أُنجِزَت نتاج مزاحمة أكتاف النساء لأكتاف الرجال
في شتى الميادين , عدى ما يحصل في السينما أو على شاشات التلفاز
من تبرجٍ وسفور يتسابقن فيه الساقطات في عرض أكبر قدر ممكن
من عوراتهن للمشاهد المتوفى غيرةً ، فهذا الإنجاز قد سبقونا إليه
ولم تنل المرأة السعودية هذه الدرجة من الخزي بعد .
فهل نحن على درجةٍ من الوعي لما يحاك ضدنا من مكائد الهائمين
في بحور الغي والظلال ؟
ففي بلاد الحرمين عندما لم يستطع أذناب الغرب تنحية الدين جانباً
أخذوا في تمييعه واجتزءوا منه ما يوافق مصالحهم فتراهم يؤمنون
ببعضٍ ويكفرون ببعض وينعتون رموزه بالتخلف تارة وبالتشدد تارة
أخرى .
وهنا نسأل دعاة الانفتاحية المطلقة وأتباع الهوى , ما هو قولكم في
سيد الثقلين صلى الله عليه وسلم فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى . فقال : يا رسول الله إنه
ليس لي قائد يقودني إلى المسجد , فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن يرخص له فيصلي في بيته , فرخص له , فلما ولي دعاه فقال هل
تسمع النداء بالصلاة ؟ فقال : نعم . قال فأجب .
هل الحبيب صلى الله عليه وسلم متشدد ومتزمت وداعياً للغلو , أم أنه
الصادق الأمين الحريص على إبلاغ ما أُنزل إليه من ربه دونما زيادة
أو نقصان .
أضن بأن هؤلاء لا يستطيعون القول بأن هادي البشرية ومعلمها ورحمة
الله للعلمين كان فضاً غليظ القلب , ليس تورعاً عن قول ذلك أو حباً له
ولما جاء به من الحق ولكن خوفاً من أن يُفتَضَح أمرهم ويظهر للعامة
عوارهم وخبث نواياهم .
سوف نقف لكم بالمرصاد ونقول هذا هو ديننا , فيه حزمٌ ولين فالجنة
حُفّت بالمكاره وهي سلعةُ غالية لن ننالها حتى نُمَحّص ونضحي بشيءٍ
من حطام الدنيا ومُغرياتها
قال جل من قائل :
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)
جهاداً ضد الهوى وزلّاته والشيطان ونزغاته نغيض به أتباع الرذيلة
ونتقرّب به لرب الفضيلة وصبراً على الأذى في سبيل الله .
فلا تَهِنوا أحبتي ولا تملّوا ولا تستسلموا في سبيل الدعوة إلى الله والذب
عن حياض هذا الدين وأولياء رب العالمين وورثة الأنبياء والمرسلين
حتى وإن أرجف المرجفون وخذّل المخذّلون فسوف ينكصوا على أعقابهم
ويُردوا خاسرين .
فإن الله وعدنا وعدناً حسناً بأن العاقبة للمتقين .