عرض مشاركة واحدة
قديم 27-04-2010, 09:45 PM   #7
خليل الحريري
عضو متميز
 
الصورة الرمزية خليل الحريري
 







 
خليل الحريري is on a distinguished road
افتراضي رد: ❶ معاً يداً بيد لنفهم السنة النبوية سوياً ( متجدد ) ❶

حديث المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه} ( 2) متفق عليه.



هذا حديث عظيم، فيه الخبر من النبي
عن المؤمنين أﻧﻬم على هذا الوصف، ويتضمن الحث منه على مراعاة هذا الأصل، وأن يكونوا إخوانا متراحمين متحابين
متعاطفين، يحب كل منهم للآخر ما يحب لنفسه، ويسعى في ذلك، وأن عليهم مراعاة
المصالح الكلية الجامعة لمصالحهم كلهم، وأن يكونوا على هذا الوصف، فإن البنيان اﻟﻤﺠموع
من أساسات وحيطان محيطة كلية وحيطان تحيط بالمنازل المختصة، وما تتضمنه من
سقوف وأبواب ومصالح ومنافع، كل نوع من ذلك لا يقوم بمفرده حتى ينضم بعضها إلى
بعض. ذلك ويقويه، ويزيل موانعه وعوارضه.
.فالفروض العينية: يقوم ﺑﻬا كل مكلف، لا يسع مكلفا قادرا تركها أو الإخلال ﺑﻬا،
وفروض الكفايات: يجعل في كل فرض منها من يقوم به من المسلمين، بحيث تحصل ﺑﻬم الكفاية، ويتم ﺑﻬم المقصود المطلوب، قال تعالى في الجهاد


وأمر تعالى بالتعاون على البر والتقوى فالمسلمون قصدهم ومطلوﺑﻬم واحد، وهو قيام
مصالح دينهم ودنياهم التي لا يتم الدين إلا ﺑﻬا، وكل طائفة تسعى في تحقيق مهمتها بحسب
ما يناسبها ويناسب الوقت والحال. ولا يتم لهم ذلك إلا بعقد المشاورات والبحث عن
المصالح الكلية، وبأي وسيلة تدرك، وكيفية الطرق إلى سلوكها، وإعانة كل طائفة
للأخرى في رأيها وقولها وفعلها وفي دفع المعارضات والمعوقات عنها، فمنهم طائفة تتعلم،
وطائفة تعلم، ومنهم طائفة تخرج إلى الجهاد بعد تعلمها لفنون الحرب، ومنهم طائفة
ترابط، وتحافظ على الثغور ( 3) ومسالك الأعداء، ومنهم طائفة تشتغل بالصناعات المخرجة
للأسلحة المناسبة لكل زمان بحسبه، ومنهم طائفة تشتغل بالحراثة والزراعة والتجارة
والمكاسب المتنوعة، والسعي في الأسباب الاقتصادية، ومنهم طائفة تشتغل بدرس السياسة
وأمور الحرب والسلم، وما ينبغي عمله مع الأعداء مما يعود إلى مصلحة الإسلام
والمسلمين، وترجيح أعلى المصالح على أدناها، ودفع أعلى المضار بالترول إلى أدناها،
والموازنة بين الأمور، ومعرفة حقيقة المصالح والمضار ومراتبها.

وبالجملة، يسعون كلهم لتحقيق مصالح دينهم ودنياهم، متساعدين متساندين، يرون
الغاية واحدة، وإن تباينت الطرق، والمقصود واحدا، وإن تعددت الوسائل إليه.
فما أنفع العمل ﺑﻬذا الحديث العظيم الذي أرشد فيه هذا النبي الكريم أمته إلى أن
يكونوا كالبنيان يشد بعضه بعضا، وكالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر
الجسد بالحمى والسهر. ولهذا حث الشارع على كل ما يقوي هذا الأمر، وما يوجب
المحبة بين المؤمنين، وما به يتم التعاون على المنافع، وﻧﻬى عن التفرق والتعادي، وتشتيت
الكلمة في نصوص كثيرة حتى عد هذا أصلا عظيما من أصول الدين تجب مراعاته واعتباره
وترجيحه على غيره والسعي إليه بكل ممكن.
فنسأل الله تعالى أن يحقق للمسلمين هذا الأصل ويؤلف بين قلوﺑﻬم، ويجعلهم يدا
واحدة على من ناوأهم وعاداهم، إنه كريم.



(370/ 1) مسلم القدر ( 2664 ) ، ابن ماجه المقدمة ( 79 ) ، أحمد ( 2 )

. (405/
ﺑﻬجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار
2) البخاري المظالم والغصب ( 2314 ) ، الترمذي البر والصلة ( 1928 ) ، النسائي الزكاة ( 2560 ) ، أحمد ( 4 ) 30
خليل الحريري غير متواجد حالياً