عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-05-2010, 07:53 PM
عبد الكريم العدواني عبد الكريم العدواني غير متواجد حالياً
 






عبد الكريم العدواني is on a distinguished road
افتراضي البـيـعـة علــى بـعـضــهـا !‎





عقب الصلاة و قبل الخروج من المسجد أوقفني أحد المصلين يسأل عن كيفية التعامل مع ولده المراهق كثير الأسئلة ، و تشعَّب الحديث و طال حتى كنا آخر الخارجين ، و عند الباب توقَّف عند بائع خضراوات متجول كان قد بقي على سطح عربته مجموعة من الطماطم الجيدة ، و قليل من الكوسا التالفة ، وكمية مشابهة من الباذنجان الجيدة ، وكمية من الفاصوليا نصفها تالف و نصفها جيد ، سأله صاحبي عن سعر كل صنف ، ثم قال : و لو اشتريتها كلها بكم تبيعها ؟ فأعطاه سعراً آخر أقل ، فأجاب معقباً ، و لكنني لا أريد الفاصوليا التالفة ، و لا الكوسا أيضاً ، فقال الرجل و هو يحرك عربته و يهمُّ بالذهاب ، هذا هو سعري للبيعة على بعضها ، إن أردت أن تشتري فخذها كلها ، و إلا فاتركها كلها ، فقال : بل سآخذها كلها ، و بعد أن ملأ البائع الخضراوات في كيس واحد ، قلت : لم فضلت شراءها كلها مع ما بها من تالف ؟ قال : لقد آثرت أخذها كلها لأني وجدت أن الطماطم وحدها تستحق السعر الذي دفعته ، فكأنه وجد أن ما بها من حسنات يفوق ما بها من سيئات، وأن السعر المدفوع في الجيد منها يكفي لتغطية التالف .








افترقنا و أنا أفكر في هذا الأب و مشكلته مع ولده كثير الأسئلة ، و لأنه لا يعرف كيف يتعامل مع هذه الأسئلة الكثيرة ، حكم عليه باعتباره ( ملقوف ) - كما يقولون - مع أنَّ ابناً كهذا لو كان عند أبوين يملكان من المعرفة ما يمكنهما من الإجابة على أسئلته لأصبح عالماً مبدعاً ، باعتباره طفلاً يعاني من نهم و جوع للمعرفة ، هي أهم صفات المبدعين و العلماء ، و هو جوع يحتاج لإشباع من خلال إجابته على أسئلته أو توجيهه لمصادر المعرفة ، أو مشاركته في البحث عن الإجابة ، و مع ذلك فكثيرون هم الآباء والأمهات الذين يضجرون من مثل هؤلاء الأطفال مع أنَّ الخالق أمرنا أن لا ننهر أمثالهم : حين قال : « و أما السائل فلا تنهر» ، و المؤسف أننا أقنعنا أنفسنا أنَّ السائل هو فقط من يطلب الطعام و نسينا أن جوع العقل أعظم من جوع الجسد ، و أنَّ العقل تماماً كالجسد ، إذا لم نشبعه بالمفيد فسيُملأ حتماً بغير المفيد .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
بي شهوة الحلم القديم..
وضحكةً..
بعد التنائي..
قد اختفتْ !
أخر مواضيعي