الموضوع
:
صناعة الثقافة
عرض مشاركة واحدة
#
1
23-05-2010, 06:34 AM
فتى الجزيرة
صناعة الثقافة
ب
ما لم تتمكن كلمة من إثارة الجدل حولها في الأوساط العلمية و الأدبية أكثر من هذه الكلمة فهي على بساطتها وكثرة تدواولها على ألسنتنا ذات دلالات كثيرة بين سطحية وعميقة يتغنى الجميع بها ويدعون وصلها ولكنها لا تقر لأكثرهم بذلك .
يذمها التجار و يكبرها البسطاء أما الحكماء فإنهم يستخدمونها لخدمة أهدافهم وبلوغ مآربهم إذا أعجب الناس بشخص أسبغوا عليه وصفها و إن غضب منه آخرون لمزه بنعتها فما أعجبها من كلمة وما أكثر اختلاف الناس حولها
! وما أعنيه في هذا الموضوع إنما هو معنى الثافة الضيق المقتصر على المكتسبات الفكرية أما معناها الواسع ــــ الذي يشمل كل السمات الروحية والفكرية والمادية والعاطفية لفرد أو مجتمع ما ـــ فأوسع من أن يفي هذا الحيز بالحديث عنه .
تتأ لف ثقافة من الوسط الذي يعيش فيه وتتراكم على مرور السنين وقد تتغير أو تتطور بقدر ما يتعرض له من عوامل خارجية ثم يورثا لأبنائه من بعده حتى الثقافة صبغة مميزة لكل مجتمع عن غيره ففي المجتعات البدائية كانت الأجيال الجديدة واقعة تحت سيطرة البرمجة الثقافية بمقولات ذات صياغة محكمة و عبارات منمقة سبكها الآباء لتحكم مسيرة الحياة أو عن طريق قصص خيالية و أساطير أدمن الناس تداولها حتى غدت حقائق غير قابلة للجدل و بذلك أصبح هذا التراث منهجا يحتذى لكل الأجيال إذا ليس في الإمكان أبدع مما كان ولم يترك الأول للآخر شيئا . وقد تتطور هذه الصورة في العصر الحاضر لتظهر في شكل مذاهب فكرية أو أحزاب عقائدية ويتحتم على الانسان في ضوء هذا الواقع أن يتبع التوجه الغالب و سيكون أعلاها صوتا ــــ بالتياكيدـــ أكثرها قدرها على الاستقطاب وتكثير الأتباع وقد نعى القرآن الكريم على أولئك الذين عطلوا عقولهم عن العمل واكتفوا بمجرد إتباع الآباء [ وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتتدرون ] وحكى عن ظاهرة الآبائية وفشوها في مجتمعات كثير من الأنبياء عليهم السلام ونلاحظ أن حكاية القرآن الكريم لهذه الظاهرة لم ترد إلا بلفظ الجمع آباء للدلالة على أنه منهج في اتباع من سبق وليس لمجرد الانتساب و ذكر أن هؤلاء المخدوعين والواقعين تحت ضغط البرمجة الثقافية يتحسرون يوم القيامة على تعطيلهم وسائل الاتصال والفهم إذ لم يسمعوا لما أنزل الله وما جاءت به الرسل ولم يسمعوا لما أنزل الله وما جاءت به الرسل ولم يعقلوا حقيقة العقل الذي ينفع صاحبه و يوقفه على حقائق الأشياء وإيثار الخير ويزجره عن ذميم العاقبة فينادون في ذلك الموقف [ لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا من أصحاب السعير].
فتى الجزيرة
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها فتى الجزيرة