[احمد الزهراني]

رجع الصدى
في التاريخ عبرة
فرحان الفرحان
يتوسد النصر تاريخا مضيئا بالأمجاد والبطولات، بالرجال والنجوم، بالثراء الفني والفكري والمادي، تاريخا لا يمكن تجاوزه في حالات السرد والمباهاة، ولكنه يبقى تاريخا لا أثر له في صناعة المستقبل، إلا كقاعدة يبنى عليها مجد منتظر، خصوصا أن الفترة المتأخرة من هذا التاريخ البهي، والتي بدأت منذ الليلة الأولى التي وصل فيها فريق النصر من البرازيل، كانت أشبه بالمحرقة التي طالت الفكر والرجال والنجوم، بل إنها وصلت إلى مدرج الشمس الذي غادره عشاقه، بعد أن نددوا علانية بما جرى للفريق الذي نازل كبار أندية العالم في أول بطولة لأندية العالمية..
لست مع أسرى الماضي الذين يطالبون باستنساخ المراحل بذات الفكر وذات الرجال، ولست ممن يطالبون بشطب كل المراحل؛ نتيجة ظلامية مرحلة معينة، ولكن من يملك ذهنية متفتحة يدرك أن من لا يتغير سيتجاوزه الزمن، وأعتقد أن النصراويين أدركوا متأخرين هذه الحقيقة، فالنصر منذ مجيئه من بطولة أندية العام عام 2000 م وهو يعيش خارج الزمن، حتى أصبح فقيرا معدما على كافة المستويات، ولو لا هيبته وجماهيرته لربما انتهى به المطاف إلى التنقل بين الأرياف للعب مع أنديتها..
بالرغم من أن هناك أصواتا معروفة تنادي بعدم مغادرة أغلال التاريخ، إلا أن رياح التغيير هبت على النصر منذ مجيء إدارة الأمير فيصل بن عبدالرحمن، الذي كان مهندس النقلة العالمية، ويبدو لي أن التغيير الحالي يختلف عن التغيير الذي نقل النصر للعالمية، فهو تغيير يتسم بالوعي والعمق والشمولية، بينما التغيير السابق اقتصر على الداعمين والنجوم..
النصر الآن يعيش مرحلة الانقلاب على المفاهيم الجامدة، فالقوائم الشرفية أصبح لا مكان فيها إلا لمن يملك العطاء والسخاء، وسوق انتقالات اللاعبين شهدت دخول النصر على طريقة الأقوياء للمرة الثانية خلال موسم، وقاعدة صناعة النجوم بدأت مخرجاتها تصل للفريق الأول، والحراك الواعي فيها يقول إن المستقبل للنصر، ومدرج الشمس تعافى من إحباطاته وعاد يضيء مساءات الملاعب بمشاعل الشمس..
في النصر تاريخ مضيء، ولكن على النصراويين أن يتعاطوا مع هذا التاريخ، كمصدر إلهام يوقظ في نفوسهم أحلام الشموس، وأن يدركوا أن في التاريخ عبرة، يجب أن يأخذوها معهم في جميع خطواتهم على مسارات العودة، حتى لا يتكرر ما حدث لهم بعد رحلة البرازيل، وأن لا يسمحوا لمن لا يريد للنصر أن يتحرر من أغلال التاريخ أن يعيده من مشارف المستقبل إلى ذكريات الأمس، التي لا تصنع واقعا يجابه واقع الأندية الأخرى، إلا في جلسات السمر التي يتجاذب فيها المتحدثون أطراف الحديث بين كنتم وكنا، في جدل لا يغادر عتبات التاريخ، ولا يعرف اتجاه المستقبل