عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-06-2010, 03:37 PM
الصورة الرمزية براااق الحـــازم
براااق الحـــازم براااق الحـــازم غير متواجد حالياً
 






براااق الحـــازم is on a distinguished road
7 روايــة العــطـــــــــــــــر....قصة قاتل.




[aldl]http://img101.herosh.com/2010/06/09/70603852.jpg[/aldl] *

لم تحفل أوقاتي برواية لامست فكري كرواية العطر*, وصدقوني إني إلى هذه الساعة لم أجد لذلك تفسيرا. في علم النفس يقال أن لذلك علاقة بمرحلة الطفولة والتنشئة. لا اعلم؟ ولكن حين أحاول أن أتلمس هذا السر في طفولتي لا أجد أني كنت صاحب موهبة يمكن أن تلهب مخيلة شباب عائلتي. بل ازعم أني كنت صعلوك لا هم له إلا التسكع في أزقة مكه.
قرأت مئات الروايات وكل رواية من هذه الروايات عالم أحاول أن أتعايش مع خيال كتابة إلى حد التماهي.اقتنيت هذه الرواية قبل ستة أعوام حين أشار علي احد مرتادي عالم المكتبات بهذه الرواية, وهي من القطاع الصغير الذي يمكن أن يقرءا في يوم أو اثنان إذا ما تخليت عن جميع التزاماتك.


لا أريد أن ادخل إلى مضمون الرواية لكي لا افسد على من يود قراءتها, إلا أن اشد ما ألهب خيالي فيها هو هذه القدرة العجيبة التي يمتلكها هذا الإنسان البسيط. قدرة على الإبداع وتجاوز حدود المنطق والمحسوس. عرفت أناس لهم طاقات ومواهب غاية في الدهشة والفضول, لكني أقف أمام العلماء المبدعين الرسامين الكتاب والشعراء أصحاب التجارب الحقيقة وقفت احترام وتقدير.

الإبداع حين يكون إنسانيا يصبح جسرا لعبور الدين الجمال الفن والحياة. أن تكون مبدعا فأنت صاحب عالم من المواهب, ولذا يكون أعدائك هم السواد الأعظم, لكن خلفك..أما مريديك ومحبيك فقله من العيون المفتوحة والقلوب الجائعة.
رواية العطر ليست كأدب المنفلوطي, أو شطحات نجيب محفوظ, أو مدن عبدالرحمن منيف. هي شكل من أشكال الصرف الفكري تجاه الاحتفال بمـُلك الإنسان ومملكته.. ( غرنوي ) شاب معدم لا يملك إلا حاسة شم خارقة ورائحة جسد مفقدوه. معادلة غير متكافئة لكنها محور وجود وعالم من الحيرة والدهشة جعل هذا الشاب يستبيح عشرات الأرواح.تخيل انك تملك شي مفقود ثم يتمحور وجودك حول هذا العالم المفقود. عالم من الروائح والعطور في مقابل مفقود محير لا نفهمه إلا من خلال رحلة غرنوي. وكأن قصة الإنسان مع قضيته ملحمة للكون كله.


هذه البراعة ليس لها علاقة ببناء الإحداث وتتالي المشاهد.. بل أنها تفتح أبواب التساؤل حول مساحات شاسعة من الفكر والخيال لم تسلط عليها الأضواء. وكأنها عمودا اعتدنا وجوده في مكانه لعشرات السنين فلما اقتربنا منه اكتشفنا عالم حواه ذلك العمود لا حد له. ومع ذلك هو عمود مهمل, لكن تغيرت قيمته حين نظرناه من قرب وتقاطعنا مع شكله ومضمونه وقد نغوص في زمانه ومكانه. العالم الرقمي والخيال الافتراضي الذي نعيشه مربك فقط بصريا. لكن تبقي الخارطة الجينة لفكر الإنسان وإنسانيه ومكانه وطعم الأشياء من حوله جذور لا يمكن أن تجتث بكبسة زر.

لرواية العطر مفاهيم متعددة في تشاكـُل وتشكل مستويات من خطاب الذات المقهورة والأنا الضائعة... وإسقاطات هذه الروية على أحوال معاشه ينسحب على الكثير من التخبط في خطاب شعوب وثقافات أصيلة ومفاهيم قلب الطاولة وعقدة الهزيمة التي تلاحق الإنسان حتى بعد موته.
لقد افتقدنا الكثير من الحواس.
لكنا قد نملك شي عظيم.... هو فقداننا حاسة الإحساس بوجودنا في هذا العالم.



ــــــــــــــــــــ بقلمي 2010 ـــــــــــــــــــــــ
* هناك اكثر من صورة للغلاف هذه من اشهرها.
* هذا المنتدى هو الثاني اعيد فيه هذا الموضوع.

براااق الحـــازم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي

التعديل الأخير تم بواسطة براااق الحـــازم ; 09-06-2010 الساعة 03:49 PM.
رد مع اقتباس