عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 16-06-2010, 12:57 AM
الصورة الرمزية عساف
عساف عساف غير متواجد حالياً
.
 






عساف is on a distinguished road
افتراضي ثقــافـة أبو ريــالين وجــاري العزيـز ( جزئين )

الجــزء الأول


في إحدى الليالي وقي تمام الساعة الحادية عشرة قبل منتصف الليل بساعة

وإذا بجرس الباب يصيح بصوته المخيف : بالباب طارق ... بالباب طارق ؟!


فقلت اللهم أجعله طارق خير لا طارق شـــر 0

فخرجــت إليه مـسرعا ً ، و أنا ارتـدي الملابس المتعارف عليها ، كما جرت به العادة في فصل الصيف ،
وإذا به جــاري العزيز الذي لا نتزاور أنا و وإياه الا أيام الأعياد ،
وأحيانا ً قطوف كلام بعد الخروج من فروض الصلاة 0



فرحبت وسهلت ... ودعوته " لشرب فنجال من القـهوة في هذي الساعة المتأخرة من الليل 0

فأعتذر و نحو ذلك من الكلمات المحفورة على الذاكرة والألسن ،
و قال : أنا عندي إجازة ... و مسـافر غـــدا ً بعد العصر و !!! ؟ ،
ولم اتركه يكمل جملته فسألته بكل شفقة ولقافة .. بالسيارة وإلا الطائرة 0
فقال : بـــر إن شاء الله ، الجمـس موجود والسواق ومعاونيه جاهزين ! 0فقلت في نفسـي أكيد جاري العزيز ينقص عليه مبلغ زهيـد من تكاليف السياحة الداخلية!!!
و يبغى أقرضه مابقي من راتبي لهذا الشهر ( يستاهل) او لمعرفته انني من محبي السياحة الداخلية
و يرغب في تزويده بخرائط المدن و الخطوط و إحداثيات المنتزهات



وأسماء الاستراحات ، و أطيب مطعم....يغسـل القدور قبل وبعد الطبخ

و لكن ...الله يعطيه العافية خيب الظن والخُيلاء0
بقطع شريط التداعيات الفكرية من راسي ، بـمــد يده
نحـو عيني بقطعة حديدة يرافقها ، إبتسـامة رجاء ،

و لم أكد أتبين تلك الحديدة جيدا ًلصغرها و تساوي أسنانها مع الضروس لطول عمرها و كثرة استعمالها ، إنها بل أنه

مفتاح صندوق الجـرائد المثبت بجوار مدخل بيته العامر 0

و مع الابتسامة اتبع قائلاً : أنا مسافر ... وأبغاك تُمــر كل صباح على صندوق الجرائد

وتأخذ ما يضع موزع الجرائد بداخله " و هاك المفتاح 0
فقلت أبشــر و لايهمك ... حاضرين ... بيض الله وجهك - - أستودع الله دينك و أمانتك و خواتيم أعمالك 0
مشى وكلا ً يلوح للأخربأكُف الوداع ، دخل منزله و أنا كذلك عدت أدراجي إلى خلوتي
أفكر في هذا الجـارالمثقف الكريم كيف آثرني من بين جموع الجيران و شبكات أقاربه بهذا الكنز المعرفي و لمدة شهر ، أنمي حصيلتي الثقافية و أتزود بالأخبار العالمية و المحلية على حسابه 0
ولكن أتضح فيما بعد أنني في وادي الجيرة و الجمالة ، و جاري الذكي في وادي اللصوص والأمن الوقائي 0
فقلت لأبأس ... كلانا مـستفيد و حقوق الجار هي الأهم "

و بدأت لعبة توم و جيري (القط و الفار) مع موزع الجرائد ومن حماسي يجدني أغلب الأيام أنتظره


بجوار الصندوق الثقافي ،
انتهى الأسبوع الأول ثم أعقبه الثاني وبدأ الملل يصيبني من هذا العبء اليومي
من استلام .... ثم قراءه متأنية لما يُغسل قصدي ينشر
على بياض هذى الأوراق التي كانت بالأمس رمزا ً للطهـر والعفاف و البياض 0
ضعفت شهيتي للقراءة والأكل و أصابني شيء من الحموضة و عودة صديقي القديم

بعد ما انقطعت بيننا المراسيل وضاعت العناوين " القولون العصبي"

من الجهد الذي بذلته في المرور على كل شاردة و واردة ورابضة في تلك الجرائد 0
ما تركوا بابا ً ولا علما ً ولا فنا ً الا طرقوه و في زواياه أدخلوني ثم أخرجوني ولم أفهم شيئا ً
أكثر من فهمي لعنوانه المبهم 0

فقلت لنفسي اللوامة أصبري ، فإنما العلم بالتعلـُم والحلم بالتحلـُم ، 0
و لكن طال الأمــد و جاري لم يعـد وفي الامثال يقولون ( لكل أمـر نهايه اما جميلٌ او قبيح )

فأوقفت أولا ً : القراءة حفاظا ً على صحتي النفسية و لسلامة مراكز الخلايا العصبية ، من هـذا الهدير الصاخب 0


ثانيا ً : لم أعــد أسابق ذلك الـزول الى الصندوق الثقافي - ولكن الكرم الذي جبلوا عليه أبناء النيل لم يتخلوا عنه في غربتهم - فأكرمني
... بإزعاجي بطرق الباب كل يوم قبل قيام الجـِراء من مرابضها ،
لم يترك لي أي خيار بيض الله عمامته ذات السبعة الأمتار 0

ومن الطبيعي أن يتم الحفاظ على تلك الأعداد من الجرائد ....
و كل أسبوع كانت تلك المؤسسة الصحفية تتحفني بمطبوعة تسمى المجــلة تحوي العديد من الصور التي لا يقرها العرف و لا المنطق ولا الفطرة السليمة

فكنت أضعها في الصندوق الخلفي للسيارة ، حتى يعود جـاري فيستلم ما ابتلاني به ... 0
و في اليوم التاسع و العشرون راودتني فكرة يندى لها الجبين خجلا ً ،

غــدا الجزء الثاني

بقلم / عسـاف
رد مع اقتباس