عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 13-11-2013, 05:25 PM
الصورة الرمزية حصن الوادي
حصن الوادي حصن الوادي غير متواجد حالياً
 






حصن الوادي is on a distinguished road
Arrow كريم ،، في زمن الجوع !!!


ديننا الحنيف يدعونا إلى الكرم ،، والآيات والأحاديث الشريفة دليل ذلك.
والشيبان لهم تأثير على الأبناء بالترغيب في الكرم والترهيب من البخل.

يقول الله تعالى: ( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ).
وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصبحُ العِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزلانِ، فَيَقُولُ أحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا».
وفي حديثه عليه الصلاة والسلام يقول (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه).

ودائما ما أتذكر جملة كانت ترددها والدتي وأنا طفل لم أبلغ الرشد ،، وكنت أحسبها في حينها آيات قرآنية أو أحاديث نبوية ،، ولكنها كانت مقولة دارجة عند ذلك الجيل الذي ورثها أباً عن جد.
كانت تقول (الجيد حبيب الله ،، ومال البخيل لغيره).
وكلمة جيد هنا مأخوذة من الجود وهو الكرم.
بجد هذا المقولة التي كانت ترددها والدتي جعلتني آخذ إنطباع إيجابي عن الكرم من ناحية العرف وأن البخل وصمة عار ،، قبل أن أعرف مكانته في الدين.
.....................

أيام الجوع.
الكريم ،، كريم فعلاً دون إضافات براقه.
والصدقه ،، صدقه دون رياءً أو سمعه.
والسرقه حلال.

في تلك الأيام التي تقدر الأشياء بأثمانها الحقيقية ،، فالريال يرفع صاحبه مراتب فوق ذوي الجيوب الفارغه ،، واللقمه لها طعم وفاقه.

تلك الأيام التي كان فيها أغلب الناس عاجزين عن سد جوع أهل بيوتهم ،، نهايك عن إكرام ضيوفهم.
في تلك الأيام كانوا يدخرون ما يكرمون به ضيوفهم ثم بعد ذلك يسدوا جوعهم بما تبقى.

هنا البر وهنا الكرم والايمان.
(لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) ،، وماهو الأغلى والأحب من (العيش) في ذلك الزمن؟
...................

كما وصلتني القصة ،، والتي دارت أحداثها في الديره الشامية من بلاد زهران (بني حرير وبني عدوان).

القرية كحفلة غنائية صاخبة ،، فصوت الحادي فالجبل يزينه صوت المحالة على الأبيار ،، وصوت التصفير وصراخات أهل القرية يشعرك بحماس و روعة تلك الحفلة الغنائية الطبيعية.

في تلك المزرعة التي تقع على مشارف القرية رجل وزوجته ،، يسوقون ويحرفون الماء من قصبة إلى أخرى.
صوت المحالة التي تجرها السانيه كأنه صوت ربابة ينكأ جروح قلوب المحبين.
وصوت خرير الماء عندما يندفع من الغرب (شبيه للقربة) كأنه صوت شلال ،، يغسل الجسد من التعب والروح من الهم.
وعذوبة ذلك الماء ،، كعذوبة أرواحهم وحبهم.

عندما أتى رجلين وجلسا طرف الفلج ،، يشربون ويغسلون وجوههم ويرتاحون.
ويبين عليهم السفر ،، وأنهم طرقيه ليسوا من أهل الديرة.
سلموا على صاحب المزرعة بصوت مرتفع ،، تسمعه من طرف الوادي.
ثم تكلموا بينهما بصوت منخفض ولكنه مسموع.
قال أحدهما: ما يستضيفنا هذا الرجال؟
فأجابه الآخر: ما استضافونا طوال الشوارب ذولاك ،، خل يستضيفنا هذا (((( السلقه )))).

سمعهم ،، واعتزى بصوت منخفض (أبو فلان) ،، وكأني به يقول:أبو عوضه ( لإنتشار هذا الاسم في تلك القرى) واستمر في سقاية مزرعته.

جرحوه في كرامته ،، ذلك الذئب الطاوي وليس السلقه كما أطلقوا عليه هذا الأسم وهذا التشبيه الغير بليغ نهائياً.
ذلك الأسد ،، ذلك النمر ،، ذلك الفهد ،، ذلك الذئب ،، نكأوه في كرامته وشرفه ،، وشبهوه بال(سلقه) ،، وهو ليس سلقه لكن ظروف الحياة وشقاوتها جعلته نحيل الجسد.
بداخله روح عظيمة كريمة ،، ونفس شريفة.
...........
تركهم حتى استراحوا ،، ولما هموا بالرحيل.
قال لهم: ما ودكم تتغدون عنديه؟ (عزيمه بطرف لسانه ،، وماكان وده يوافقون عليها لأنه ناوي عليهم بنية لو راحوا معه البيت).
كانت الإجابة المذهولة منهم هي قبول تلك العزيمة أو العرضة بالأحرى.

قام الرجال ودعى زوجته.
وقال لها: روحي البيت واطحني كل الحب اللي معنا ،، وسوي ملى الصحفة عيش(ن) ،، وهبي فوقه ملى الطاسة سمن(ن).
قالت زوجته: وليش ذيه كله ،، ماهلا اثنين وأنت الثالث.
قال: سمعتي المكلام ،، سوي ملى الصحفة عيش(ن).
ذهبت الزوجة وفعلت ما أمرها به زوجها.
..............
وصلوا البيت ،، الضيوف والمضيف.
ودخل الرجل وشال الصحفة هو وزوجته كل واحد من طرف من ثقل الصحفة.
و وظعه قدام الضيوف.

وقال:
الأوله : الله يحييكم عداد من سرتم يا أعز الضيفان.
ورجع للوراء حتى وصل عند الزافر ،، واستندر الجنبية من جوف الزافر.
وقال:
والثانية : علي الطلاق لا تتوخرون وبعد في الصحفة لقمه ،، أني لأنثر أماعيكم فوق ذامعك العيش.
(هنا الخلطة السرية للزهارين بشكل عام ،، مزيج من الغزلة والكرم والشجاعة).

ضحك الضيفان بكل ثقه ،، ظناً منهم بأنهم قادرين على أكل مافي الصحفة كله.

وهم ياكلون ،، وهو واقف فوق روسهم يرحب ويسهل.
أكلوا ما يقارب ربع الصحفة.
قالوا: كثر الله خيرك وخلف الله عليك ،، والله أنها كفايتنا وما عاد نقدر نزيد.
قال: علي الطلاق لتاكلونها كلها وأنتم رجاجيل ،، لو كان ما تبيحونها إلا راس الأسبوع ،، وأنكم ما تقومون من فوقها وبعد فيها لقمة ،، وتاكلونها لحالكم ما أحد يشارككم فيها.

الضيفان كلوا ،، وتمغطوا ،، وتمددوا ،، وترددوا ،، وإلا والله مافيه فايده أبت تبيح الصحفة.

أخيراً غوم ذاك السمن فوق صدورهم (ما عليهم شرهه ،، لو أحد منهم يدني براسه بيخرج العيش والسمن من جوف مشدقه).

زوجة هذا الرجل سمعت الصوت أرتفع ،، وتأكدت أن الشر حصل بين الضيوف والمضيف.
جايت خارجه من البيت تدعي الجماعة يفكون الشر ،، وشافها زوجها وهي طالعة من الباب.
قال : علي الطلاق لين قطعتي السدة (الباب) ما عاد تروحين عليه.
بغت فيه يتعوذ من الشيطان ويفك ضيوفه ويخليهم يفلحون ،، وأبى الله منه.

جاء العصر ،، والضيوف تسدحوا عند الصحفة ،، وهو قيم(ن) فوق روسهم بالجنبية.
شويه يرحب ويسهل ،، وشويه يطلق لا تقومون من فوق الصحفة إني لأبعجكم بتالجنبية.

يوم شافت الموضوع تأزم ،، وتنقز من الطاقه ،، وتغدي تدعي الجماعة (العريفه ،، والفقيه ،، و روس الجماعة).
وترجع البيت ،، وتدخل من الطاقة ،، وتقعد في البيت وكأنها ما طلعت من البيت.

وشوية الرحمن وإلا الجماعة ملى المجلس.
قال علي الطلاق لا أحد يقترب منيه لأفقعه بتالجنبية.
صاحوا عليه الجماعة ،، ياللي ما تستحي ،، يا سويد الوجه ،، تطلق في ظهور ضيفانك.
قال: يقولون ميديه (سلقه) ،، وأنا بيتيه مجلس(ن) كله ،، و ما يخلا من الضيفان ،، وأنا رجال(ن) أضيف وأكيف.

قالوا الجماعة ما حصل إلا خير.
ويعطيه الفقيه ذيك الفتوى ،، أنك طلقت لياكلونها كلها وطلاقك بيتنفذ ،، بنعطيهم هذا العيش في خيشه(كيس) وياكلونه ألين يوصلون الطايف.
قالوا الضيفان: تم والله لناكله لحالنا ألين يبيح.

وبالقوة ،، وبعد ما حلفوا له ألين تشادقوا أنهم لياكلون ذاك العيش ،، زاد هداه الله وفكهم في حال سبيلهم.
..............

توادعوا جميعاً الضيوف وأهل القرية والمضيف ،، وكان وداع حار.
أنبهروا الضيوف من الكرم وطولة الذراع في ذلك الرجل النحيل.

إعجاب لدرجة أنهم اختاروه صديق لهم ،، ففي طريق الرجعة مروا على مضيفهم الزهراني ،، يحملون له ولزوجته الهدايا التي جلبوها من مكة ،، كعربون صداقة.
ودامت تلك الصداقة الحميمية ،، على قولة المثل (ما بعد العداوة إلا صداقة).
................
وأصبحت قصة تروىى.
بما فيها من قسوة حياة ،، وكرم و وفاء وشجاعة رجال ،، ودهاء نساء ،، وطرفة لمن أراد الضحك.
ودرس وعبرة لمن يعتبر ،، فلا تغررك المظاهر ولا تحتقر الرجال ،، ولا تساورك الشكوك في كرم أبناء زهران سراةً وتهامة.

رحم الله الأموات ،، وأطال أعمار الأحياء على الطاعة وحسن الخلق.

.............
(سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

أغداً ألقاك !!؟؟
يا خوف فؤادي من غدِ
يا لشوقي واحتراقي في انتظار الموعدِ
آآآه كم أخشى غدي هذا ،، وأرجوه اقترابا
أخر مواضيعي
رد مع اقتباس