[ابو عدوان]

2/ كرّر الأستاذ مصطفى السقا - في محاضرة له عن كتاب "البيان والتبيُّن" للجاحظ - تعريف أرسطو للإنسان بأنه: "الحي الناطق الميت"، فاستشكل ذلك الأستاذ صقر - مقالاته: ص92 - إذْ: "كيف يكون حيّا ميّتا"؟!، وذكر أنّ الأستاذ السقا اعتمد على نسخة محرّفة، ثم استظهر أنّ صواب "الميت": "المبين". أقول: "المُبين" هكذا في "البيان والتبيُّن"، ولعلّ الأستاذ السقّا أراد ما في نفس الجاحظ لا ما ورد في مطبوعته محرّفا - فيما يبدو -، وصوابه: "الميت"، والمراد: أن الإنسان محتمل لذلك. وفي بعض المصادر: "المائت"، وبعضها: "ميتة" أي: نفس الإنسان، وهذا ممّا يؤيّد صواب: "الميّت"، بالإضافة إلى أنّ "الميّت" تفيد معنى جديدا بخلاف "الناطق المبين" فكأنه تكرار؛ فإنّ "النطق: إنما يكون لمن عبّر عن معنى" - كما في "التاج" -.
والشيء بالشيء؛ ففي "الظاهرة القرآنية" لمالك بن نبي: "الإنسان حيوان ديني". وعرّف كاسيرر في كتابه "مقال عن الإنسان" الإنسان، بأنه: "حيوان صانع للرموز". ووجهه: أنّ أهم ما يتميّز به الإنسان على سائر الكائنات قدرته على التفكير الرمزي والسلوك الرمزي. انظر: "تراث الإنسانية" 5: 383. وفي بعض كتب الجاحظ: "الإنسان العالَم الصغير، سليل العالَم الكبير"؛ وإنما كان ذلك كذلك: "لِمَا وجدوا فيه من جمع أشكال ما في العالَم الكبير". وفي الباب غير ذلك .. والله تعالى أعلم وأحكم.