عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 31-07-2013, 12:35 AM
الصورة الرمزية حسام العامري
حسام العامري حسام العامري غير متواجد حالياً
 






حسام العامري is on a distinguished road
Post عادات رمضان عند قبيلة بني عامر الدوسية الزهرانية


عادات رمضان عند قبيلة بني عامر (الملالحة) الدوسية الزهرانية
بقلم الباحث: حسام أبو العوايد العامري



نتحدث عن العادات والتقاليد المتلازمة مع شهر رمضان الكريم عند قبيلة كريمة من القبائل الفلسطينية الأصيلة وهي قبيلة بني عامر (الملالحة) الدوسية الزهرانية , وعن كيفية استقباله عندهم , وجل هذه العادات قد تجدها عند القبائل البدوية , لكن هناك خصوصية للعوامرة , نبيّنها ونصف عاداتهم القديمة خلال شهر رمضان المبارك , والتي رغم تقادم الزمن وتغيره لا زالت تحمل نفس العبق والأصالة .

فلقبيلة بني عامر (الملالحة) المنتشره على طول الساحل الفلسطيني - من بصة الفالق شمالأ مروراً بروبين وسكرير وحتى العريش وبئر العبد جنوباً - عادات وتقاليد متوارثة منذ مئات السنين خلال شهر رمضان الفضيل . فبالرغم من تسلل مظاهر الحياة الاجتماعية الحديثة إلى حياتهم لا يزالون يحتفظون بهذه العادات المتوارثة التي يستقبلون بها الشهر الكريم ويحييون بها لياليه .

ويجب أن نذكر قبل كل شي أن هناك ميزه عند قبيلة بني عامر (الملالحة) الدوسية الزهرانية وعند القبائل البدوية عامة وهي معرفتهم بمطالع الشهور القمرية ومنازلها , وكذلك لديهم علم بمواقع وأسماء العديد من النجوم في السماء , التي يهتدون بها في مسيرهم ليلاً , خلافاً لما تنبئهم به من أحوال الطقس , فيقولون مثلاً " إذا شفت سهيل لا تامن السيل " , وسهيل نجم في السماء وعادة ما يترافق ظهوره مع نزول المطر , وخبرتهم هذه جاءت لطبيعة حياتهم ومساكنهم وما ألفوه من ترحال .

فهم يترقبون رؤية الهلال ليس في رمضان فحسب , بل ألفوا أن يرصدوا كل شهور السنة . لكن استطلاعهم لهلال رمضان له طبيعة خاصة لما يمثله الشهر الفضيل من قيمة لديهم , فهم يترقبوا الهلال بالصعود على مكان مرتفع ومشرف كالهضاب أو القمم الجبلية , أو من على السواحل - كون غالبية مساكنهم بجوار البحر - .

ولقبيلة بني عامر (الملالحة) الدوسية الزهرانية مقولة – أُخذت من خلال تجربتهم - لم تخطئ أبداً هي قولهم أن "خامس الصوم صوم" بمعنى: أنه إذا صام الإنسان في العام السابق مثلا يوم السبت فعليه أن يعد خمسة أيام ليكون الصيام هذا العام الأربعاء مثلاً . ومن مقولاتهم "يوم مسحركم يوم منحركم" بمعنى: أن اليوم الذي تتسحرون به يكون هو نفسه يوم عيد النحر (الأضحى) .

ومن عاداتهم قبيل حلول شهر رمضان بأن يقيموا مأدبة كبيرة في الجمعة الأخيرة من شهر شعبان , وتدعى هذه الجمعة باسم " المطلة " , وتكون هذه المأدبة عادة عن روح أمواتهم ويسمونها " عشاء الميت " , وهي ذبيحة تذبحها أسرة أي متوفى مات خلال هذا العام ترحماً على روحه، حيث يتم الدعاء للمتوفى وقراءة الفاتحة على روحه ومن ثم تناول الطعام.

ولشهر شعبان خصوصية عندهم , فهم يسمونه " القْصَّيّْر " لتواتر مجيئه منقوص يوم أي 29 يوم , وفيه يوم يتسامح فيها الكبير والصغير ويطلقون عليه " يوم المسامحة " , وهو الخامس عشر من شعبان , وفيه يتسامح الناس من بعضهم أي يطلبون الصفح والمسامحة , وهم في شعبان كذلك لا يتقدمون لخطبة النساء لإعتقادهم بحتمية فشل هذه الخطبة مستقبلاً , وكذلك لا يبدؤون بعمل "شقاق" بيت الشعر , أي لا يبدءون بصنع بيت الشعر فيه .

ومن تحضيراتهم لإستقبال الشهر الكريم كانوا يشترون المؤن التي تكفيهم طيلة الشهر من القرى المجاورة , أو من خلال البائعة المتجولين "الدواجين" , ومن هذه المشتريات "القمردين" على شكل ألواح , والتمر والقطين , والبن , وسكر قوالب – وكان منه على شكل إبريق بغلاف ازرق- , وعدس بلدي وغيره , وهم قديماً لا يعرفون الشاي ولا يشربونه , بل كباقي البدو مشروبهم الرسمي هو القهوة العربية , ولكن تسللت عادة شرب الشاي أيام الإحتلال الإنجليزي للبلاد .

وعند ثبوت الرؤية لهلال الشهر الكريم , يتجهز العوامرة للصيام ويعقدون النية لصيامه وقيامه , وفي وقت السحور يستيقظون بمفردهم قبيل الأذان , ولم يكن هناك من يوقظهم , لأن نمط حياتهم يفرض عليهم الإستيقاظ مبكراً , فهم معتادين على ذلك . وهم يستدلون على مواعيد الإفطار والسحور بحركتي الشمس والنجوم حيث لم يكن موجودا لديهم مذياع أو تلفاز أو كهرباء فكانوا يستدلون على موعد أذان المغرب بمراقبة الشمس بالعين المجردة والاستدلال على وقت الغروب فيفطرون، كما كانوا يستدلون على مواعيد السحور والإمساك بمراقبة حركة النجوم وتحديد موعد أذان الفجر.

ويحرص كل فرد من أفراد القبيلة طوال شهر رمضان المبارك على الإفطار سوية في ديوان شيخهم كبير العشيرة ويصطحبون معهم أطفالهم لتعويدهم علي العادات والتقاليد السائدة‏ , ولزاماً على كل فرد منهم إحضار إفطاره معه , مما تيسر من أنواع الطعام لديه , وتوضع كل الاطباق على مأدبة كبيرة .

ويسبق إعداد الإفطار إشعال النيران والمواقد المتوهجة حتى يقبل عليها الضيوف أو عابري السبيل , ويتوافدون على ديوان الشيخ , ويكون للضيف إهتمام خاص حيث تترك له مائدة مستقلة‏.‏

ثم تتم مراقبة غياب الشمس لمعرفة موعد الإفطار , ولم يكن في ذلك الزمان ميكروفون ولا تيار كهربائي ، فعندما يرون غياب الشمس يقول أحدهم " أوجبت " أي حان وقت الإفطار , وقد يسمعون صوت مدفع من القرى المجاورة , ويتحاشد الأولاد عادة لمشاهدة غروب الشمس وإذا غربت ينطلقوا معلنون بذلك , فيقوم المؤذن برفع الآذان ، ثم يشربون الماء ويتناولون التمر ، ويصلون صلاة المغرب جماعة ، ثم يقبلون على طعام الإفطار , ويجلس كل فرد في أقل مساحة ممكنة حتى يكون هناك متسع لآخرين‏,‏ فيأكل كل فرد من جميع الأطباق الموجودة دون فارق‏.‏حيث يتناول الغني طعام الفقير ويتناول الفقير طعام الغني‏.‏ وهذا من صور التكافل الاجتماعي لديهم في الشهر الكريم .

أما بقية البيوت فكانوا يتبادلون آنية الطعام بينهم ، قبيل موعد الإفطار ، والجدير بالذكر هنا أن مساكنهم كانت قريبة من السواحل وبعيدة عن المدن وبالتالي ليس قريبون للمساجد ، ولذلك كانوا يقيمون الصلاة جماعة في ديوان شيخهم . أما صلاة الجمعة فكانوا يذهبون إلى المساجد الموجودة في القرى الكبيرة أو المدن الأقرب لتجمعاتهم .

ومعظم طعام العوامرة في رمضان مكون من اللحم , ويعد "المنسف" من أشهر الأطعمة التي يتناولوها في رمضان. وهو عبارة عن فتة لحم يكثر فيها الخبز ولا تضاف لها خميرة، ومن أطعمتهم الثريد وهو مكون من الدقيق واللحم. وتعتبر الفتة – سواء مع اللحم أو السمن أو الحبوب كالعدس - عنصر أساسي على موائدهم تكاد لا تخلو منها مائدة , ومن طعامهم كذلك الفطائر المصنوعة من الطحين والسمن , ويستخدم السمن البلدي الحيواني والزبد في طهي الطعام , وهم لا يأكلون السمك في رمضان‏.‏ ويحرصون أن يتماشى طعامهم مع الظروف الجوية والمناخية ودرجة حرارة الجو في رمضان، وبما يقيهم العطش والبرد أو الحر في النهار. ففي الشتاء والخريف كانوا يعتمدون في أكلاتهم على الأغذية الجافة التي تعطي الطاقة مثل العدس، وفي الصيف على عجر البطيخ (وهو البطيخ الصغير فى مراحل نموه الأولى) ، وفي الربيع كانوا يعتمدون على لبن الماعز.

والعوامرة لا يأكلون على موائد مرتفعة لاعتقادهم أنه لا يجب أن يكونوا أعلى من الطعام، وأن الأكل على موائد منخفضة سنة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم- وكذلك الأكل باليد اليمنى , فهم لا يستخدمون الملاعق في تناول الطعام.

والتكافل الاجتماعي أهم ما يميز المجتمع العامري والبدوي عامة , حيث تتكفل القبيلة بسد احتياجات المحتاجين والفقراء من أهلها , ففي هذا الشهر الكريم تجمع الزكاة وتوزع على المحتاجين من أبناء القبيلة .

ومن صور التسامح لديهم في الشهر الكريم إيقاف جميع المشاكل , والقضاء العرفي يقف تماما في هذا الشهر , ويحاول القضاة العرفيين إنهاء أي خصومات قبل قدوم الشهر , حيث يتم إرسال بعض المقربين من طرفي النزاع لتقريب وجهة النظر لإنهاء الخلاف أو التعهد بعدم تعدي أي طرف على آخر خلال شهر رمضان حتى يتم عقد مجلس عرفي لإنهاء الخلاف ويطلق على ذلك اسم (عطوة). والمجالس العرفية تعقد بعد عيد الفطر بستة أيام .

وبعد أن يتناول العوامرة الإفطار ويؤدوا صلاة العشاء والتراويح , يحتسون القهوة ، ويتسامرون ويتحدثون لفترة طويلة من الليل في ديوان شيخهم , و عند إقتراب العيد يحتفلون بقدومه بعقد حفلات للسمر يرددون فيها الأشعار والأغاني البدوية كما يقوم الرجال بالأداء الحركي المصاحب للغناء بما يطلق عليه الدحية والمربوعة والبدع والرزع، وهي احتفالات مقتصرة على الرجال دون النساء.

أما النساء فإنهن يحرصن على زيارات بعضهن البعض , وتقوم الأسر العامرية بتنظيم زيارات في شهر رمضان لبناتهن ممن تزوجن وارتحلن مع أزواجهم ليشعر أصهارهم بمكانة الابنة وقدرها عند أهلها .

كتبه الباحث: حسام أبو العوايد العامري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
للتواصل مع حسام العامري
www.facebook.com/hussam3amry
أو صفحته الرسمية
www.facebook.com/hussam3amry.page
أو صفحة قبيلة بني عامر (الملالحة) الدوسية
www.facebook.com/bny3amr
أخر مواضيعي
رد مع اقتباس