عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-07-2007, 08:18 AM
الصورة الرمزية صوت من زهران
صوت من زهران صوت من زهران غير متواجد حالياً

قلم مميز
 






صوت من زهران is on a distinguished road
افتراضي أزد عُمـان وأزد تنوخ .. بقلم / أ- عبد الله الجابري الزهراني

هجرة قبائل الأزد , والاختلاف حول أسبابها وفتراتها

من أعظم الهجرات وأقدمها هجرة الأزد عن أرض مأرب باليمن , تلك الهجرة التي أختلف حولها المؤرخون التاريخيون اختلافاً طويلاً , عندما ذهب بعض المتقدمين منهم إلى أن تلك الهجرة كانت بسبب انهيار بعض جوانب سد مأرب , حيث كانت القبائل الساكنة بأرض مأرب تقوم بإصلاح الأجزاء التالفة من أجزاء السد المرة تلو المرة , غير أن كثرة الانهيارات المتتالية لأجزاء السد وكثرة الإصلاحات الغير مجدية , دفعت بقبائل الأزد للرحيل على شكل موجاتٍ متقطعة بينها عصورٍ متباعدة من الزمن .

أما أصحاب الرأي الثاني فقالوا برحيل قبائل الأزد عن أرض مأرب لسبب ضيق المكان بالسكان , ويبقى هذا الرأي أحاداً عند مقارنته بحجج الفرق الأخرى .

أصحاب الرأي الثالث قالوا بأن قبائل الأزد رحلت دفعةً واحدة إثر خراب السد وانهياره , وهذا رأيٌ اتفق عليه كثير إلا أن حجج بعض المؤرخين جعلت منه رأياً ضعيفاً , خصوصاً وأن السد لم يُخرّب إلا جزءاً بسيطاً من أرض اليمن , وأرض اليمن ليست بذلك الصغر أو الضيق الذي يدفع بتلك الأفواج إلى النزوح و الترحال .

أصحاب الرأي الرابع قالوا بأن تلك الهجرة كانت قُبيل انهدام سد مأرب , بعد أن اتضح لتلك القبائل الخطر الداهم الذي كان ينتظرهم , وقد كان رحيل القوم دفعةً واحدة .



الهجرة إلى أرض عمان

من أعجب الخلاف وأطوله ذلك الخلاف الطاحن حول هجرة الأزد إلى عمان , فقد حفظت لنا تراجم التاريخ والسير الكثير من الأخبار المتشعبة والآثار المتناقضة , والتي تحتاج بحقٍ إلى كثيرٍ من التدقيق , ومزيدٍ من الضبط .



الرأي الأول : بعد هجرة الأزد من أرض مأرب سار القوم حتى وصلوا إلى مكة , وكان بأرض مكة آنذاك بني جرهم , فاستأذن الأزد من بني جرهم النزول معهم , ومشاركتهم السكنى , إلا أن جرهم رفضت طلب الأزد , فاقتتل القوم , وانتصرت الأزد , و أُرغمت جرهم على الجلاء من أرض مكة .
غير أن مرض الحمى كما ورد في بعض الآثار نزل ببني الأزد في تلك الديار , ولأن القوم يجهلون مرض الحمى بتلك الديار فقد طلبوا من كاهنتهم ( طريفة ) أن تخبرهم بأمر ما حل بهم بعد أن شكوا إليها شدة الأمر فقالت طريفة ( قد أصابني الذي تشكون منه، وهو مفرق بيننا ) . قالوا: ما ترين ؟ قالت: فيكم ومنكم الأمير، وعليّ اليسير.
قالوا: فما تقولين.
قالت: من كان فيكم ذا هم بعيد ، وجمل شديد ، وزاد عتيد ، فليلحق بقصر عمان المشيد.
فتوجه بعض بني الأزد إلى أرض عمان .


الرأي الثاني .. قول ابن هشام في كتابه التيجان - بعد هجرة الأزد من أرض مأرب , سار القوم مع عمرو بن عامر مجتازين يرتادون البلدان حتى وصلوا إلى أرض عك , وبعد تجاوز القبيلتين زمناً حدثت بينهما حربٌ , فسارت الأزد إلى بلاد همدان فوقع بين القبيلتين قتال كان النصر فيه للأزد , إلا أنهم ارتحلوا بعده إلى بلاد مذحج وبعد قتال وقع الصلح , غير أن الكاهنة طريفة قالت لقومها من أبناء الأزد :

نحو السراة عجلوا الرحيلا لا تجعلوا من دونها بديلا
أصبح وجه الأرض مستحيلا

فسارت نصر بن الأزد إلى عمان والبحرين .



الرأي الثالث .. قول أبو فرج الأصفهاني في كتابه الأغاني – لما أرسل الله سيل العرم على أهل مأرب – وهم الأزد – قام رائدهم فقال : ........ ( ومن كان منكم ذا همّ بعيد , وجملٍ شديد , ومزادٍ جديد , فليلحق بقصر عُمان المشيد , فكان الذين نزلوه أزد عمان )


الرأي الرابع .. قول الهمداني في كتابة صفة جزيرة العرب ( بتصرف) - بعد هجرة الأزد من أرض مأرب , سار القوم مجتازين يرتادون البلدان حتى وصلوا إلى أرض عك , وأقاموا بها ما أقاموا حتى وقعت الفرقة بينهم وبين كافة عك , فساروا إلى الحجاز فرقاً ( لم يحدد بوصف الحجاز ), فصار كل فخذٍ منهم إلى بلد فمنهم من نزل السروات , ومنهم من تخلف بمكة وما حولها , ومنهم من خرج العراق , ومنهم من سار إلى الشام , ومنهم من رمى قصد عمان واليمامة والبحرين .

الرأي الخامس .. وهو الثابت لدي , قول صاحب تاريخ الموصل - بعد هجرة الأزد من أرض مأرب , سار القوم حتى نزلوا بأرض السراة , حيث مكثوا بتلك الأرض نيفاً من الزمان , قبل أن يتفرقوا في شتى البلدان , ومن بين أولئك القوم الذين نزلوا بأرض السراة قومٌ رحلوا إلى أرض عمان , حيث سمّوا فيما بعد بأزد عمان .


الملك مالك بن فهم وهجرته إلى أرض عمان

أختلف المؤرخون التاريخيون حول هجرة الملك مالك بن فهم إلى أكثر من قول :

1- أن الملك مالك بن فهم رحل مع بعض أبناء قومه إلى أرض البحرين , حيث تحالف في تلك البقعة من الأرض مع بعض عرب تهامة , و اتفقوا على التنوخ أي المقام ولذلك سموا بالتنوخيين .
و يُكمل أرباب ذلك القول التاريخي طرح رأيهم عندما قالوا ( بعد أن تحالفوا في البحرين تطلعوا إلى ريف العراق وتمكنوا من الاستيلاء عليه، وكان أول ملك عربي هناك مالك بن فهم الذي مات بالعراق و دفن فيه .)

2- أن الملك مالك بن فهم تحالف في أرض البحرين مع العرب الآخرين هناك وسميّ أصحاب ذلك الحلف بالتنوخيين , غير أن الملك مالك بن فهم لم يذهب إلى أرض العراق , فبعد أن أختلف مع أبناء حلف تنوخ , عاد من البحرين ماراً بأرض الأمارات , حتى وصل إلى أرض عمان, حيث فوجئ بوجود الفرس بها , واقتتل مع حاكمها المرزبان الفارسي اقتتالاً شديداً انتهى بانتصار مالك بن فهم , حيث أصبح أول ملكٍ عربي على أرض عمان .
وهذا الرأي هو رأي بعض المؤرخين العمانيين أمثال الأزكوي في كتابه كشف الغمة , وابن زريق في كتابه الشعاع الشائع باللمعان, وجميع تلك الآراء التي نقلها مؤلفو عمان كانت منقولة وموافقة لما نقله ابن الكلبي .

3- الرأي الثالث أن الملك مالك بن فهم رحل حتى نزل بأرض تنوخ مُحالفاً القبائل التي كانت بتلك الديار , ويستدل أصحاب هذا الرأي بخبرٍ تاريخي مفاده أن ابن الملك الحِميّري ياسر يهنعم ذلك الابن المسمى شمهر يرعش قد تقدم بجيشه شمالا وغزا ارض تنوخ فوجد فيها قبيلة ( أسد ) , حيث ذهب أرباب أولئك القول بأن كلمة ( أسد ) المقصود بها ( أزد ) وعلى ذلك فالملك مالك بن فهم رحل إلى أرض تنوخ , ومن أبنائه وعَقِبهِ انتشر العرب الذين فتحوا من أرض الرافدين حتى سواحل الخليج انتهاءً بأرض عمان وجبالها .

4-القول الرابع وهو قول أبو البقاء الحلي أن مالك بن فهم رحل إلى أرض العراق ( فقالت طريفة اليوم أخصكم البيان , من كان يريد بلداً عالياً وعيشاً آنياً، وملكاً دانياً، فليلحق بالشرق معالياً، فلحق قوم منهم بالعراق. ومنهم مالك بن فهم وأهل بيته في جماعة من الأزد. ) وقال بذلك القول أيضاً علي بن الحسن الخزرجي (ثم قالت: ومن كان يريد الثياب الرقاق والخيول العتاق والكنوز والأرزاق فليقصد مناهج العراق.فسار إليها مالك بن فهم الأزدي في قبائل من قومه فغلبوا عليها وصاروا فيها ملوكا فيهم ملوك الحيرة قبل ملوك لخم. )

5- القول الخامس وهو الأرجح لدي , ولدى عددٍ كبير من أرباب التاريخ أن الملك مالك بن فهم رحل من أرض سراة الأزد إلى حضرموت , ومنها دخل إلى أرض عمان وفي ذلك يقول مالك بن فهم :
قُدنا الجياد الصفون من يمنٍ *** إلى عمان بجحفلٍ لجبْ
ومن ثم هاجر مالك بن فهم إلى أرض تنوخ , وبعد فترةٍ من الزمن رحل مرةً أخرى إلى ريف العراق , وفي العراق أصبح مالك بن فهم ملكاً على الكثير من أبناء قومه , والكثير من أبناء القبائل الأخرى .
رد مع اقتباس