عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23-04-2008, 11:36 AM
mosa519 mosa519 غير متواجد حالياً
 






mosa519 is on a distinguished road
افتراضي الزواج في قرى بني حسن لموسى الفقهاء

بعض العادات في القرية : ( الزواج )...
مع حلول وقت الزواج تتشكل لوحة اجتماعية رائعة ،يشارك في إعدادها كل أهل القرية من شيب وشباب،ونساء وفتيات ،وصبيان القرية ،لكل واحد منهم دور محدد، وتتجلى في هذا اليوم صور المشاركة الوجدانية وتتجسد صور التعاون والتكاتف الاجتماعي ،فالكل يقدم خدماته بصفة تطوعية للضيوف والزوار.
إلا أن الزواج قديما كان له طعم خاص وأي طعم ، يتميز بحضور مكثف للجميع نساء ورجالا ابتداء من بعد صلاة الفجر يوم الزواج ،للمساعدة في الذبح والصلخ وتجهيز وجبة العشاء ،كما أن روح الألفة والأخوة تسود بينهم ، وكان جميع أفراد القرية يقومون بخدمة الضيوف ،وكانت هذه العادة جزءا من حياة رجال القرية ، أما إذا كان الزواج من خارج القرية فإنّ المسؤولية تزداد وتتضاعف ، لأن الضيف ، ضيف الجميع .
وكان سن الزواج بالنسبة للفتى لايتجاوز الخامسة عشرة إلى الثامنة عشرة ،أما بالنسبة للفتاة فهي مابين الثالثة عشرة إلى السادسة عشرة ، ولذا فإن كل أسرة كانت تسعى لأن تزوج فتيانها في سن مبكرة بغرض الإنجاب السريع، ولحاجتهم إلى الأيدي العاملة في مجال الزراعة والرعي ، كما أن الزواج المفضل لدى مجتمع القرية هو الزواج من الأقارب عدا المحرمات .
أما العروس فتنطلق من بيت أهلها والنساء يحطن بها ، وهي تزف إلى بيت العريس بعد صلاة العصر وكانت تسمى تلك الزفة بالجرّة، حيث يسير مع العروس مجموعة من النساء يضربن الدفوف ويرددن مجموعة من الأغاني الشعبية ، والكل يتفرج وسط الزغاريد وأصوات الدفوف ، وكان جهاز العروسة الذي يتكون من ملابسها الخاصة توضع في السحارية وتحمل على الجمل الألحفة والسجاد وتركب العروس على ظهر الجمل كما أن الرجال لهم فلكلورهم الخاص بهم تم التطرق له سابقا .
وعندما تصل إلى بيت العريس تخرج أم العريس ومعها مجموعة من النساء يرددن عبارات الترحيب ،ثم يجلسون العروس على مقعد خاص مصنوع من الخشب يسمونه مقعد العروس.

وكانت الوجبات أربع وجبات (خلف) ،بعدها يوزع ما يعرف بالمكاسي للوالد والإخوان والأعمام وبعض الأقارب من الجنسين، مما يثقل كاهل العريس، أما الآن فقد تحولت إلى وجبة واحدة ، وكلها في قصور الأفراح ، واختفت تلك المكاسي ، ومعظم المدعويين لايمكثون بعد وجبة العشاء حيث يغادرون مع صلاة العشاء، لكن طغى على موائد العشاء البذخ الكثير والتباهي ، وانتشرت بطاقات الدعوة للأفراح حتى بين الأقرباء. اشتهرت القرية وتميزت عن غيرها من القرى بقلة المهور ، وكان معظم الزواجات في القديم يتم خلسة ، وذلك لقلة ذات اليد، فكان الزواج عائلي ،ثم بدأ في التطور، حيث كانت المهور لاتتجاوز 25ريالا،بالإضافة إلى بعض الآثاث من ( قربة ودلو وخصفة وسحارية) وقلادة ظفار ، وشمالتين ،وستة بتوت ظفار ، وحزام فضة ، وخمسة خواتم فضة ،والحجول وهي تشبه الأساور لكنها ثقيلة الوزن) فكانت الفضة هي الحلي الرئيس . ومكاسي لأهل العروسة عبارة عن مصنف ، ونصف ريال كسوة ، هذا بالإضافة إلى كسوة خاصة بأم العروس وأخواتها ، وهي عبارة عن نقود، أما في حالة زواج الفتاة من خارج القرية فالكسوة تمتد لتشمل كل لحمة العروس ، كما أن والد العروس يدفع نقودا للجماعة يسمونها ( مكسر ) ، وكان أول زواج جماعي في القرية ضم كلا كمن : مبارك بن أحمد آل ظافر،مبارك بن محمد ، وسعيد بن محمد ،عبدالله بن علي العسكري، ولم تشتعل تكاليف الزواج إلا مع قدوم الطفرة أي من عام 1398هـ واستمرت حتى عام 1415هـ حينما اتفق الجميع على تحديد الصداق بستين ألفا ،( وأراه لايزال مرتفعا في ظل دخل الفرد الحالي ، وكثرة متطلبات وتوابع الزواج) .
فهناك عادات ترسخت وأخرى اندثرت وتلاشت في الوقت الراهن، واتخذت أساليب أخرى نتيجة للتطور والتقدم .
أما أهل القرية فيشاركون العريس فرحته ويقدمون له مباركة ، وتؤدى العرضة الشعبية وقد تستمر لمدة يومين إلى ثلاثة خاصة إذا كانت العروس من خارج القرية .
وفي نهاية الأسبوع الأول تبدأ العروس العمل مع الأسرة في ممارسة كل الأنشطة ، وتبدأ الاندماج في أسرتها الجديدة .

عند قدوم مولود :
عرف عن أهل هذه القرية التزاور والتواصل ، ولهذه القرية خاصية تميزت به من بين القرى ، ومن ذلك زيارة المرأة حينما توضع ، وكانت جميع الأسر تتوافد لتهنئة الأسرة بقدوم المولود صغيرهم وكبيرهم ، ويحملون معهم الدقيق في إناء يسمى (الملهى ) لإعانة تلك الأسرة ، ومبلغ من المال ، وتقوم المرأة بجمع المال ومن ثم تسليمه لكبير الأسرة ، دون أن تنتقص منه شيئا ، والحقيقة أن هذه العادة بدأت تندثر ، وتراجعت مثل هذه القيم .
عمل المرأة :
كانت المرأة تلعب دورا كبيرا في إدارة شؤون البيت والوادي ،نساء القرية يهرعن إلى ميدان العمل ،لاتكاد تفرق أصابع اليدين والرجلين لكلا الجنسين ، فكلتاهما بالغتا الخشونة.
الأمهات يتنفسن رائحة الثور صباح مساء ، يسكن الثور وحرمه المصون بجانب حجرة ربة البيت ، يفصلهم رص من جذوع شجر العرعر المبطن بالطين ، الجميع ينتظرون المرأة ، حتى الملة تعرف ربة البيت ،فما أن تنفخ في جمرها يتقد كل شيء، تجهز الأم تلك الخبزة بنكهة الرماد مع فنجان القشر ، ورائحة البن الصدري ، كم تألمنا لشقاء أمهاتنا ، ولعل الخوف من الجوع هو المتهم ،يليه قسوة الآباء ،كم من الأشياء تنتظر هذه المرأة ابتداء من حصاد الجرين ،فحبوب الحنطة ،حيث تدير الرحى .كما كانت أمي تعيد طلاء منزلنا بفضلات البقر . كم كان يؤلمني شقاء أمي ، حتى معالم جسمها النحيل أنهكه العمل.لذا كانت المرأة تقوم بأعباء الزراعة كاملة ابتداء من تسوية الأرض بعد حرثها، وتقسيمها إلى مربعات صغيرة ( قصاب ) ثم عمل (الفلجان ) لري الأرض التي تستمر خمسة أشهر بحيث تسقى الأرض ثلاث مرات في الشهر.
وعندما يحين الحصاد فإن المرأة تقوم بهذه العملية ، ثم تباشر بنفسها عملية (الدياس) ويعنون بها ( درس المحصول في الجرين )، والتي تعقبها عملية فصل الأعلاف عن الحبوب بواسطة ( الذراه)، وطريقته: أن تقف امرأتان متقابلتان تحملان كمية من العلف الذي لم يفصل عنه القمح بعد ،ثم تخزن الحبوب بعد ذلك بوضعها في (قفاف ) وهي آنية كبيرة الحجم مصنوعة من سعف النخل .
يجتمع الجميع مساء على ضوء القازة ، كانت المرأة تمثل قطب الرحى ، وفوق ذلك كله تتحمل مع هذا الشقاء أعباء الحمل والولادة، لذا كانت المرأة والحمارة والمربدة ضمن فريق العمل .
نتعجب حاليا من وضع المرأة الحالي عند مقارنتها بالمرأة قديما ، فقد كانت المرأة قديما تعمل جنبا إلى جنب مع زوجها في المزارع ،إضافة إلى عمل البيت من تنظيف البيت ،وتنظيف زريبة الماشية ،وحلب البقرة ، وإعداد القهوة للضيوف وللعائلة ، وإعداد وجبة الإفطار ، ثم تلحق بزوجها لمساعدته في أعمال الحقل مثل الحصاد أو الحرث أو السقي ، ووقت آخر تخصصه لجلب الحطب من العقاب الشاهقة على ظهرها ، وآخر لجلب الماء من البئر على ظهرها، ووقت آخر تقوم بأخذ العلف ، ولا تعود إلى البيت إلا بعد الظهر،فالمرأة كانت تقوم بعمل نقل مخلفات الحيوانات على ظهر الحمارة بواسطة المربدة ،وذلك استعدادا ليوم شقاء آخر ، فتحضر المساحي والزنابيل والمذاري ،وكم سمعنا من أخبار وقصص تصور لنا بطولات نساء القرية في الماضي، فبعضهن تضع مولودها بمجرد قدومها من الجبال والأودية محملة بالحطب، فالمرأة كانت مستعدة لأيام الشقاء ، فالزمان والمكان ليس فيه إلا مصطلح العمل وثقافة الجد ، ولذا لاتجد لديها وقت تقضيه في القيل و القال ،أما الآن فسهر على الفضائيات ،ثم استيقاظ متأخر ،وجلب معظم الطعام من السوق .

محبكم موسى الفقهاء قرية نعاش من كتاب نعاش الماضي والحاضر
رد مع اقتباس