عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 22-11-2008, 02:24 PM
الصورة الرمزية ابو عادل العدواني
ابو عادل العدواني ابو عادل العدواني غير متواجد حالياً

إداري أول
 






ابو عادل العدواني is on a distinguished road
افتراضي يا باغي الخير أحسن


يا باغي الخير أحسن

الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
أستاذ التربية الإسلامية بكلية المعلمين في أبها
ومدير مركز البحوث التربوية بالكلية

الحمد لله المنعم المنان ، والصلاة والسلام على سيد ولد عدنان ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد ؛
فكثيرة هي طرق الخير ، وكثير هم الراغبون في عمل الخير ، وهذا من فضل الله تعالى وكرمه على عباده وخاصة في هذه البلاد التي أنعم الله عليها بنعم لا يمكن أن نصفها بغير الوصف القرآني الذي يقول فيه الحق تبارك و تعالى : } وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا { ( سورة إبراهيم : من الآية 34 ) . فلله الحمد حمداً كثيراً ، وله عظيم الشكر والثناء على ما نحن فيه من خيرٍ كثيرٍ ونعمٍ مُتزايدة ، ولكن المؤسف والمؤلم أن يتحول عمل الخير في بعض الأحيان القليلة إلى عكسه ، فيكون كفر النعمة وجحودها وعدم احترامها نابعاً ممن يريد شكرها ، ويسعى إلى بذلها لمن يستحقها ولا حول ولا قوة إلا بالله.

أقول هذا وقد آلمني جداً وأحزنني بعض ما رأيته من المناظر المؤسفة على صعيد عرفات الطاهر يوم عرفة ، وفي أيام التشريق بمشعر منى ؛ حيث رأيت بعض السيارات المحملة بأصنافٍ مختلفةٍ من النعم والخيرات ما بين مطعومٍ ومشروبٍ ، وقد اعتلاها مجموعة من الناس لتوزيع ما تحمله هذه السيارات من خيراتٍ ونِعم على ضيوف الرحمن ابتغاءً للأجر والثواب من الله سبحانه ، إلا أنهم ـ وللأسف الشديد ـ لم يحسنوا أداء ذلك ولا القيام به على الوجه المطلوب ؛ فقد كانوا يقذفون بعلب اللبن ، والعصير ، والزبادي ، والآيسكريم ، والماء البارد ، ونحوها من فوق السيارات بشكلٍ عشوائي على عشرات الحجاج الملتفين حول هذه السيارات ، والذين يتسابقون ويتدافعون في محاولةٍ منهم للحصول على هذه العلب والظفر بها قبل أن تسقط على الأرض فتتلف وتختلط بالتراب أو الأسفلت .

وهكذا يتكرر المشهد فتكون النتيجة كثرة الزحام والصراخ وارتفاع الأصوات وسقوط هذه العلب على الأرض دون أن يستفيد منها أحد ، وفي بعض الأحيان ترتطم بأجسام من هم حول هذه السيارات ، إضافة إلى ما في تلك الطريقة من فوضوية وعشوائية ومشاهد مؤلمة لا تتناسب مع حرمة الزمان والمكان ، وهكذا تتحول النية الصالحة لعمل الخير وما يترتب عليها من شكر النعمة إلى العكس تماماً ؛ حيث تُمتهن النعمة ولا تحترم لسبب بسيط يتمثل في سوء الطريقة المستخدمة لتوزيعها ؛ حيث كان من المفترض أن يتم التوزيع بطريقةٍ منظمةٍ ومرتبةٍ وهادئة حتى يمكن الإفادة منها ، وحتى يتسنى للنا س شكر الله تعالى على ذلك ، وحتى لا تتحول نيةُ عمل الخير إلى عكسها ولا حول ولا قوة إلا بالله .

فيا من تحرصون على عمل الخير ؛ عليكم باختيار أحسن الطرق وأفضلها حتى يكون عملكم مشكورا ، وسعيكم مأجورا ، وعملكم مقبولاً ، وتذكروا أن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً ، والله نسأل أن يلهمنا جميعاً شكر نعمته ، والحمد لله رب العالمين .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع



أخر مواضيعي