عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 23-05-2008, 05:04 AM
الصورة الرمزية غربة مشاعر
غربة مشاعر غربة مشاعر غير متواجد حالياً

قلم مميز
 






غربة مشاعر is on a distinguished road
افتراضي وفاة فهد العثمان .....انا لله وانا الية راجعون

[align=center]الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ ...

كعادة إعلامنا المخطوف لا يلقي بالا لمن يعملون خلف الكواليس لتصلنا المادة الإعلامية عن طريقهم مُعدة جاهزة للسماع أو الرؤية .

ومن أقرب الأمثلة وفاة مخرج برنامج " نور على الدرب " فهد بن محمد العثمان - رحمه الله رحمة واسعة - ، فلم نسمع أي وسيلة إعلامية ذكرت شيئا عن وفاة هذا المخرج ، أو سيرته ، أو مسيرته في الإذاعة التي قضى عمره في اللقاء بالعلماء ، وسجل حلقات كثيرة استفاد منها العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه .

يبدو أن ذنب المخرج فهد العثمان أنه كان يخرج للعلماء والمشايخ فلذلك إعلامنا يقول بلسان الحال لا المقال : " في ستين داهية " ، ولو كان مخرجا لبعض برامج الهشك بشك لرأينا التمجيد والمدح والثناء في الصفحات الأولى من صحفنا مع العزاء له ، ولعُملت البرامج التلفزيونية في رثاءه وسيرة حياته ، ولكن ذنب المخرج فهد العثمان - رحمه الله - كما ذكرت آنفا .

نحن نعلم أن المخرج فهد العثمان - رحمه الله - لا يريد من إعلامنا المخطوف جزاء ولا شكورا ، وأنه قدم لأمته ودينه ما يغنيه عن ذلك كله ، لأنه صاحب رسالة وهم ، وقد يكون من عمل معه وعرفه عن كثب من أدق الناس معرفة به ، وبسيرته ، ولذا كتب المذيع المعروف الأستاذ فهد السنيدي كلمات عن المخرج فهد العثمان ، أسألُ الله أن يجعلها في ميزان أعمال الأستاذ فهد السنيدي ، وأن يرحم الأستاذ فهد بن محمد العثمان .

وأرجو من الجميع ممن يعرفون شيئا عن المخرج فهد العثمان وخاصة ممن عملوا معه عن قرب أن يتحفونا بما لديهم عنه ، ومن لم يستطع فيراسلني على بريدي وفاء لحق هذا الرجل الذي بخس حقه إعلامنا المخطوف مع الأسف .

الاخ عبدالله الزقل يتحدث

جاءني خبر في معرض حياتي كأنه الصاعقة.. قرأت الرسالة الهاتفية التي حملته فما صدقت.. أعدت القراءة مرة ومرة، خدعت نفسي بتشابه الأسماء اعتقد أن النسيان لحظة سيلغي الواقع.. بكيت كالطفل الذي يحتاج إلى هدهدة أمه، تجمع رفقتي عندي لأني كنت في دار غربة.. ماذا دهاك؟

لم أستطع أن أتكلم أو اصف ! عجزت عبارتي عن أن تصف شيئاً.. خذوا هاتفي.. حاولوا أن تقنعوني بكذب الرسالة، أعيدوا لي أملي الكاذب.. حاولوا أن يعيدوا إلي شيئاً من توازني لكن الصدمة حولتني إلى طفل بريء صغير..! طفل أحب صديقة من كل قلبه ولكنه فقده وهو بعيد عنه.. عاجلت البحث عن أقرب رحلة تحملني إلى بلدي عسى أن أجد بقية من رائحته، أو أملاً أتعلق به.. لم أكن أعتقد أن ضعفي أوصلني إلى هذه الدرجة... هل لأني فقدته وهو محبوب على قلبي أم لأني اضعف من أن أحتمل مثل هذه المواقف؟!

نعم... انتقل إلى رحمة الله الزميل الإعلامي فهد بن محمد العثمان !! جئت إلى بلدي في طائرة كنت أرى جميع ركابها يبكون مثلي، كنت أعتقد أنه يعرفون فهد كما أعرفه.. رأيت أنوار مدينة الرياض يعلوها كدر وغبرة فتوقعت أنها حزنت لفراق فهد.. إيه ألهذه الدرجة كنت ضعيفاً.

وفي الغد أوكلت إليّ إدارة ألإذاعة برنامجاً مباشراً لنتكلم في دقائقه عن فهد... كنت أتأمل أسماء فريق البرنامج.. أعلن عنهم... لكني أرى في أعينهم حزناً دفيناً... أرى في جنبات الأستوديو دمعات حرى، هناك ركن كان يجلس فيه... هناك درج كانت أوراقه فيه... هذه أشرطته وتلك أدواته.. فهد اسمه على أشرطة المصحف الذي سعى بنفسه لتسجيله؛ فهد اسمه على برامج الفتوى والذكر والخير.. ...فهد يفزع لأن حلقة من برنامجه الذي احبه

( نور على الدرب) لم تُحضّر بعد... همه كبير... رغبته عالية... مشواره طويل... لكنه مع طوله مليء بالأشجار المورقة، والأزهار المتفتحة، والثمار اليانعة.. فهد بن محمد العثمان اسم طالما تردد في جنبات الإذاعة.. طالما سمعنا عنه.. مسيرته المباركة قضاها بين مصحف منشور وعلم منثور.. يفرح بكل خير يصل إلى الناس، يأنس عندما يسمع مادة أثرت في المستمع.. حياته عجيبة، أسراره غريبة، كنت أظن عندما وصل خبر وفاته أنني الأحق بالعزاء.. لأن صحبة خمسة عشر عاماً كفيلة أن أعزى فيه، لكني اكتشفت أنني بخلت وضيقت واسعاً... عندها اعتقدت أن العزاء سيشمل كل العاملين في الإذاعة، ولكن تكرر الخطأ...! حقاً لم يكن سطام وأخوته من أبناء الفقيد أو أخوانه هم الذين يعزون فقط... ولم أكن أنا ولا أعضاء الإذاعة... بل العزاء ممتد إلى كل شبر يصله صوت الإذاعة، لأنهم يعرفون اسم فهد العثمان على كل مادة تبث عبر الإذاعة... فهد العثمان عرفه الصغير والكبير... فماذا عساي قائل عنه؟.. أأذكر شيئاً من حبه للفقراء وسعيه في الإحسان إليهم... حتى عندما كان ممتداً على فراش المرض يسأل عن فقير سعى هو وأحد أصحابه في جمع مبلغ له لشراء منزل يعوله... سبحان الله.. رأسه مفتوحة بعد العملية ومع ذلك يقول : ( ماذا فعلتم لفلان ... اسعوا من أجله تكفون )

أأذكر بره بأمه وأهله، فصفحات هذا البر أعظم من أن تذكر هنا.. كنا نمضي الوقت للتسجيل يوم الاثنين بعد العصر، واعرف أنه صائم لأنه يبتعد عنا أثناء التسجيل ونحن نتناول القهوة... وهو يسبح ويستغفر ثم يكتب لي ورقة صغيرة لا زالت بعضها عندي "( أبو ياسر كمل التسجيل عندي شغل) أتدورن ما شغله؟ إنه يأبي أن يفطر الاثنين إلا مع أمه رحمها الله، براً بها وإحساناً إليها.. يقول لي أحد أقاربه، كان ينام معها حال مرضها حتى يخدمها إذا طلبت ذلك.

أأذكر خمسة عشر عاماً ما سمعته فيها نابياً أو ساباً أو مسيئاً لأحد.

أي قلب كان يحمله هذا البشوش الباسم.. أحب الجميع وأحبه الجميع.. فهد اسم فرض احترامه وتقديره ومحبته على الجميع.. فهد سعى في حياته أن يبذل من الخير ما يسجل له بعد موته وهذا ما حصل.. عمل في الخير متواصل، وسعي في النفع متعدي، ومحبة زرعت له في القلوب.. إنها أمور لا تشترى، ولا تسلب من الناس بالقوة.. عجباً لم يبكي الشيخ الكبير بعد فراقه؟ ولم نسمع نحيب الصبي عند موته؟ كيف حصل لفهد هذا الحشد الهائل من المعزين والداعين؟ إنه لم يكن نجماً فضائياً؟؟ ولا عالماً مشهوراً؟ ولا مسؤلاً مرجواً؟ ولا صاحب سلطة؟ فهد اسم محبوب بسيط... لكن السر في هذا القبول ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ).

أبى المفتي العام للملكة إلا أن يتقدم المصلين عليه، لأنه يعرفه... يعرف فهد العثمان الذي كان يحمل أجهزة التسجيل في كل مكان لنشر الخير.. وشواهد الخير انهالت على الإذاعة بعده... فما الذي دفع المسلم في المغرب أو الجزائر أو ليبيا أو الشرق أو الغرب ليتصلوا عزاءً فيه.. أنها المحبة التي لا تشترى بأموال ولا تسلب بقوة.

فهد العثمان اسم نادر وعمل جليل وطاعة لله وعبادة أخفاها حال حياته لقي الله بها.

فهد العثمان رقد على السرير الأبيض في مستشفى الملك فهد بالحرس الوطني، وضاقت ممرات المستشفى بالزائرين.. وهو متوسد فراشه يسلم ببشاشته المعهودة، ويدعو بكلماته التي لا تفارق لسانه، بسيط في جمال، ورائع في تواضع، وفذ في ندرة.. يقوم لصلاة الجمعة التي طالما صلاها في أكبر مساجد الرياض لينال أجر الصلاة على الجنائز، يستعد لصلاة الجمعة رغم أنه مريض ويطلب من أهله أن يحضروا له ملابس الصلاة، لأنه اعتاد عليها حال الرخاء.. رأسه يرفعها للدعاء حال الرخاء، فكانت مرفوعة حال الشدة، لسانه يلهج بالذكر حال الرخاء فما انقطع حال الشدة.. دخل ليستعد لصلاة الجمعة... ويتنظف لها لأنه السباق للمسجد في ساعات الجمعة الأولى، لكن أمر الله غالب، وقضاءه نافذ... اختار الله وديعته... وقبض روح عبده، ففارقنا فهد العثمان... ترك دنيانا... غادر الحياة.. تركنا نبكي على الفراق.. غير أنه عزانا بعد موته... عزانا ونحن نتذكر سيرته وحياته ومشوار عمله.. فمن ذا يفكر بعد هذه المسيرة أن يجعل في سجل عمله ما لا ينفعه؟! تركنا فهد وهو يعزينا بجموع تدعوا له.. تبكي على فراقه...

عزانا فهد عندما تقاطر الضعفاء والمساكين يبكون لفراقه ... عزانا فهد بآلاف الرسائل والاتصالات ... !

وبعد... لم ينتابني أثر غريب... وحالة ضعف لم أعهد نفسي عليها؟ أهو سر في حياة الفقيد أم ماذا؟ من ذا يصبرني بعزاء؟ ومن ذا يواسيني بكلمات؟ أيه يا دموع العين خففي لوعتي.. تساقطي واغسلي حرقتي.. ابعثي لي شيئاً من دفء ملوحتك إلى نفسي... ( من أصيب بمصيبة فليذكر مصيبته في النبي صلى الله عليه وسلم ) .

اللهم يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين ويا أجود الأجودين، أغفر لعبدك الضعيف فهد العثمان، وأرفع درجته في عليين وتقبله في المهديين، واخلف على عقبه خيراً وأصلح ذريته.. وأكرمنا بلقائه في دار كرامتك... اللهم أننا نحبه فلا تحرمنا الجمع به في جنتك.. يارب العالمين

والحمد لله رب العالمين
[/align]

[align=center]نقلت لكم الخبر اختكم
غربة مشاعر
[/align]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
اما حياة تسر الصديق ... واما ممات وراء تهامة
أخر مواضيعي
رد مع اقتباس