عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 15-03-2011, 12:17 AM
الصورة الرمزية محمد الساهر
محمد الساهر محمد الساهر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 






محمد الساهر is on a distinguished road
7 الى من يهمه الأمر: هموم متقاعد


إلى من يهمه الأمر : هموم متقااااااااااعد

ان الحياة مراحل ,كل مرحلة لها محتواها ومضمونها على خط سير الحياة , كل مرحلة تتميز عن تاليتها بما تملكه من مجريات حدث , وأعمال منفذة على خارطة المرحله , لذلك كانت الفوارق تتباعد وتتقارب بين مرحلة واخرىومن شخص لآخر .

كل مرحلة تأتي مثقلة بما حملته المرحله السابقه, من نجاح أو فشل, إلا المرحله الأخيرة, مرحلة التقاعد حيث يترك الإنسان كل ما حمل من متاعب وهموم, فهي مرحلة الراحة والاستقرار لجسم بشري تعب وكل خلال عقود طويلة من الزمن, مرحلة الاستمتاع بنهاية مشوار طويل وحصاد عمر مضى, ورؤية شاملة لأحداث عاشها وتعايش معها, وأمل بحياة جديدة ستعاش ..

وسط زحام الحياة ومشاكلها ,وسرعة فائقة لتحول تقني كبير , تصور ويتصور البعض أنه لاحاجة للمشاعر ولا وقت للتأمل والخيال , في خضم إنجازات كبيرة متعددة الجوانب تتحدث

بالأرقام , يتصور الآخرون أنه لامكان ولا وقت للتوقف والتفكير ,فالركب يمضي سريعا دون أن يلتفت الى الوراء لينظر ماذا أنجز الآخرون , والمهم تحقيق الأهداف دون لحظة تقدير أو امتنان لمن أفنوا حياتهم في عملية إنجاز كبيره على شكلها الحالي , بذلك يصبح الإنسان رقما في عملية حسابية وترسا في آلة صماء صنعها لتريحه ,سيدرك أصحاب هذا الرأي خطأ مداركهم وفداحة أخطائهم عندما يأخذون دورهم في النهاية,فالإنسان عباره عن شعور متدفق مليء بالمحبة , وقلب ينبض بالحياة ,وفكر يتأمل بموجودات الكون ومقدرات الحياة ,فبقدر ما يجد هذا الإنسان التقدير والمحبة والعرفان بجميل لعمل قدمه يكون للأنجازقيمة كبيره وعنوان عظيم .

ان إنجازات هؤلاء ,قارعي أبواب التقاعد , إنما هي أجمل ذكرى وأرفع وسام وطني لهم على أرض الواقع والحقيقة ,فمشوار حياتهم يظل دائما أكبر من أي وصف مهما كانت مساحته ,أو كلمات مهما كانت بلاغتها ,إنهم تقاعدوا مفسحين المجال لأبنائهم , ثمرة جهودهم الطيبه ليحملوا الراية من بعدهم .

تأتي مرحلة التقاعد للإنسان وفقا لمعايير بشرية , حياتية تم وضعها من قبل مختصين بهذا الموضوع , تراعي العمر والمهنة والقدرة على العطاء ضمن ظروف متنوعة , فتم بذلك وضع قانون ونظام خاص للمتقاعدين .

عندما وضع قانون ونظام التقاعد , كان كفيلا بنقل المتقاعد من حياة العمل لحياة ملؤها الراحة والسعادة والاستقرار ,من تأمين ضروريات الحياة الأساسيه وخدماتها المتنوعه , طبية ,معاشيه ,ترفيهية,والكثير منا يرى في أغلب الأحيان ما يسمى كروبات سياحيه , تأتي لبلادنا وعند التمعن بعناصرها نجد أنها للمتقاعدين ,متقاعدين أمنت لهم بلادهم حياة سعيدة , ورفاهية تامة , ومنحتهم رحلات استجمام لدول العالم .

هذا هو النظام التقاعدي ,وضع لخدمة الإنسان في آخر مراحل حياته .

لكن ماهو الفارق لدينا عن الآخرين في قانون ونظام التقاعد , وهل المتقاعد يعيش حياته حرا سعيدا , مؤمنا لكل مستلزمات الحياة , سؤال هام نطرحه على كل متقاعد على ارض الوطن , فنرى أن الجواب واحد ومع الأسف , جواب سلبي لدى الجميع , لما ولماذا ؟
هل المتقاعد لدينا غير المتقاعد في دول اخرى , ان المتقاعد لدينا لم يحفظ له القانون شيئا من كرامة , بل يرميه كقطعة أصبحت عديمة الفائده على قارعة الطريق , براتب لا يكاد يكفيه ثمنا لدواء بات مضطرا إليه ,فكيف به إذا كان لديه من الأبناء من هم بحاجة ماسة إليه , لأستكمال مشوار حياتهم وتحقيق أحلامهم في بناء مستقبل مشرق .

المتقاعد لدينا يصرف من الخدمة براتب ضعيف , وتعويض أضعف , وخدمات معدومة , ونفي للوجود ,فكم من متقاعد فقد شلة الأصحاب والخلان بعد التقاعد ,’ أي بعد فقده لعمله ومركزه ,فالراتب لا يكفي والحياة لاترحم , إذا لابد من البحث عن عمل آخر يستر الخلق ويمنع العوز والحاجة ,وكلما طرق بابا كان الجواب أنه متقاعد , أي أنه بنظر الجميع غير قادر على العمل , وكأن الدولة عوضا عن تقديم مكافأة له بإحالته على التقاعد , قد قامت بمنحه وثيقة رسمية للموت وتصريح مباشرة بالدفن , وأصبح المتقاعد بفصل الكلمه يقال له (مت قاعدا )رحمك الله , كفاك حياة , لاحاجة بنا إليك .

لكن قسوة الزمن ومرارة الحياة لا تترك له الخيار , فتجبره على قبول ما لا يقبل تقاعده ,أي سنه وعمره الكبير , يعزي نفسه بالقدرة على تنفيذ بعض الأعمال المجهدة لسنه والتي استطاع بالكاد الحصول عليها , وبالواسطة لتغطية نفقات وطلبات ضرورية مستمرة ,عمل لم يكن يقبل به وهو شابا على مدخل الحياة , هاهو
يقف صاغرا أمامه في آخر أيام حياته , يعمل ويعمل مسابقا ماله من عمر وطاقه ,ولكنه سرعان ما يدرك سر التقاعد الحقيقي , يسيطر عليه الوهن والمرض ويرى نفسه مرميا في إحدى المشافي العامه , حيث لا حياة لمن تنادي , وبعد مدة قصيرة تسمع أو تقرأ خبر نعوته وانتقاله للعالم الآخر منفذا هذه المره أمر التقاعد والى الأبد .

انه كان صاحب حلم بسيط , كان يحلم بالجلوس في حديقة عامه ,يتصفح جريده , يجالس زملاء له من المتقاعدين , يتحادثون بما مضى بفخر واعتزاز , يتنفسون هواء الأيام الباقية من العمر بعيدا عن مشاغل الحياة ,وفي أي وقت يرغب يقف أمام المحال التجارية , يتفرج , ويشتري ما يريد, لكن حلمه الأخير ضاع مع حلم الآلاف من المتقاعدين في حياة هانئة ,سعيدة , فتسابقوا على طريق المقبرة , فكل يوم تقرأ عددا كبيرا من النعوات على أبواب مقرات المتقاعدين , أو في الصحف المحلية , أو جدران القرى والمدن الصغيرة .

رحم الله من غادروا , وليكن بعون من تبقى على قيد الحياة , معتمدين قول مصطفى ألرافعي ( إذا لم تزد على الحياة شيئا ,تكن أنت زائدا عليها ).


م/ن


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع



MOHAMMED ALSAHER





أتمنى متابعتي ومشاركتي عبر تويتر والفيس بوك

@m5mmm
أخر مواضيعي
رد مع اقتباس