عرض مشاركة واحدة
قديم 02-07-2007, 08:21 AM   #2
صوت من زهران

قلم مميز
 
الصورة الرمزية صوت من زهران
 







 
صوت من زهران is on a distinguished road
افتراضي

الملك مالك بن فهم رحل من أرض قبيلة زهران في جنوب الجزيرة العربية

ثَبَتَ لدى مؤرخي الجزيرة العربية من أبناء قبيلة زهران في أرض السروات , ولدى غيرهم من أبناء القبائل الأخرى , بأن الملك مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران قد سكن أرض سروات زهران قبل أن يرحل منها إلى عُمان على أصح الروايات , وتلك الرؤية التاريخية المثبتة تُخالف بعض الآراء لتاريخية لمؤرخي بلاد عمان , وأعتقد بأن هذه الجزئية أخي السائل هي الأهم لديك , وهي ما تبحث عنه في المرتبة الأولى .

كتب أبو زكريا محمد بن إياس الأزدي في كتابه الشهير ( تاريخ الموصل ) : كان مالك بن فهم رجلاً جليلاً في قومه شريفاً , وكان منزلهُ بعد مأرب السراة . وكان سبب خروجه من السراة إلى أرض عمان أنه كان له جارٌ وكان له كلبه , فرماها بنو أخي مالك بن فهم فقتلوها – وكانوا أعز من ولده – وكان له من الولد تسعة نفر , فغضب وقال : لا أقيم ببلدٍ يُنال فيه من جاري فلا أقد أن أمنع عنه , ثم خرج هو و ولده وآخرون حتى نزلوا عمان .

و ذكر الصحاري صاحب كتاب الأنساب (ثم سار الباقون من الأزد حتى نزلوا الناصف من أبيدة , وهو واد فيما بين نجد والسروات في سند جبل السراة، وهو احد مجامع شنؤة اليوم ) ثم قال (وافترقت الأزد من أبيدة فرقاً ثلاثة ) ثم أكمل خبر تلك الفرق الثلاثة قائلاً (فسارت فرقة منهم، ومعهم مهرة بن جيدان بن عمرو بن الحاف، وقضاعة بن مالك بن حمير، ومالك وعمرو ابنا فهم تيم الله بن أسد بن وبرة بن ثعلب بن حلوان بن الحاف بن قضاعة، في قبائل قضاعة ومن استجمع معهم من اليمن، وقد ملكوا عليهم مالك بن فهم الأزدي، فسار بهم مالك بن فهم على اليمانية. )

وأبيدة التي ذكرها المؤلف و التي تُنطق شعبياً بحذف الألف ( بيدة ) أرضٌ قديمة و متوارثة لقبيلة زهران بأرض السروات .
يقول الشاعر عامر بن ثعلبة، حين لحق هو وقومه بمالك بن فهم في أرض عمان :

ابلغ أبيدة أني غير ساكنها ... ولو تجمع فيها الماء والشجر
ولا أقيم بذي الاحقاف من طربى ... كما تروح إلى أوطانها البقر
ولا أقيم بقملى لا أفارقها ... كما يناط بخنب الراكب العمر
من بأرض عمان سادة رجح ... عند اللقاء وحي دارهم هجر

روى أبو زكريا محمد بن إياس الأزدي صاحب تاريخ الموصل هذه الأبيات المنسوبة إلى الملك مالك بن فهم , يقولها فيها :

ألا من مبلغٍ أبناء فهـمٍ *** مغلغةً عن الرجل اليماني
ومبلغ منهباً وبني بشير *** وسعد اللات والحي المدان


إلى أن قال :

وبالعرنين كنّا أهل عزٍ *** ملكنا بربراً وبني معان


( أبناء فهم ) يقصد بها أخيه سليم بن فهم وأبناء عَقِبِهِ الساكنين بأرض السروات , كتب المؤلف الزهراني ابن دريد المتوفى سنة 321هـ في كتابه الاشتقاق
(فمن قبائلِ دوسٍ العظامِ: مالكُ بن فَهْم، وهما بعُمان. وسُلَيم بن فَهْم، وهم بالسَّراة )

( منهباً ) منهب عمٌ لأب مالك بن فهم فهو( مالك بن فهم بن غنم ) و( غنم ) أخٌ لـ ( منهب ) , و يقصد هنا سلالة وأعقاب أبناء عم أبيه , الذين ما زالوا إلى ما شاء الله يعيشون ويسكنون بأرض زهران في جنوب الجزيرة العربية .

( وبني بشيرٍ ) إحدى قبائل بني عامر بسراة زهران , وهم من أبناء عامرٍ بن حفين بن نمر بن عثمان بن نصر بن زهران , وما زالوا يسكنون ويعيشون بالجهة الشرقية , والجنوبية الشرقية من ديرة قريش زهران بجنوب الجزيرة العربية .

( وبالعرنين ) جبلٌ عظيم يقع في بلاد دوس بني فهم بزهران , و هو من الجبال المشرفة والمطلة على قرية آل خاجة بأرض دوس , ويُمكن مشاهدة من أكثر من اتجاه .

من خلال تلك الأبيات يتضح لنا بما لا يدع للشك مجالاً بأن الملك مالك بن فهم قد سكن أرض قبيلة زهران في جنوب الجزيرة العربية قبل أن يرحل إلى عمان , فهو يخاطب أبناء أخيه وأبناء عمومته وأبناء نصر بن زهران الذين ما زالوا حتى الساعة يسكون جنوب الجزيرة العربية , وهو أيضاً يفخر بأرضه التي نزل بها قبل أن يهاجر إلى عمان عندما يُخبر بأن عدداً من القبائل قد أذعنت وأسلمت لحكمهم ولشرفهم ولعزتهم بأرض العرنين , وهو يخبر في خفاء بأنه لم يهجر أرض قبيلته من أبناء زهران في جنوب الجزيرة لضعفٍ أو قلة ناصر فلقد كان الرجل بتلك الأرض صاحب عزٍ وسؤدد .


الوصول إلى عُمان


لم تتحدث كتب التاريخ ابتداءً عن خط سير الملك مالك بن فهم ومرافقيه من أرض السراة , ولكنّها أخبرتنا عن بعض اللمحات السريعة من أخبار تلك الهجرة القديمة :


رحل مالك بن فهم وبرفقته أبنائه وأخيه عمرو بن فهم وآخرون من نسل غالب بن عثمان بن نصر بن الأزد , إضافةً إلى مهرة بن حيدان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن حمير ، ومالك وعمرو ابنا فهم تيم الله بن أسد بن وبرة بن ثعلب بن حلوان بن الحاف بن قضاعة، وبعضٌ من قبائل اليمن .

وقد سار مالك بن فهم بتلك الجموع حتى نزل بهم في وادي حضرموت بالقرب من بئر برهوت ( لا يُعرف لها مكان ولا حقيقةٌ في التاريخ , اشتهرت تلك البئر بأنها المكان الذي تعذب فيه أرواح المشركين, وأشتهر ذلك الوادي بأنه وادٍ تسكنه الجن )

ومن ذلك الوادي جدّ مالك بن فهم في المسير باتجاه الغرب بعد أن جنّب الخيل و أمتطى الإبل , وبعد أن جعل ابنه هناءة على رأس الركب في ألفي صنديد من صناديد الأزد ( في روايةٍ أخرى أن هناءة هذا قد ولد في عمان , وعلى ذلك الخبر يكون المؤلف مخطئاً في خبره السابق , وأرى الأقرب إلى الصواب أن هناءة قد وُلد بعمان ) , ومازال مالك بن فهم يجدّ المسير حتى نزل بسيحوت في الشحر , وهناك تخلّف مهرة بن حيدان بن عمرو بن الحاف وقومه وفضلوا السكنى بتلك الديار وما جاورها من أرض ظفار .

أما مالك بن فهم وقبائل الأزد , ومالك وعمرو ابنا فهم بن تيم الله فقد فضلوا المسير باتجاه أرض عمان , فركبوا البحر حتى تمكنوا من الوصول إلى أرض قلهات على بحر عمان ( قيل أيضاً أنهم وصلوا عن طريق البر ) قال مال بن فهم :

جلبت الخيل من برهوت شعثاً *** إلى تلهاب من أرض عمان
وفي روايةٍ أخر لهذا البيت ( إلى قلهاب من أرض عمان ) .


بعد الوصول إلى قلهات قام مالك بن فهم بإنزال من كان معه من النساء والأطفال والحشم بتلك الأرض ( قلهات ) بعد أن ترك لهم ما يحفظهم ويكفيهم من الرجال والخيل والمئونة .
ولصاحب كتاب حياة عمان الفكرية حتى نهاية الإمامة الأولى 134هـ المؤرخ زايد بن سليمان بن عبدالله الجهضمي رأيٌ آخر عندما قال مخالفاً أمر نزول مالك بن فهم في قلهات ( لقد كان نزول مالك في منطقة الجوف من عمان على الأرجح وانضوت تحت قيادته القبائل العربية الموجودة في عمان ـ التي لم تذكرها المصادر التاريخية ـ فكثرت جموعه وقويت شوكته ثم أرسل إلى الفرس يعلمهم بأنه اختار عمان مستقراً ووطناً له راجياً منهم عدم ممانعتهم في استخدام البحر لعدم استغنائه عنه ) .

أكمل الحديث عن ما حدث في عمان صاحب كتاب أنساب العوتبي , والسالمي صاحب كتاب تحفة الأعيان :


سار مالك بن فهم بجيشه حتى وصل أرض الجوف ( وقيل حتى وصل بالقرب من بلدة نزوى في وسط عمان ), فأرسل إلى المرزبان عامل الفرس الذي بعمان رسالةً جاء في مضمونها ( لا بد لي من المقام في قطر من أرض عمان , فإن تركتموني طوعاً نزلت الأرض وحمدتكم , وإن أبيتم أقمت على كرهكم , وإن قاتلتموني قاتلتكم , فإن ظهرت عليكم لم أترك منكم أحداً على وجه عمان )

كان رد المرزبان الفارسي سريعاً عندما رفض طلب مالك بن فهم الدوسي الزهراني , وحينها لاحت بيارق الحرب , واستعد الفرس للقتال بجيشٍ عظيم يرافقه الكثير من الفيلة المدربة على شؤون الحرب , واستعد مالك بن فهم وأبناء قومه للحرب , و تواجه الفريقان في معركةٍ عرفت بيوم ( سلوت ) انتصر فيها مالك بن فهم انتصاراً عظيماً , واضطر الفرس إلى طلب الصلح والهدنة , فصالحهم مالك بن فهم على أن يخرجوا من أرض عمان , وأمهلهم لذلك عاماً كاملاً .

غير أن الفرس تمكنوا من استغلال هذه المدة الزمنية الكافية حينما راسلوا الملك ( دار دار ) طالبين منه النجدة , فأرسل لهم المدد العسكري الذي قُدّر بثلاثة آلاف فارس , وعندها طلب الملك مالك بن فهم من الفرس الخروج على وجه السرعة من أرض عمان , فأبوا ذلك الطلب , فقاتلهم مالك بن فهم مرةً أخرى , حيث تمكن من قتل عاملهم ( المرزبان ) واستطاع طرد الباقين من أرض عمان , وبذلك أصبح مالك بن فهم الدوسي الزهراني ملكاً على أرض عمان .
صوت من زهران غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس