عرض مشاركة واحدة
قديم 31-05-2011, 11:35 PM   #13
شذى الريحان
عضو اداري
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية شذى الريحان
 







 
شذى الريحان will become famous soon enough
افتراضي رد: هي امرأةٌ تَظلُّ كَمَنجمِ الدَهَشاتِ تُدهشني

الطبيعة المرأة والمرأة الطبيعة في الشعر العربي
د. حسن فتح الباب


[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-color:black;border:10px outset darkred;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]



الطبيعة والإنسان وحدة واحدة. أو هما وجهان لشيء واحد هو الخلق وقد تواترت الآيات الدالة على عظمة الخالق سبحانه وبديع صنعه "صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً" (البقرة الآية 138)، "صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ" (النمل الآية 88) ، "الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ" (السجدة الآية 7)
وقد ارتبطت حياة الإنسان بالطبيعة منذ نشأته الأولى فقد أنزل الله سبحانه آدم وحواء في الفردوس ثم أخرجهما منها بعد أن عصيا أمره ووسوس لهما إبليس أن يأكلا من الثمرة المحرمة ولكن رحمة الله شاءت أن تكون الأرض التي عاش فيها البشر حافلة بالجنات، وإن كانت تختلف عن الفردوس بما فيها من شرور الناس، وهكذا ولد الخلق وتناسلوا في أحضان الطبيعة المونقة من أشجار وظلال وثمار مختلف أنواعها ومذاقها. تسر الخاطر بجمال تكوينها وتقر بمنظرها العيون. [/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

**
[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-color:darkred;border:10px outset black;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
استلهام الغزل بالمرأة من الطبيعة :


من ابرز الخصائص الموضوعية والتعبير التي تتسم بها قصائد الحب عند العرب استلهام الشعراء أوصاف النساء الحبيبات من الطبيعة بما عليها من حيوانات بريّة مثل الغزلان والظباء والمها (البقر الوحشي) فهم يشبهون عيون الحسان وخصورهن النحيلة بعيون الغزلان وخصورها ولفتاتها وخطواتها أحياناً . وقد ظل هذا التقليد الفني سارياً منذ عصر ما قبل الإسلام حتى الآن,
فإذا بدأنا بالعصر الجاهلي وجدنا طرفة بن العبد يضيف إلى أوصاف محبوبته بعض أوصاف الظبي, فيقول إنها سوداء العين مثل ظبي يأكل ثمر الأراك نفضاً بفمه, وهي تتقلد سمطين (عقدين) أحدهما فوق الآخر, سمطاً من اللؤلؤ وسمطاً من الزبرجد .

ثم يقول إن هذه الفتاة حسنة التلفت والنظرات كأنها مهاة

(بقرة وحشية أو ظبية) مذعورة على ولدها ,


فهي إن رعت مع صواحب لها خذلتهن
واجتنبتهن, ولا تزال متلفتة إلى ناحية ولدها,
وهذه الفتاة متنعمة كالمهاة التي ترعى البرير (ثمر الأراك),
وتدخل من خلال
أغصان الشجر فتكون كأنها مرتدية بها:



وفي الحي أحوى ينفض المرد شادن
مظاهر سمطى لؤلؤ وزبرجد
خذول تراعى ربربا بخميلة
تناول أطراف البرير وترتدي
[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:70%;background-color:black;border:9px inset darkred;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]

وهاهو أمير الشعراء شوقي يستهل إحدى قصائده المشهورة,
وهي في المديح النبوي ويعارض بها قصيدة الإمام البوصيري,


بتشبيه محبوبته بالريم وهو الظبي الخالص البياض
أو ولد الظبي, إذ يقول :



ريم على القاع بين البان والعلم
احلَّ سفك دمي في الأشهر الحرم
لما رنا حدثتني النفس قائلة
يا ويح قلبك بالسهم المصيب رمى

كما يقول في مسرحية (مجنون ليلى) على لسان قيس :


رب فجر سألته
هل تنفست في السحر
وغزال جفونه سرقت عيناك الحور


ويتردد وصف المحبوبة بالغزال أو الظبي في قصائد الأندلسيين وموشحاتهم ,
فيقول شاعرهم:
[justify]
يا غزال جفونه
علمت عينيَ السهر
[/justify]



ويشيع أيضاً تشبيه الشعراء عيون النساء
بعيون المها وهي البقر الوحشي

( جمع مهاة )

لسوادها واتساعها، فيقول
علي بن الجهم الشاعر العباسي :




عيون المها بين الأراكة والجسر

جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري



فإذا بلغنا العصر الحديث بحثاً عن الأشعار التي ورد فيها ذكر المها بمعنى النساء
تبينا استمرار هذا التشبيه ,

فيقول محمود سامي البارودي



رب السيف والقلم , وقد برَّح به الحنين إلى
مصر وهزه الشوق إلى أحبِّته فيها ,
وذلك في أثناء منفاه في سرنديب
(جزيرة سريلانكا الآن) :



محا البين ما أبقت عيون المها مني
وشبت ولم أقض البنانة من سني
فإن أك فارقت الديار فلي بها

فؤاد أضلته عيون المها عني
بعثت به يوم النوى إثر لحظة
فأوقعه المقدار في شرك الحسن


وأبرع الشعراء في هذا التصوير هو ابن الرومي الشاعر الذي وصفه الكاتب البليغ
عباس محمود العقاد بأنه الطائر الغريد في غير سربه,
لتفرده بقوة التشخيص والتجسيد من طريق استعمال التشبيهات والاستعارات,
سواء في تشبيهه المرأة بالطبيعة أو باستعارته صفات المرأة للطبيعة.
ومن النوع الأول قصائده في وصف المغنيات مثل قوله في وصف
(وحيد !!!) المغنية التي سلبت لبه بجمالها وحسن صوتها :


غادة زانها من الغصن قد
ومن الظبي مقلتان وجيد



فهو يشبه قدها الأغيد الممشوق في الشطر الأول بالغصن
ووجه الشبه هو النحول واللين ,

ويشبه في الشطر الثاني عينيها وعنقها بالظبي وهو يقول في هذه القصيدة :



ظبية تسكن القلوب
وترعا ها وقمرية لها تغريد


ومن ثم استعار الصورة الأولى من كائن في الطبيعة,
واستعار الصورة الثانية من كائن طبيعي أيضاً وهو الحمامة المغردة .
وقد ورد أيضاً التشبيه بالقمرية في رثاء هذا الشاعر المصور للمغنية (بستان):






أودى ببستان وهي حلته
فقد غدا عارياً من الحبر
أطار قمرية الغناء عن الأرض فأي القلوب لم يطر
بستان يا حسرتا على زهر
فيك من اللهو بل على ثمر
يا شمسَ زُهْر الشموس يا قمر
الأقمار حسناً يا زهرة الزهر
كأنني ما طلعتِ مقبلة
علىَّ يوما بأملح الطرر

**[/ALIGN]
[/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي
شذى الريحان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس