عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-12-2006, 09:31 AM
بحــــار بحــــار غير متواجد حالياً
شاعر
 






بحــــار is on a distinguished road
افتراضي أنشــــودة المطـــر

من روائع ماقيل بلغة المطر على صفحة الخليج الصافية بحبر الجوع والعطش وأنين العراق....




عيناك غابتا نخيل ٍ ساعة السحر،
أو شُرفتان راح ينأ عنهما القمر.
عيناك تبسمان تتورق الكرم
وترقص الأضواء … كالأقمار في نهر
يرجّه المجداف وهناً ساعة السَّحر
كأنما تنبض في غوريهما، النُّجوم …
وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيف
كالبحر سرح اليدين فوق المساء،
دفٍ الشتاء فيه وارتعاشا الخريف،
والموت، والميلاد، والظلام، والضياء’
فتستفيق ملء روحي، رعشة البكاء
ونشوةٌ وحشيةٌ تعانق السماء
كنشوة الطفل إذا خاف من القمر !
كان أقواس السحاب تشرب الغيوم
وقطرةً فقطرةً تذوب في المطر …
وكركر الأطفال في عرائش الكروم،
ودغدغت صمت العصافير على الشجر
أنشودة المطر …
مطر …
مطر …
مطر …
تثاءب المساء، والغيوم ما تزال
تسحُّ ما تسحُّ من دموعها الثقال.
كأنّ طفلاً بات يهذي قبل أن ينام:
بأن أمه – التي أفاق منذ عام
فلم يجدها، ثم حين لجّ في السؤال
قالوا له : " بعد غدٍ تعود …" –
لا بدّ أن تعود
وإن تهامس الرفاق أنها هناك
في جانب التل تنام نومة اللحود
تسف من ترابها وتشرب المطر،
كان صياداً حزيناً يجمع الشِّباك
ويلعن المياه (*)
وينثر الغناء حيث يأفل القمر .
مطر …
مطر …
أتعلمين أيَّ حزنٍ يبعث المطر؟
وكيف تنشج المزاريب إذا انهمر ؟
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضّياع،
بلا انتهاء – كالدّم المراق، كالجياع،
كالحبّ، - كالأطفال، كالموتى – هو المطر !
ومقلتاك بي تطيفان مع المطر
وعبر أمواج الخليج تسمح البروق
وسواحل العراق بالنجوم والمحار،
كأنها تهمّ بالشروق
فيسحب الليل عليها من دمٍ دثار
أصيح بالخليج : ((يا خليج
يا واهب اللؤلؤ، والمحار، والرّدى!))
فيرجع الصدى
كأنّه النشيج :
((يا خليج يا واهب المحار والردى …))
أكاد أسمع العراق يذخر الرعود
ويخزن البروق في السهول والجبال،
حتى إذا ما فض عنها ختمها الجبال
لم تترك الرياح من ثمود
في الوادي من اثر.
أكاد اسمع النخيل يشرب المطر
وأسمع القرى تئن ، والمهاجرين
يصارعون بالمجاديف وبالقلوع،
عواصف الخليج، والرعود، منشدين:
((مطر …
مطر …
مطر …
وفي العراق جوع
وينثر الغلالَ فيه موسم الحصاد
لتشبع الغربان والجراد
وتطحن الشّوان والحجر
ورحىً تدور في الحقول … حولها بشر
مطر…
مطر…
مطر…
وكم ذرفنا ليلة الرحيل، من دموع
ثم اعتللنا – خوف أن نلام – بالمطر …
مطر…
مطر…
مطر…
ومنذ أن كنا صغار ، كانت السماء
تغيم في الشتاء
ويهطل المطر،
وكلّ عام – حين يعشب الثرى – نجوع
ما مر عام والعراق ليس فيه جوع.
مطر…
مطر…
مطر…
في كل قطرة من المطر
حمراء أو صفراء من أجنة الزهور.
وكلّ دمعة ٍ من الجياع والعراة
فهي ابتسامٌ في انتظار مبسم جديد
أو حلمة توردت على فم الوليد
في عالم الغد الفتي، واهب الحياة !
مطر…
مطر…
مطر…
سيعيش العراق بالمطر …))
أصبح بالخليج : ((يا خليج
يا واهب اللؤلؤ، والمحار، والرّدى!))
فيرجع الصدى
كأنّه النشيج :
((يا خليج
يا واهب المحار والردى.))
وينثر الخليج من هباته الكثار ،
على الرمال ، : رغوه الأجاج، والمحار
وما تبقّى من عظام بائسٍ غريق
من المهاجرين ضل يشرب الردى
من لجة الخليج والقرار،
وفي العراق ألف أفعى تشرب الرّحيق
من زهرة يربها الفرات بالندى.
واسمع الصدى
يرن في الخليج
((مطر …
مطر….
مطر…
في كل قطرة من المطر
حمراء أو صفراء من أجنَّة الزهور.
وكل دمعة من الجياع والعراة
وكل دمعة من الجياع والعراة
وكل قطرة تراق من دم العبيد
فهي ابتسامٌ في انتظار مبسمٍ جديد
أو حلمةٌ توردت على فم الوليد
في عالم الغد الفتى، واهب الحياة .))
ويهطل المطر ..



منقول بواسطة
بحــــــار
رد مع اقتباس