[براااق الحـــازم]

فنانة يا امينة



نشأة امينه في بيئة بسيطة بين ام ٍ متقلبة المزاج واب ساخر من كل شيء حتي من نفسه ..
لها من الأشقاء خمسة وهي اخر العنقود..
حلُمت امينه ان تصبح فنانة تشكيلية بعد ان اعجبها منظر احد الملصقات الفنية التي كان والدها يستخدمها لنثر بقايا رماد الشيشة ـ التي استهلكت طاقته الحركية والفكرية, واصبح عديم الفائدة في وجهة نظر زوجته التى عادة ما تشبهه ( بِـ السلق)
ومع ان السلق نوع جيد من الكلاب الا ان خاله "حـُـزيمه" كانت تكره صفة النـُحف التي بدت معها عظام زوجها من خلف الثياب كهيكل عظمي محترم يجدر به ان يكون في احد كليات الطب
لم يكن يبدو على امينه اي بوادر توحي بأنها سوف تجيد القراءة او الكتابة فضلا ان تكون فنانة ذائعة الصيت .. ومع ذلك فقد تسلقت السُلم التعليمي حتى وصلت الى المرحلة الثانوية.. وهذه من عجائب الاقدار!
بكل بساطه كانت امينه غاية في الغباء والحمق في ادارة شئون حياتها…. وكانت ملامحها الجسدية تميل الى والدها كثيرا.
عايناها كانت واسعتان وتوحيان لمن ينظر اليهما انها تعيش حالة من الدهشة والذهول الدائم.. ومع ذلك كان يسكنها فنان يرى ان كل شيء جميل, وهذه الحالة معقدة فسيولوجيا لكنها حقيقة كامنة في كل انسان.
كانت كثيرا ما تتسبب في مأسي لأهلها و لسكان العمارة التي تسكن فيها لكثرة الاخطاء التي ترتكبها لكي تدلل على سرعة استجابتها وحسن تصرفاتها.
كان والدها يمعن في تدليها حتى انه حين يرغب التودد لها يدعوها … (يـ..البومه) وهي تقابل هذه الهـِبة بالزهو والغبطة حين تسمع هذا النداء الحميم من بطلها الاسطوري, فتبادر بقذف كل ما في يديها او ما تصطك بها ارجها الخالية من كل ملامح الانوثة..
هي في كل مكان, اما احب الاماكن لها حين تكون تكون على مقربه من شيشة والدها التي كانت تستنشق رائحتها بكل نشوة ومتعة.
بل انها في كثير من المناسبات تتذوق بلسانها جراك الشيشيه كي تختبر والدها عن مدي جودته. كل هذه الخدمات كانت تقابل من والدها بالدعاء والمباركات ـ فهو كغريب في بيت تحجرت قلوب اهله على هذا المسكين الذي افنى شبابه في تربية هذه الاسرة الصغيرة..
في يوم من الايام, بعد ان انهت امينة المرحلة الثانوية, وفي احد ساعات الصفاء التي كان يقضيها والدها المبجل امام احد المسرحيات التلفزيونية .. في وقت بدأ فيها بالتلاعب بالدخان الذي يخرج من فيه دلالة على حالة النشوة التي وصل لها..
اقتربت امينة وهي واثقة ان اباها قد عرج به الى قلعة ابن الصباح, ابدت امينه رغبتها الملكية لوالدها العزيز بان تصبح فنانة.
ظن في بادي الامر ان الموضوع يتعلق اما بالتمثيل او الغناء …. قذف ليّ الشيشة من يده [mark=#e1ff00]و بصق [/mark]في وجه امينه لتطاولها على امر لم يكن في الحسبان, لم تسعفه قدماه بالنهوض, فما كان من امينه الا ان سحبت ليّ الشيشة ليتمكن والدها من الاستناد على يديه والوقوف ـ فسقطت الشيشه على ظهر والدها وبقي في حالته مستندا على يديه..
ـ( لعن الله ابوك يا لبومه ) الجمر صلخ ظهري…
ـ يا "حرمة" الحقيني .
كانت امينه هي بطلة الموقف رغم انها لا تكاد تبصر الكثير ممن ما يجري بسبب ما على وجهها من بركات والدها… الا انها كانت تصرخ: "الشيشه .. الشيشة .. انكسرت يا ابويه "..
حين دخلت الخالة حزيمة على صراخ زوجها, رأت المنظر, وما لبثت ان تمهلت في سيرها وصاحت:
ـ ( السجادة احترقت, الله يحرقك انت وبنتك )
تقبل عم مشهور هذه الدعوات الحارة من زوجته بالكثير من الصبر والتحمل, فقد مر عليه الكثير من جبروت هذه المرأة المتسلطة, كما يظن دائما.. فهو غالبا ما يبث شكواهـ وتذمره من جنس الزوجات لكل من يجالسه.
هذه المرة كان المسكن ضحية حُمقه وتسرعه.. لكن سرعان ما ذهب عنه الغضب كعادته " فراس " الشيشة لا يقدر بثمن, وقد يخسر خدمات ابنته الحبيبة امينة لو تمادى في العقاب.
جلس عم مشهور يتأوه ويجمع الجمر المتناثر ـ والنظر الى ابنته بالكثير من الغيظ والحنق..
ـ ليه يا بنت "حزيمة"؟ ناقصين عاهات في التلفزيون ؟, مو عيونك اوسع من الشاشة يـا "بطه" ما تقدري تميزي سحر جمالك الفتان بينهم!
ثم بقليل من اللين والملاطفة شرحت امينه لوالدها رغبتها في الدخول الى كلية الفنون لكي تصبح فنانة في الرسم وليس فنانة في التمثيل او الرقص .
استرجع العم "مشهور" انفاسه.. وقال: ..
ـ فنانة يا امينه "رسامة يا امينة" !! والله لايق عليك وعلى عيونك يا زرقاء اليمامة.. ابشري..
طيب اصبري علىّ يا بنتي وخليني اتكتك واشوف لك بعثة يا حفيدة دافينشي, انا من زمان والله واثق انك فنانه يا بنت شفتي راس الشيشة اللى تسوي والله ما يسوية احمد اليماني اللى في القهوة .. عشان كذا دائما اقول حرام يكون مكانك بيننا.
ـ داحين .. انقلعي سوي لي شيشة ثانية!.


.