عرض مشاركة واحدة
قديم 02-04-2024, 11:13 PM   #8
شاذان اليحمدي
 
الصورة الرمزية شاذان اليحمدي
 







 
شاذان اليحمدي is on a distinguished road
افتراضي رد: ((الشنفري الصعلوك المنتقم في سراة زهران ))

بارك الله فيك اخي الكريم.
الصعلوك لغة هو الفقير الذي لايملك المال ، ولكن تجاوزت الكلمة من بعد معناها, وأخذت معاني أخرى ، فاطلقت على قطاع الطرق ، ألذين يقومون بعمليات السلب والنهب ، وهذا ما نـُبرىء الشنفرى منه ولا نميل للإتهامات التي وردت اليه في هذا الشأن في كتب التاريخ لأنها أصلاً لم تخضع للتمحيص والتدقيق ولن نميل اليها ولن نقبلها ونحن منها في شك كبير لأن قصائده تنطق بلسان حاله وهي تعكس شخصيته بصدق ، فهي تقول عكس هذا تماماً ولا يمكن للشاعر أن يكذب ابداعه الشعري والشعر يمثل الشاعر، فهو جزء من شخصيته، ويعكس ما بداخله من أحاسيس في شعوره ومشاعره.
شاعر يتفوّه بنظم مثل هذا الكلام السديد ، أليس ذو عزّة وحكمة وأخلاق حميدة، فلاميته عند العرب قد بلغت القمة من المقدرة على التصوير والتجسيد ويكفى أنها تشمل على بعض الصور الأدبية التى تلفت النظر إلى هذه اللامية وهذا يدل على جودة العمل الأدبى، فهى ذات أهمية فى الأدب العربى حيث تنازع عليها العرب والعجم بمعنى إنها درة فى الأدب العربى كله.
ومع كل هذا يُرمى بالصعلكة بمعانيها السلبية ،ثم يأتي الرواة يلفقون عليه ماشاءوا من قصص وأقاويل.
الشنفرى من سلامان دوس بني فهم ويؤسفني اني سمعت احد الاخوة يقول لايوجد قبيلة في زهران اسمها سلامان يوجد فقط قرية اسمها سلامان..؟ لاحول ولاقوة الا بالله.. ماعلم ان سلامان قبيلة كبيرة جداً في زهران ومهما حصل نحن ابناء القبيلة اعلم وأدرى بأنسابنا ولدينا الروايات المتواترة اباً عن جد ، ان سلامان بطن قديم تفرع منه ستة بطون كبيرة وقديمة جداً وهم في منطقة الباحة سراة وتهامة ومنهم من هاجر الى الطائف واليمامة وهجر وعمان والبصرة والشام ومصر .
حقيقة يؤسفني ان اعضاء المنتدى من ابناء زهران لايعرفون مامعنى الشنفرى وهو لفظ دارج لدينا من ألالفاظ المستخدمة كان ومازال يطلق على الشخص الذي ينتابه نفور وحالة انفعال وتغير في السلوك وعدم السيطرة على مشاعر الغضب.
أما ماقيل انه اسر وانه عبد وأنه سمي الشنفرى لغلظ شفتيه كل هذا الكلام عار من الصحةتماماً.
الشنفرى حر وأمه حره وهو نفسه في شعره يصرح بأن قومه قد أضاعوا أباه ، ولم يأخذوا بثأره ، وفي أخباره أنه «قدم منى وبها حزام بن جابر فقيل له: هذا قاتل أبيك، فشد عليه فقتله، وهو يصرح بهذا في شعره».
واستناداً الى ما روى بعض المؤرخين انهم عندما أسروه واجتمعوا عليه من كل ناحية، فقال بعضهم: «استبقوه، فإنما هو رجل منكم»، ولعله ان مننتم عليه يشكر ذلك، ويترك غاراته عليكم، فسمع قولهم. فقال: قد أخذتم ثأركم بقطع يدي. قالوا: ويلك، وهل في قطع يدك على كثرة ما قتلت منا.
قال: نعم، بعدد كل أنملة، وعضو، وعرق، وعصبة، وعظم في بدني ثأر منكم. وإني لا أعلم غير تاركي للؤمكم، وبه سلطت عليكم، ثم لم تأخذوا ثأركم مني. فأنشد قائلاً:

ومَن يَكُ مثلي يَلقَهُ المَوتُ خالياً
منَ المالِ والأهلين في رَأسِ فَدفَدِ
أَلا لَيتَ شِعري أَيّ دَخلٍ يُصيبُني
وإنَّ ذنوبي تَلقَني وهو مَوعِدي
سَعَيتُ لعبدِ اللَّهِ بَعضَ حَشاشَتي
وَنِلـتُ حِزاماً مُهدياً بِمُهَنَّدي
وَإنِّي لَذو أَنفٍ حَمِيٍّ مُرَقَّعٍ
وَإنَّي لَثَأري حيثُ كنتُ بِمَرصَدِ
وقالوا أَخوكُم جَهرَةً وابنُ عَمِّكُم
ألا فَاجعَلــوني مَثـلاً بَعد أبعَـدِ
أَنا ابنُ الأُلى شدُّوا وَراءَ أَكُفِّهِم
وَلَستُ بِفَقعِ القاعِ من بَين قُردُدِ
أَضَعتُم أَبي قتلاً فَكُنتُم بمشَارَّةٍ
عَلى قَومِكُم يا آلَ عَمرِو بن مَرثَدِ
فَها أَنَذا كَاللَّيثِ يَحمي عَرينَه
وَإن كُنتُ عانٍ في وِثاقي مُصَفَّدِ
فَإِن تَقطَعوا كَفِّي أَلا رُبَّ ضَربَةٍ
ضَرَبـتُ وَقَلبـي ثابِتٌ غير مُرعِدِ
أَضَعتُم أَبي إذ مالَ شِقُّ وِسادِه
عَلى جَنَفٍ قد ضاعَ مَن لَم يُوَسَّدِ
فَإِن تَطعَنوا الشَّيخَ الذي لم تُفَوِّتوا
مَنِيَّـتَهُ وَغِبـتُ إِذ لَـم أُشَـهَّدِ
فَطَعنَةُ خِلس مِنكُمُ قَد تَركتُها
تَمجُّ عَلى أَقطارِها سُمَّ أَسودِ
فَإِن تَقتُلوني تَقتُلوا غَيرَ ناكِصٍ
ولا يرم هام عَلَى الحيرِ مُلهَدِ
أَلا فَاقتُلوني إِنَّني غَيرُ رَاجِعٍ
إِلَيكُم وَلا أُعطي عَلَى الذُّلِّ مِقوَدي

واما ما ذكره ابن حزم في كتابه جمهرة انساب العرب : ان بنو سلامان بن مفرج بن مالك بن زهران، بطن، منهم كان الشّنفرى الفاتك، وكان يغير عليهم لأنهم قتل رجل منهم أباه، فلم يطلبوا بثأره«فلحق ببنى فهم بن عمرو بن قيس عيلان بن مضر وكانوا أخواله». فنجد في كتب الأنساب والتراجم والطبقات ان «عدوان وَفهم» نسبوا وبنوهم إِلَى أمّهم جديلة بنت مرّ بن أدّ. فقيل جديلة قيس. واستناداً إلى ما نقله ابن الكلبي في الجمهرة، وأبي عبيدة القاسم في كتاب النسب أن عدوان يقولون ان أمهم هي جديلة بنت مدركة، وقول عدوان في نسبهم مقدم على قول غيرهم، فالعرب أعلم بأنسابها ومؤتمنة عليها، وكذلك نسبهم ابن عبد ربه في العقد الفريد.
اما نحن فالمتواتر لدينا هم من« دوس بني فهم » واشتهروا بلقب« عدوان ، الجدلان » وغيرها من الألقاب التي لايتسع المجال لذكرها. ولايعني هذا انهم كافة اشتهروا بلقب عدوان بل البعض منهم والبعض الآخر لم يركب عليهم هذا اللقب بتاتاً.
واستناداً الى ماكتبه أبو زكريا الأزدي (المتوفى 334هـ) في كتابه «تاريخ الموصل» عن الهيثم بن عدي قال حدثني غير واحد أن عبيدالله بن الحباب السلولي لما ولاه هشام بن عبدالملك على خراج مصر قال ماأرى لقيس فيها حظاً الا لناس من فهم من جديلة قيس فكتب الى هشام أن امير المؤمنين أطال الله بقاءه وقد شرف الله به هذا الحي من قيس ونعشهم به ورفع ذكرهم في خلافته وأني قد قدمت مصراً «فلم أرى فيها حظاً لقيس» إلا لأهل الأبيات من« فهم ديوانهم في أهل اليمن» فكرهت أن اخرجهم منهم وقبلي كورة ليس فيها احد وليس يضر باهلها نزول احد معهم ولا يكسر ذلك خراجاً وهي «ثينيس» فإن رأى أمير المؤمنين أن ينزلها هذا الحي من قيس. فكتب اليه هشام انت وذلك. فبعث الى البادية فقدم عليه مائة أهل بيت من بني نصر ومائة أهل بيت من بني عامر ومائة أهل بيت من أفناء هوازن ومائة بيت من بني سليم فأنزلهم بثينيس.
فتهجير قبائل من قيس إلى مصر إجراء سياسي اتخذه الخليفة هشام بن عبد الملك سنة109هجرية. وذكر المقريزي« وكان نزول سليم وعدة قبائل من قيس في أرض مصر سنة تسع ومائة هجرية ولم يكن بأرض مصر أحد من قيس قبل ذلك إلا من كان من فهم وعَدْوَان فإنهما من« جديلة قيس». وقد ذكر المقريزي أن هذا القرار السياسي تم استجابة من الخليفة لرغبة عامل خراج مصر، إذ سأله أن ينقل إليها من قيس أبياتا، فأذن له هشام في الحاق ثلاثة آلاف منهم، وتحويل ديوانهم إلى مصر.
فلو كانت «فهم وعدوان» التي سكنت مصر منذ الفتح الأسلامي من سنة 20هـ من قيس هل كان والي خراج مصر عبيدالله بن الحبحاب سيسأل هشام بن عبدالملك أن ينقل اليه ابياتاً من قيس وتحويل ديوانهم الى مصر..؟
ويؤسفني ان بعض المؤرخين ينسبون الشنفرى للأوس بن الحجر وماعلموا ان لدينا بطن كبير جاهلي وقديم من بني يوس بن الحجر دوس بني فهم، البعض منهم في المندق والقرى والبعض في تهامة والبعض الآخر منهم هاجر للطائف منذ القدم.
ألشنفرى ثأر لأبية عندما كبر وعلم بمقتله والثأر هي عادة من عادات الجاهلية،وكان أبوه في موضع من أهله ولكنه كان في قلة , فلما رأت أم الشنفرى أن ليس يطلب بدمه أحد ارتحلت به الى اهلها بني عدي دوس بني فهم ، وقد يقول قائل لماذا لم يأخذوا بثأره ، هناك اسباب نحن لانعلمها ، لكن الذي يتضح لنا أن قاتل أبيه سيد من سادات بني سلامان بن مفرج الشرفاء الأجلاء وهو سيدهم ولاتقوم القبيلة إلا بأمره فمن يأخذ بثأره. لأن لديهم أعراف وعادات جاهلية في ذاك الزمن انه اذا قتل السيد الشريف الجليل فيهم تركوه، ولذلك لم يطلبوه وتركوه والشنفرى يومئذ مولود صغير. ولكن من عادات العرب الثأر لايتقادم بتقادم الزمان والسنوات ومن لم يأخذ بالثأر يوصف بالمذمة والعار ، وعندما أخذ الشنفرى بثأر ابيه وقام بقتل قاتل أبيه ، جعل يغير على جماعته بني سلامان بن مفرج بن مالك بن فهم بن دوس في بيده فيقتل كل من أدرك منهم انتقاماً منهم ، ولذلك فإن عملية الثأر قد تقع على الشخص الجاني وقد تقع على غيره بأن يقتل ولي الدم أحد أقارب القاتل أو واحداً من عشيرته، كما أن الثأر قد يقتصر على قتل شخص واحد مقابل القتيل، وقد يتجاوز إلى قتل عدد أكبر كما هو الشائع في معظم قضايا الثأر التي سادت المجتمع الجاهلي وارتبطت بشخصية الإنسان العربي ونظامه القبلي القائم على العصبية والتفاخر بالكثرة والانتقام بأعلى قدر من الشدة والقسوة .

وأما ماذكره المؤرخين إن رجلا من الأزد أتى أسيد بن جابر، وهو أخو حزام المقتول فقال: تركت الشنفري بسوق حباشة، فقال أسيد بن جابر: واللّه لئن كنت صادقا لا نرجع حتى نأكل من جنى أليف أبيدة، فقعد له على الطريق هو وابنا حزام.
فيتضح ان هذا السوق الذي قال عنه رجل من الأزد تركت الشنفرى بسوق حباشة هو قريب من بيده وهو الذي يذكره الأولين عليهم رحمة الله في معشوقة. قالوا كان يقام بها سوق قديم وجاهلي يسمى سوق حباشة وللأسف البعض مايعلم شي عن هذا السوق القديم الجاهلي بمعشوقة، ونتمنى من الجهات ذات الأختصاص البحث والتنقيب عنه لأنه يعد من المعالم الأثرية. وهو خلاف سوق حباشة الذي في صدور قنونا.

الشنفرى حبكوا حوله الأساطير الأخرى غير قتله المائة الأشداء الأقوياء فخطواته الجبارة تقارب العشرين مترا ، لا تلحق به الخيول الأصيلة ، وقدموه لنا باسم (ثابت بن أوس الأزدي) على أغلب الروايات ، وجعلوه صعلوكاً قاتلاً ، لقد وقع الرواة والأخباريون والمؤرخون في خلط كبير ، ونقلوا إلينا الأخبار دون تمحيص دقيق ، أو تحكيم لعقل سليم. هذا والله اعلم.
شاذان اليحمدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس