التأمين الصحي للمتقاعدين
يقلم/ ميساء راشد غدير
ربما كثر الحديث عن المتقاعدين في الإمارات والأوضاع الاقتصادية الخاصة بهم أو مطالبهم، ولكن كثرة الحديث لا تعني عدم الحاجة للتذكير بواجب المجتمع المحلي تجاه هذه الفئة التي خدمت سنين طويلة من عمرها، وقدمت أفضل ما لديها أثناء فترة عملها.
فالمتقاعد الذي نتحدث عنه اليوم هو إماراتي وله من الحقوق ما له، والتي لا يفترض أن تختلف عن نظيره المستمر في عمله، مع خلاف جوهري كبير، وهو أن الموظف المستمر في عمله يتقاضى راتباً كاملاً، وتمنحه الوظيفة التزامات تسقط عن المتقاعد بمجرد تقاعده، كالتأمين الصحي وتذاكر السفر السنوية.
ومن أهم المسائل التي يطالب بها المتقاعدون، خصوصاً أولئك الذين لم تشملهم الزيادة الأخيرة، زيادة رواتبهم وتوفير التأمين الصحي لهم ولأفراد أسرهم.
قضية زيادة الرواتب مسألة مهمة، وينبغي عدم تسويفها وتأجيلها في ضوء المتغيرات التي تطرأ على مجتمعنا، لا سيما في مستوى المعيشة والأسعار التي ارتفعت ولم ينج منها أحد في العالم، وهو ما يتطلب من الجهات الحكومية المختصة إعداد دراسات توضح مدى تأثر المتقاعد بهذه المتغيرات، ومدى قدرة راتبه على احتمالها.
أما المسألة الأهم فهي التأمين الصحي، ففي ضوء الضغط الحاصل على العيادات والمستشفيات الحكومية وصعوبة الحصول على مواعيد في بعض الاختصاصات، تضطر البعض للجوء إلى القطاع الطبي الخاص الذي أصبحنا نعاني من أسعاره مقابل ما يقدمه من خدمات، رغم أن التأمين الصحي يتحمل جزءاً كبيراً من الكلفة، فكيف بمن تقاعد وأصبح اعتماده على الراتب الذي يروح جزء منه للعلاج في هذا القطاع الذي لا يفرق بين قادر وعاجز مادياً عن تحمل تكاليفه!
سن التقاعد حسب التعديلات الأخيرة على قانون المعاشات، تم رفعه للمرأة والرجل، والتقارير والإحصاءات الرسمية الطبية تؤكد ارتفاع نسبة الأمراض المزمنة، وأهمها أمراض الضغط والسكري والقلب، وهي أمراض تتفاقم غالباً بعد سن التقاعد، ما يجعل الحاجة ملحة لوجود التأمين الصحي لكل متقاعد، باعتبار أن ذلك حق له كمواطن، وباعتبار أن هيئة المعاشات والتأمينات معنية بالاستثمار في الأموال التي يتم استقطاعها من الموظفين، ولا نعتقد أن هناك استثماراً أهم من الاستثمار في صحة الإنسان ورعايته.
تشهد دولة الإمارات تقدماً كبيراً في مختلف المجالات، وأصبحت في عداد الدول الأكثر حرصاً على تأمين حياة كريمة لشعبها، حتى بات الشعب الإماراتي من أسعد الشعوب، وهو الأمر الذي يدفعنا لأن ننادي بالالتفات إلى فئة المتقاعدين ومنحهم ما يستحقون، أسوة بغيرهم من الموظفين في الإمارات وغيرهم من المتقاعدين في الدول المتقدمة، وذلك بتوفير التأمين الصحي لهم ولأفراد أسرهم، فالصحة من الأمور الأساسية التي لا يختلف اثنان على ضرورتها واستمرار الحاجة لمتابعتها، سواء كنا موظفين أو متقاعدين.