عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-04-2014, 04:10 AM
الصورة الرمزية حصن الوادي
حصن الوادي حصن الوادي غير متواجد حالياً
 






حصن الوادي is on a distinguished road
Arrow خليج سعدى ،، سور الطهر العظيم.

نحاك خليج سعدى.
يقولون كانت سعدى فرعه جهدا جهدا ،،لكنها أبت تنكح بعد ما مات رجالها.

هكذا بدأ عمي سرد قصة خليج سعدى.
بعدما أشار إليه ونحن في الطريق الواصل بين الباحة والأطاولة ،، وتحديداً مقابل مفرق بيده بإتجاه الغرب.

هذه سعدى الأسطورة العظيمة.
تسابق خيوط الشمس كل صباح على مدى خمسة عقود لتغزل بخيوط صبرها وطهرها و وفائها أروع نسيج عرفه ذلك الجيل.
تحمل معولها ذو الحدين (الفاروع) الحد المسطح تنحت به الصخر والحد المدبب تغرسه في قلبها ومشاعرها لتقتل شهوتها وترتقي من المستوى الحيواني إلى مستوى العقل و الطهر والعفاف.
كانت تغني على صوت تكسير الصخور ،، بصوت ملئه الحب والطهر والوفاء.
نحتت في الصخر الأصم (خليج) طوله 50 سنه ،، وأرتفاعه قمة الطهر ،، وحجارته من الوفاء.

خليج سعدى.
تسمت به الجبال والأودية والشعاب والحصون.
وأنحنى عنه خط الجنوب إلى الشرق إجلالاً وإكباراً.

خليج يسعدى.
يجمع الماء من سفوح تلك الجبال القاسية الجرداء ليوصله إلى الأرض القاحلة ،، لترتوي تلك الأرض وترتوي تلك المشاعر الصادقة وتثمر وفاءً وطهراً.
.......................................
ولدت سعدى قبل ما يقارب القرنين من الزمن في جيل جاف عاطفي ،، وحالة مادية سيئة للغاية ،، شأنها شأن أقرانها في ذلك الجيل المسكين.
ولدت ولكنها كانت آخرى (غييييير).
كانت شقراء وذات عينين زرقاوين.
وأنف كأنه السيف ،، وشفاه من التوت.
ترعرعت وكانت منذ نعومة أظفارها محط أنظار علية القوم ومناصيب القبيلة و روس الجماعة ،، والكل يريد النظر إليها ،، والكل يتمنى أن يلامس يدها ،، ناهيك عن حلم يجول في صدر العجوز قبل الشاب بأن تكون في يوم من الأيام زوجةً له.
كبرت وأصبحت شخصيتها بمثابة الكمال في الجمال (حررررره وعن عشره رجاجيل).

تنافس التجار وأصحاب البلاد وأصحاب الحلال والشيوخ من زهران والقبايل المجاوره لنيل هذا الحلم.
أصبح موضوع خطوبة سعدى (الهرجه) روتين يومي منذ عشر سنوات ،، فمنذ أن بلغت الخامسة عشر والكل يخطب ودها ويحلم بأن تكون حليلة له.
تتكر العملية وبذات الشخصيات (تجار أصحاب بلاد وأصحاب حلال وشيوخ) ولكن دون جدوى.
إلى أن تقدم رجل كل ما يملكه هو الشيمة والرجولة والنبل.
تعانقت أرواحهما وتكلمت عيونهما وتأججت قلوبهما بحب يفت الصخر ،، فعلاً يفت الصخر لأن هذا ما حصل لاحقاً.
تقدم لوالدها ليطلب يدها ،، وكانت نظرة أب سعدى لهذا الرجل نظرة إزدراء ،، فمن يتقدم لسعدى عادةً هم علية القبيلة.
ولكنه طلب أن يعطيه مهلة ليستشير أبنته.
والتي كانت الفاجعة بالنسبة للأب هي قبول سعدى لهذ الرجل الفقير.

تم الزواج في ليلة حضر فيها شيوخ القبيلة أجمع ،، وشعرائعا وكل أهل القرية.
تسمع تمتمات ( منهو سعيد الحظ اللي كسب رضاها)
وتمتمات أخرى بالدعاء لهذ الرجل ( الله يهنيه ،، عز الله أنه لنكح يوم الله حب وأراد).
قيلت فيها قصائد لو أنها كتبت لخلدت.
فرحوا ورقصوا وعرضوا حتى ثار غبار الأرض وكأنها معركة وليس زواج.
دامت هذه الأفراح ثلاثة أيام والأرض لم تنام.
ودام الحديث عن هذه الزيجة عام كامل ،، والكل يتحدث عن ذلك الزواج (لم يكن مثله بل لن يكون مثله).

عاشت سعدى مع زوجها وكأنهما روح في جسدين (لا يفترقان) ،، في البيت معاً وفي البلاد معاً وبالغنم معاً ،، وكأنهما خيطا مع بعضهما.

مرت الأشهر التسعة الأولى ،، لتنجب سعدى ولد من زوجها الفقير النبيل.
عم الفرح أرجاء الوادي.
سعدى الفرس أنجبت طفل من زوجها الفارس.
كان دوماً ما يحدثها بمشروع العمر ( وهو شق خليج من سفوح الجبال المجاورة إلى المزرعة التي يمتلكها).
والتي كان من المفترض الشروع في العمل لهذا المشروع ،، وبمساعدة أهل القرية (العملة).
لكن لسبب من الأسباب لم يبدأ في هذا المشروع.
..................................

فاجعة لها دوي في أرجاء الوادي.
مات الفارس.
شائت أقدار الله ليموت زوج سعدى ،، وكأن الأرض غارت منهما ،، وقطعت على نفسها وعداً بأن تبلع بداخلها أحدهما.
حزن الجميع ،، وبكت سعدى حتى جف الدمع من عينيها.
مسكينة أنت يا سعدى (طفل يتيم و حب يتيم في أول أيام حياتهما).
يااااا الله فارس أحلامها وأبو طفلها الرضيع مات.
........................

دارت الأيام لتعود الأحداث لسابق عهدها. التجار وأصحاب البلاد وأصحاب الحلال وشيوخ القبيلة والقبايل المجاورة يخطبون ود سعدى ،، ويأملون في تحقيق حلم لمس يدها على سنة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ،، ويحدوهم الأمل بموافقة سعدى كونها أرملة وتريد ستر تفسها.
ويصابون بخيبة أمل جديدة.
سعدى ترفض كل من يتقدم إليها.

وفي لحظة قوة ،، وحب ،، وصدق عزيمة تتخذ القرار الحازم.
سوف يصل الماء عبر الخليج إلى الأرض القاحلة.
وسوف يتحقق حلم زوجها.
وسوف تقتل كل رغباتها الجنسية بهذا العمل الخارق.
وسوف تمزق جسدها بهذا الحكم على نفسها بالأعمال الشاقة.
وسوف تسمو بذاتها وروحها إلى مستوى الطهر والعفاف.

بدأت بشق الخليج في الصخر.
قالوا عنها: فقدت عقلها بعد موت زوجها.
قالوا عنها: ستموت قبل أن يتم شق الخليج.
قالوا عنها: ستحتاج إلى عمر آخر ليصل الماء إلى المزرعه.
قالوا : سيكون قبرها.

ولكنها قالت :
بمشيئة الله سأسمو بعقلي على شهوتي. وسيصل الماء.
وسترتوي الأرض القاحلة.
وسيكبر أبني.
وسأحقق حلم زوجي الميت.

وفعلاً.
قضت خمسين سنةً في شق صخوره وبناء جدرانه.
و سمت بنفسها.
و وصل الماء.
وكبر الأبن.
وتحقق الحلم.

لتلحق بزوجها بعد سنين عجاف وشقاء ،، وطهر و وفاء.

وبقي خليج سعدى أقوى وأسمى وأرسى من سور الصين العظيم.
وبقي خليج سعدى للصابرين إستيحاء. للمحبطين همه.
وللضعفاء قوة.
وللعظماء نظرة تقدير وإحترام.
وللجبال والأودية والشعاب والحصون تسميه.
ولتنحي الطرق عنه وتغير مسارها إستحياءً وتقدير لهذا العمل الخارق الجبار ،، في زمن الفاروع والمسحاه بيدي إمراءة ناعمة وجميلة.

عوالم وشهوات انتهت ،، ومعالم رسخت. وأصبحت قصة تروى ،، ومعلم يشار إليه.

(سعدى) مرآه تعكس لنا وفاء ونقاء بنات زهران الشريفات الطاهرات على مر الأزمنه والأمكنه.
(سعدى) وبحسب المنطقة التي دارت فيها القصة فهي من بني بشير.

رحم الله أموات المسلمين أجمعين.

[IMG][/IMG]

(سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

أغداً ألقاك !!؟؟
يا خوف فؤادي من غدِ
يا لشوقي واحتراقي في انتظار الموعدِ
آآآه كم أخشى غدي هذا ،، وأرجوه اقترابا
أخر مواضيعي

التعديل الأخير تم بواسطة حصن الوادي ; 11-04-2014 الساعة 04:20 AM.
رد مع اقتباس