عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 29-04-2016, 07:01 AM
الصورة الرمزية حصن الوادي
حصن الوادي حصن الوادي غير متواجد حالياً
 






حصن الوادي is on a distinguished road
افتراضي قيس لُبنى ،، بالزهراني


يقول تعالى(( المال والبنون زينة الحياة الدنيا)).

استشعرت هذه الآية الكريمة عندما قمت بزيارة أحد الأقارب في المستشفى(شيبه).

رأيته وامرأته العجوز تجلس بجوار رأسه وتنتحب نحيب الأرامل في بدايات الزواج وكأنهما زوجين في عمر الزهور وليسا عجوزين عاجزين.
كم تمنيت أن أرى (ولد أو بنت) من نسلهما يقف بجوار رأسيهما.
كم تمنيت أنهما إتخذا القرار الصعب بالفراق أو بزواج الرجل من إمرأة أخرى ،، ولم أراهما في ذلك الموقف الأصعب المحزن.

رأيته يعي ما حوله تارة ويغيب عن الوعي تارةً أخرى.
فإذا وعي هلل وكبر وحمد الله ،، ثم يرحب بالزائرين حوله ويسألهم عن أهلهم وأحوالهم.
وإذا غاب عن الوعي تسمعه يهوجس بأمرأته العجوز التي تجلس بجوار رأسه ( يانا لويت فلانه ،، والله ماشي كماها مره مره ،، الله يسعدها وياخذ عمريه قدامها).

فاصل.
طبعاً الكهله يتقطع وجهها من الخجل يوم أن القحم يتغزل فيها على أيدي من حضر (في البداية حزنت حزن عنيف للغاية ،، وقعدت أتذكر حياتهم ،، وبعدين تفلت القحم بذاك الشي اللي يسدد عنه الأذاني ،، والله أن دمعيه كما الخرز من الضحك وعمامتيه فوق خشميه ومسوي نفسيه أبكي عليه ،، ما صدقت طلعت من المستشفى وانسدحت جوف السيارة من الضحك على شكل الكهلة وهي تتلوى من الخجل).

نواصل.
نعم ،، موقف محزن ،، وعبارات مؤلمه كونه على فراش الموت ،، وغزل في كهلته باللغة الزهرانية البحته.
نعم ،، يغيب عقله وينطق قلبه ومشاعره وعواطفه.
استشعرت سنين عشرتهما التي جاوزت ال60 سنه.
مر ذلك الشريط بسرعه أمام عيني ،، وكأني عشت كل الأيام معهما.
تخيلتهما في أيام الزهور ،، وتخيلت أول لقاء بينهما خصوصاً وأنهما من نفس القرية.
تخيلت يوم عرسهما ،، وتخيلت عناقهما في تلك الليلة.
تخيلت ذلك العجوز في يوم عرسه ،، وهو لابس ثوب الفرح الجديد ( الثوب المفرج ) ،، ومحتزم بالجنبية النافعي ،، والريحان تحت عقاله.
وتخيلت تلك العجوز في ليلة زفافها ،، ترتدي الثوب المكلف ،، والعكاف من فوق رأسها (الريحان والكادي والبرك) ،، تخيلت الشبكة المثبته على أطراف رأسها والمتدلية حول عنقها ،، وتخيلت حزام الفضه الذي يدور حول قوامها الغض في ذلك الوقت.
تخيلت أول أيام حياتهما وحبهما ،، ذلك الحب الذي لم تغيره غريزة حب المال والأولاد.
سنين ينتظرون ذلك المولود الذي لم يأتي أصلاً ولن يأتي مستقبلاً.
تخيلت رغبة والديهما في رؤية أحفادهم من هذين الزوجين.
تخيلت رفض الزوج بالزواج من أخرى تحت ظغوط والديه ،، وتخيلت موقف الزوجة برفض طلب والديها بطلب الطلاق من زوجها.
اسهبت في التفكير ،، وسرح بي الخيال في ذلك اليوم الذي اتفقا فيه بالبقاء معاً ،، ودون دخول طرف ثالث بينهما ( زوجة ثانية) وأطراف آخرين ( أولاد من الزوجة الثانية) ،، والتعاهد على الإبقاء على هذا الكيان الأسري الذي يتكون من زوج وزوجة فقط وعدم الإنفصال إلا بالموت.
تخيلت كلمات القسم العظيم الذي نطقوا به تلك الليلة الشتوية الباردة جداً والدافئة عاطفياً ،، تخيلت أيديهم المتماسكة و عناقهما على الفراش ( صدر بصدر و وجه لوجه ونظرة بنظرة).
تخيلت ،، تخيلت ،، تخيلت ،، ولكن خيالي أدنى بكثييييير من واقع حبهما الحقيقي.
تنازلوا عن الذرية ،، دون البحث عن السبب ،، ودون الذهاب إلى المستشفيات بعد تقدم الطب للبحث عن الطرف العاجز عن الإنجاب.
ورضيا بما قسمه الله لهما ،، واستمتعا بهذا الحب الذي أملى فيهما غريزة حب المال والأولاد.
أي حب هذا ،، أي عهد هذا ،، أي وعد هذا.

ليتني سمعت مفردات هذا العهد الذي لم يُنقض ،، وليتني سمعت كلمات هذا الوعد الذي لم يُخلف.

هنا الحب الحقيقي.
بطل قصتنا توفى قبل أيام قليلة ،، جعل الله مثواه الجنة ،، وجمعه بزوجته التي أحبها في الجنة.
وأحسن خاتمة زوجته ،، وأعانها على فقد الحبيب الذي إختارته وحده دونما سواه.
أثق في دعائها الصادق له ،، وآمل أن تعيش ما تبقى لها في هذه الحياة على ذكراه.

هنا الحب الحقيقي ،، وهنا الدافع الحقيقي..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

أغداً ألقاك !!؟؟
يا خوف فؤادي من غدِ
يا لشوقي واحتراقي في انتظار الموعدِ
آآآه كم أخشى غدي هذا ،، وأرجوه اقترابا
أخر مواضيعي
رد مع اقتباس