عرض مشاركة واحدة
قديم 19-08-2012, 10:39 PM   #3
محمد الساهر
عضو مميز
 
الصورة الرمزية محمد الساهر
 







 
محمد الساهر is on a distinguished road
افتراضي رد: العيد في الباحة قديماً مزيج من الفرحة والعادات والأهازيج التي يرددها الجميع

طقوس العيد بالباحة .. كيف طواها الزمن ؟




صحيفة زهران - بخيت طالع مازالت ذاكرة الجيل الحالي ممن هم في الـ 40 من عمرهم , تحتفظ بصورة بانورامية فائقة النكهة للعيد أيام زمان في بلاد زهران وغامد بمنطقة الباحة , حيث كان كل مجموعة من الناس في داخل كل قرية , وتعرف بـ ( اللحِام ) ومفردها ( اللحمة ) أو الفخذ من القبيلة , كانوا يتعايدون مع بعضهم البعض , في عادة توارثوها أبا عن جد .


تلك الصورة – كما قال لي عدد من الأهالي – بدأت تضمحل وتتلاشى إما بشكل كبير أو جزئي , نتيجة لمتغيرات العصر الكثيرة , الأمر الذي أضاع على جيل الشباب الحالي فرصة معايشة مثل تلك الأجواء العفوية الحميمية الزاخرة بالبساطة والصدق والمحبة .
كان كبار السن قديما يجتمعون رجالاً ونساء عند كبير ( اللحمة ) الواحدة بعد صلاة الفجر , لمعايدته وتهنئته بالعيد مبكرا , وذلك قبل ذهاب الرجال إلى مصلى العيد , كانوا يجتمعون عنده فيتناولون القهوة والتمر في أجواء من التآخي والمحبة والفرحة بالعيد .


وبعد العودة من مصلى العيد تبدأ المرحلة الأهم , وهي المرور والمعايدة على جميع بيوت اللحمة الواحدة - واحدا بعد الآخر - حتى البيت الذي ليس فيه رب البيت يمرون عليه للمعايدة , حيث يستقبلهم الابن الأكبر أو أهل البيت .

وكان كل بيت يقدم الخبزة البلدي المعروفة في منطقة الباحة - وهي لمن لا يعرفها رغيف ضخم - لا يتم تقطيعه إلا بالجنبية أو السكين الكبير , ويرحب صاحب البيت بالمعايدين , ثم ( يُشتّر ) أي يقطع لهم الخبزة إلى قطع صغيرة متساوية , ويجعلها على أطراف السفرة , وفي وسطها يضع ( طاسة ) إناء المرق , ومن كان لديه سمن بلدي وعسل فيكون بجانب المرق , ويتناول المعايدون ما تيسر لهم من السفرة .


وكانوا عند دخولهم كل بيت يرددون : ( العيد امبارك ) ويرد عليهم صاحب البيت ( من العايدين ) . وعند مغادرتهم يقولون : (عاد عيدكم ) ويرد عليهم صاحب الدار (تعودون له ) .


ويظلون يواصلون طريقهم في معايدة جميع بيوت ( اللحمة ) كاملة , لحوالي ساعة , وقد تزيد بحسب عدد البيوت وكثرتها . أما الأرحام والعمات والاخوال ونحوهم , فيقوم كل شخص برفقة اخوته وابنائه بمعايدتهم كحالات فردية من بعد صلاة العصر , وأيضا في اليوم الثاني لمن له واجب صلة رحم عليه في القرية أو القرى المجاورة .

كانت ملابس العيد عزيزة وغالية ولها فرحة عارمة , ولذا تجد من يحتفظ بقطعة ملابس أو اكثر ( قبعة أو غترة أو ثوب ) أو جميعها , يحتفظ بها خصيصا ليوم العيد , فيشعر بفرحة الجديد من الملابس بشكل واضح .


كان النساء ماهرات في صناعة الخبزة البلدي , كل واحدة منهن تصنع خبزتها بنفسها , وقد تساعدها جارتها , لكنها بالأصل تتقن عملها , ولكن المساعدة من باب أن احداهن قد تكون مريضة أو أنها حاملٌ مثلا .

وبقيت تلك الجولة الشاملة للمعايدة على أهالي اللحمة الواحدة درسا تربويا للصغار , تعلموا منها أدب وثقافة عادة أهلهم , فتشربوها من الصغر , ولم يكن يغيب منهم احد عنها , فكانت تتجذر في أعماقهم الطرية محبة الجيران وواجب صلة الأقارب , وثقافة مجالس الرجال , وأدب المائدة الجماعية .

كان النسوة يلبسن أفضل ملابسهن للعيد , وهي على أيه حال ملابس بسيطة محتشمة براقة وملونة , فيما ينشرن البخور في أرجاء الدار مع طلوع شمس يوم العيد , وفي اليوم السابق للعيد كن حريصات جدا على تنظيف الساحة والطرقات التي أمام بيت كل واحدة منهن - المرأة وبناتها – في تنافس جميل , وكن يرتبن البيت فرحة واستعدادا للعيد .


وكانت هناك في الأعياد عادة ( رمي المثل ) بالبنادق , حيث يتم رص عدة أحجار من المرو الأبيض في مكان واضح بعيد عن المساكن والناس , ويتبارى الرامون ويتنافسون بشدة في أيهم يصيبه من الرمية الأولى .

أما ( مشاعيل العيد ) فكانت قصة لوحدها , حيث يقوم الناس بجمع نباتات برية خفيفة ومتنوعة قبل العيد بأيام , ويرصونها بجانب بيوتهم , وفي أعالي الجبال , حتى إذا ما جاء العيد تكون قد جفت , وما أن يثبت دخول العيد حتى يتقافز الصغار والشباب وأهلهم من حولهم , فيشعلونها في لحظة واحدة , لتشكل مشهداً بهيا في جنبات كل قرية , على ايقاع اناشيد متنوعة , ومنها :

( مشعالنا مشعال عيد – يتلحّق أطراف السما ) .

وبعد وصول ( الطراطيع ) بدأت هي الأخرى تأخذ لها مساحة وسط كرنفال العيد , سواء بإطلاقها وتفجيرها مع ايقاد المشاعيل ليلاً , أو في صباح يوم العيد وسط فرحة عارمة للصغار .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع



MOHAMMED ALSAHER





أتمنى متابعتي ومشاركتي عبر تويتر والفيس بوك

@m5mmm
أخر مواضيعي
محمد الساهر غير متواجد حالياً