جاءتِ العصافيرُ وانضَمَّ لفيفُ الأحجار للأحجارِ
أُوقظُ الشّوارعَ واللّيلَ
الغصونُ الحَقائبُ الخُضْرُ والحلْمُ وسادٌ
حيث يبقي الضُّحى غريبًا ويبقى
وَجهُهُ خاتمًا على أسراري.
دَلّني شُعاعٌ ونادانيَ صَوْتٌ
وقرأتُ النّجومَ, كتبتُ عناوينَها ومحوتُ
وَدَمي حِبْرُها وأعماقيَ البَسيطَهْ.
لو أنّني أعرفُ كالشّاعر أن أغيّرَ الفصولْ
لَو أنّني أعرف أن أكلّمَ الأشياءْ,
سحرتُ قبرَ الفارسِ الطّفل على الفراتْ
(ماتَ بلا غسْلٍ ولا قَبْرٍ ولا صَلاهْ
خَلَّيهِ ماءً دافقًا أخضَرَ كالزَّيتونْ
في دَميَ العاشقِ في تاريخيَ المسْنونْ.
لو أنّني أعرف كالشّاعر أن أُشاركَ النَّباتْ
قَنَّعْتُ هذا الشّجَرَ العاريَ بالأطفالْ,
لو أَنَّني أعرفُ كالشاعر أَنْ أُدَجِّنَ الغَرابَه
سَوّيْتُ كلّ حَجَرٍ سحابَهْ
تُمْطرُ فوق الشّامِ والفراتْ,
لو أَنّني أعرفُ كالشّاعر أن أغيّر الآجالْ
نَبْوءَةً تُنْذِرُ أو علامَهْ,
باسْميَ فوقَ الشَامِ والفراتْ
أَلصَّقْرُ في باديةِ العروق في مدائنِ السّريرَهْ
أَلصَّقْرُ كالهالةِ مرسومٌ على بوَّابةِ الجزيرهْ
والصّقْرُ في الحنينِ في الحيرة بين الحلْمِ والبُكاءْ
والصّقرُ في مَتاههِ, في يأسه الخلاَّقْ
يَبْني على الذُّروةِ في نهايةِ الأعماقْ
يحمل للغرب حصادَ الشَّرْقْ.
يُومىء الصَّقرُ للصّقورْ -
مُتْعَبٌ, حَملْتهُ مَتاهاتُهُ, حملتهُ الصّخورْ
وجههُ يتقدّمُ والشَّمسُ حُوذيّهُ,
والرّياحُ عجوزٌ تقصُّ حكاياتها,
يرفَعُ كالعاشقِ في تفجّرٍ مَريدْ
في وَلَه الصَّبْوةِ والإِشراقْ
يرفَعُها لِلكون - هذا الهيكلِ الجديدْ
كلُّ فَضَاءٍ باسْمهِ كتابٌ
وكلُّ ريحٍ باسْمهِ نَشيدْ .
الشاعر السوري: أدونيس
صدقني ..
لن تكفيكـ قراءة واحدة !!