عرض مشاركة واحدة
قديم 26-02-2007, 08:54 PM   #19
عبدالله النقبي
 







 
عبدالله النقبي is on a distinguished road
افتراضي

خورفكان في عصر الإستعمار :


العصر البرتغالي

أدى الإنتصار العثماني الساحق في الإستيلاء على القسطنطينية عام 1453 إلى إلحاق هزيمتين في الأمة العربية جاءت الأولى منها سنة 1492 عندما قوضت قشتالة مملكة غرناطة في جنوب شبة الجزيرة الإيبيرية بعد أكثر من عقد من الحروب التي حثت البابوية على تأجيجها ومولتها لإحراز نصر يوازي نصر العثمانيين .

أما الهزيمة الثانية فبدأت بوادرها في نهاية القرن الخامس عشر الميلادي أيضاً , وإنتهت بتقويض الجزء الأكبر من السيادة الملاحية العربية على الخليج العربي وبحر عمان وقسم من المحيط الهندي , وحرمان العرب من الدور التجاري الذي لعبوه على مر العصور بسيطرتهم على الحلقة الوسطى للتجارة الدولية بين الشرق والغرب , بعد أن تمكن الأوربيون من إقامة إتصال مباشر مع الشرق أولاً ومن ثم بسط سيطرتهم على تجارة الهند والإمساك بالخطوط الملاحية في أعالى البحار .

وكان البرتغاليون أول نذر الشر في الخليج العربي وبحر عمان . وسجل التاريخ لقائدهم الأول دي جاما والبوكيرك بعده ومن جاء بعدهما عدداً من المذابح البشعة بحق العرب والمسلمين , وشنوا حرباً صليبية مهولة تضمنت فيما تضمنته : تدمير مسقط وجدع أنوف أهلها وصم آذانهم على يد البوكيرك والذي بدوره دمر خورفكان أيضاً وأحرقها ومثل بأهلها .


وقد كانت خورفكان هي محطة البوكيرك الأخيرة في منطقة ساحل عمان الذي دمر فيه ثلاث مدن كاملة كما دمر فيه الرابعة (قلهات) بعد عودته الأولى من هرمز سنة 1508 م . وعطل هذا القائد في هذه المنطقة كافة النشاط البحري التجاري حيث أحرق ما بين مائة وشرة إلى مائة وعشرين سفينة تجارية بخلاف سفن الصيد في المدن العمانية , وغالباً فإن تلك السفن لم يصدر عنها إعتداء على البوكيرك ورجاله ولم تقاومهم أيضاً لأنها لم تكن سفناً عسكرية . وهدم البوكيرك حوالي أربع مساجد بخلاف البيوت والمنشآت الإقتصادية والمدنية الأخرى , وتوجه البوكيرك بعدئذ عبر رأس مسندم إلى فم الخليج العربي حيث جزيرة هرمز ليكمل المهمة الأساسية التي جاء من أجلها إلى المنطقة العربية .

وظلت المعارك متواصلة حتى سنة 1624 عندما تمكن سلطان بن سيف اليعربي من إجلائهم عن البلاد بعد معارك وحشية كثيرة . ولم يكتف سلطان بهذا حتى إنتزع منهم موانئهم في الهند وأفريقيا نفسها .

ويقول البوكيرك في مذكراته عن خورفكان :"خورفكان قرية كبيرة بيوتها جميلة جداً وهي محصنة من البحر تحصيناً جيداً ,ذلك أن أعداء المدينة إعتادوا على مهاجمتها من جانب البحر دائماً وتحيط بها جبال صخرية شاهقة الإرتفاع , وبالقرب من الساحل يوجد عدد من الجزر مما يعطيها حماية أكثر من السفن المهاجمة . أما داخل المدينة فيوجد بها عدد من البيوت الجميلة تحيطها مزارع الليمون والبرتقال والتين واللوز والنخيل , وهناك أيضاً آبار مياه عذبة وإسطبلات خيول وحيوانات أخرى . وسكان المدينة عرب يشاركهم في العيش عدد من التجار الهنود من منطقة (كجرات) الهندية , ومناخ المدينة جيد وتهب عليها رياح عذبة أما حكامها فهم بنو جابر " .

وإستمرت سيطرة البرتغاليين على المنطقة معظم القرن السادس عشر حتى ضعفت قوتهم بعدها نتيجة منازعة الأوربيين الآخرين حق البرتقال في السيطرة على بحار المشرق والمقاومة الباسلة التي أبداها سكان المنطقة وخاصة قبيلة القواسم القوية التي كانت تسيطر على طول ساحل عمان وعلى شاطئ إيران وحتى أجزاء من شواطئ الهند فقد كانت لهم غزوات كثيرة هناك .

فقد ظهر القواسم كقوة عام 1747 للميلاد عندما بدأ الضعف يدب في أطراف فارس(ايران) .. لقد كان الخليج العربي المنفذ الوحيد للتوابل والبخور والحراير ومختلف صادرات الهند , كما أن اللؤلؤ الطبيعي كان يستخرج من مياهه , فلم يكن عجباً أن تستهوي هذه الثروات المغامرين والأفاقين , وكان مما شجعهم على المغامرة ماألفه الرحالة "ماركو بولو " من قصص وأساطير خيالية عن هذا الخليج , وأوصاف السفن التي تنقل هذه الكنوز , وسكان البلاد الطيبين الذين يجمعون اللؤلؤ من اعماق البحر .. وهكذا إتجه قراصنة أسبانيا والبرتغال وانجلترا وفرنسا وهولندا والهند وتركيا إلى شواطئ منطقة الخليج الغني باللؤلؤ وثروات الهند . فكان العربي يرى هؤلاء اللصوص يسطون ويتعاركون فيما بينهم على ثمرة جهده وتعبه وماله , ولايستطيع أن يحرك ساكناً أو يدافع عن نفسه .. ومرت السنون والحال باقية على ذلك , حتى إنهارت دولة فارس , وإحتل القواسم ساحلها وبدأوا في مطاردة القراصنة الأجانب وطردهم من مياه الخليج كلها ..
عبدالله النقبي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس