عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-11-2006, 07:34 PM
الصورة الرمزية دوس
دوس دوس غير متواجد حالياً
 






دوس is on a distinguished road
Post حلف التنوخيين وقصر الزباء ( خمسة آلاف من الحظارة )

أتفق مؤرخي العرب على أن عربا من أهل تهامة مع عرب من أزد اليمن التقوا بعرب آخرين في البحرين فتحالفوا على ( التنوخ ) أي المقام فعقدوا حلفا ومعاهدة فصارت تسميتهم ( بالتوخيين ) .

وكان لهؤلاء التنوخيين قائدان هما مالك بن فهم الأزدي ومالك بن زهير ، وقد تنازل مالك بن زهير عن القيادة إلى مالك بن فهم ، فقام جذيمة بن مالك بن فهم بالزواج من ابنة مالك بن زهير . فصار القائد مالك بن فهم صاحب النسب المعروف في قضاعة وفي أزد العرب . ويخالط الغموض قصة هجرة العرب إلى البحرين . وقصة الحلف التنوخي ، وقيام الممالك العربية في العراق وسوريا ، ألا ان مؤرخي العرب كافة اتفقوا على ان القوم بعد ان تحالفوا في البحرين تطلعوا إلى ريف العراق ودخلوه ، وكان أول ملك عربي هناك هو مالك بن فهم الذي مات في العراق ودفن فيه ، وتولى الحكم بعده أخوه عمر بن فهم ، فما مات عمر تولى الملك ابن مالك جذيمة المعروف بالوضاح الأبرش الوجه .

وعلى هذا فان مالك بن فهم ، لم يقم في البحرين ، إنما أقام في العراق وملك ومات فيها . أما مؤرخو عمان مثل الازكوي في ( كشف الغمة ) وابن رزيق في ( الشعاع الشائع باللمعان ) والسالمي في ( تحفة الأعيان ) فقد نقلوا عن أبي المنذر هشام بن محمد السائب الكلبي المتوفى سنة 206 للهجرة ، ان مالك بن فهم لم يذهب للعراق بل عاد ومعه قومه بعد ان اختلف مع بقية الأقوام التنوخية المتحالفة لسبب تافه . فعاد من البحرين ماراً بأرض الإمارات حتى وصل إلى عمان فوجد إنها بيد الفرس وأن حاكمها كان مرزباناً فارسياً فقاتله مالك بن فهم الأزدي قتالا شديداً انتهى باندحار المرزبان الفارسي وهرب جيوشه إلى فارس ، فأصبح مالك بن فهم ملكا على عمان . وكان لمالك ولد اسمه ( سليمه ) حرص على تربيته وتنشئته نشأة عسكرية فكان يدربه على القتال وعلى استعمال القوس والنشاب ولكن الأمر انتهى بأن قُتل الوالد مالك بن فهم خطأ برمية سهم من يد أبنه سليمه بينما كان الوالد يقوم بإجراء بعض التمرينات الليلية لولده ، فلما وقع مالك بن فهم صريعا وقد اخترق سهم ولده سليمه قلبه أنشد قائلاً :

أعلمه الرماية كل يوم ... فلما اشتد ساعده رماني

وقد بكاه ولده سليمه ورثاه الشعراء ونعتوه باسم الشهيد ابي جذيمة .

وقد وقع مؤرخو عمان في التباس آخر عندما ذكروا أن مالك بن فهم عندما عاد أدراجه ، التقى بمجمع البحرين بالنبي موسى عليه السلام وزعموا انه هو الخضر عليه السلام صاحب موسى ووقع بينهما ما وقع ، ومن البديهي أن هذا خلط في الأحداث والسنين حيث أن زمن النبي موسى عليه السلام يعود إلى 1200 عاما قبل ميلاد المسيح ، أما قصة الحلف التنوخي فلقد حدثت بعد ولادة المسيح عليه السلام .

ثم اختلط عليهم الأمر مرة أخرى في الزمن الذي حدثت فيه هجرة الأزد سواء إلى العراق أم إلى عمان . فقالوا إنها حدثت على اثر انهيار سد مأرب ولكن المعروف ان السد المذكور قد انهار عام 450 بعد الميلاد ، فإذا كان جذيمة بن مالك قد وقع في غرام الزباء ملكة تدمر كما تقول بعض الروايات العربية ، فكيف تسنى له ذلك إذا علمنا ان الزباء ماتت عام 270 بعد الميلاد تقريبا .

إن إعادة النظر في الوقائع والأسماء والسنين تجعلنا نرجح ان قصة هجرة العرب إلى سواحل البحرين والقطيف وصعودهم منها إلى العراق ثم نزولهم إلى عمان حدثت على النحو التالي :

ان مالك بن فهم الازدي هاجر من اليمن اثر انهيار كلي أو جزئي حدث في السد وجاء السيل العرم وليس بالضرورة ان يكون هذا السيل سبب انهيار سد مأرب كله ، ذلك ان السد تعرض عدة مرات للانهيار ففي عام 200 بعد ميلاد المسيح كان يملك اليمن احد متأخري ملوك سبأ وحمير واسمه ( ياسر يهنعم ) وقد أسمته العرب ( ناشر النعم ) ، وفي عهده وقع حدثان هامان : الأول هو حدوث سيول وأمواج وطوفان هائل اجتاح وديان وسهول اليمن ، واصطدم بالسد العظيم ، مما دعا الملك إلى استنفار الجيش والشعب لترميم تصدع كبير في السد .

أما الحدث الأخر فهو ان ابن الملك المذكور واسمه ( شمهر يرعش ) تقدم بجيشه شمالا وغزا ارض تنوخ فوجد فيها قبيلة ( أسد ) .

وفي رأي الدكتور جواد علي أن أسم ( أسد ) هو في الأصل تسمية ( أزد ) ، فتكون القصة حسب تصوري أن مالكا والازد قد هاجروا في ذلك العام إلى البحرين ، وكان لمالك عددا من الأولاد . ففي جمهرة انساب العرب لابن حزم الاندلسي أن أولاد مالك ابن فهم أحد عشر ولدا ، أشهرهم ( جذيمة ) ملك العراق و ( سليمه ) ملك عمان و ( هناءة ) الذي ينسب إليه ( بنو هناء ) من أهل عمان والإمارات ، ورابع الأولاد هو الحارث الذي ينسب إليه ( لقيط ) الجد الأكبر للشحوح في الإمارات وعمان .

فمن مالك كان العرب الأولين وانتشروا من ضفاف الرافدين إلى سواحل الخليج العربي فجبال عمان وسهولها .

وإذا واصلنا تتبعاتنا للإحداث نجد من المؤرخين من يقول ان مالكا عندما ترك اليمن ونزح عنها وسار بقومه متجها نحو حضرموت أولا فنزل في وادي ( برهوت ) وهو واد تسكنه الجن ، ومن ذلك الوادي اتجه غربا حيث دخل ارض عمان التي كان الفرس يملكونها على أيام أردشير الأول فاصطدم مالك بالفرس وتمكن من إنزال هزيمة بالقوات الفارسية فهرب المزربان فاستسلم السلطة مالك بن فهم وأودعها لولده ( سليمه ) .

ويبدو أنه قد بقى فترة في عمان تزوج فيها من امرأة عمانية فولدت له ( هناءة ) و ( الحارث ) ، وتركهم هناك وأخذ معه ولده الآخر جذيمة واتجه بقسم من قومه شمالا وأناخ في البحرين ، والتقى هناك بمالك بن زهير وهناك تزوج جذيمه من ابنة مالك ابن زهير ، وتم عقد الحلف التنوخي وتوجه القوم كلهم إلى ريف العراق .

وفي العراق صار مالك بن فهم ملكا ، ولما مات مالك بن فهم ملك أخوه ثم آلت الدولة إلى الملك الشهير جذيمة الأبرش الوجه الذي نعتوه بالوضاح خوفا من بطشه إذا نعتوه بالأبرش . وتقول الأساطير العربية ان جذيمة الابرش وقع في غرام الزباء ملكة تدمر وإنها قتلته ثم انتحرت بالسم ، وهذه الواقعة تخالف مصادر التاريخ الروماني التي تقول إن الزباء ، بعد ان عظم ملكها وسيطرت على سوريا كلها ثم تركيا ثم مصر ، قاتلت الإمبراطورية الرومانية ، وقد انتهت الزباء بعد ان دمر الإمبراطور الروماني مدينة تدمر وأخذها أسيرة إلى روما حيث قضت نحبها هناك .

والذي يهمنا في قصة الزباء أن هذه المرأة العربية الشجاعة التي عاشت حياة مليئة بضروب المغامرات وكانت في فترة من فترات حياتها قد حاولت الاستنجاد بالفرس في قتالها ضد الرومان قد توجهت إلى سواحل الخليج العربي وتوقفت في مدخل الخليج . وهذه الواقعة لا تزال حقيقة واقعة إلى يومنا هذا تتمثل في بقايا قصرها الموجود في رأس الخيمة والمعروف باسم ( قصر الزباء ) ، حتى ان اسم الإمارة ( رأس الخيمة ) ينسبه البعض إلى خيمة نصبتها الزباء على مرتفع يطل على مدخل الخليج فسميت الإمارة براس الخيمة .. فهل ذهبت الزباء إلى تلك الديار لطلب النجدة من الفرس أم من سليمه ملك عمان وأخي حبيبها جذيمه ملك العراق .. ؟

وإذا تسلسلنا مع الإحداث بعد ذلك وتوقفنا في عام 300 بعد الميلاد تقريبا لنرى ماذا حدث لعرب المنطقة ، ففي تلك الفترة كان يحكم إيران الملك الساساني سابور الثاني ابن سابور الأول ابن أردشير بن بابك الساساني . وسابور الثاني هو الذي اسماه عرب الخليج باسم سابور ذي الأكتاف لأنه كان يقتل العرب الخليجيين بانتزاع أكتافهم من مكانها .

والظاهر ان عرب الخليج في ذلك الزمان كانوا قد باشروا في الهجرة من السواحل العربية إلى السواحل الفارسية على الخليج ، وأن إعدادا غفيرة منهم هاجرت إلى منطقة عيلام أو خوزستان أو عربستان كما يسميها العرب ، وامتدت الهجرة العربية فشملت أرجاء الساحل الفارسي كافة من الشمال إلى الجنوب .

ويبدو أن سابور ذا الأكتاف قرر ان يهاجم عرب الخليج لإيقاف الهجرة إلى فارس ، فكان هدفه الأول هو جزيرة البحرين والبر المقابل لها في ساحل القطيف ، ثم نزل إلى سواحل الإمارات وعمان وتوغل في اليمامة ، ونجد انه يقتل كل من يصادفه من العرب .

ويحدثنا المؤرخون العرب بأن قبائل بني تميم كانت هي الأكثر عددا في المنطقة حيث تمكن ملكهم عمرو بن تميم بن مر ان يدخل في مفاوضات ومحادثات مع سابور وأن يكف يده عن قومه وعن العرب الآخرين .

وما أن انتهت حملة سابور الدموية وتركت جيوشه الساحل العربي حتى عاد العرب من بني عبد قيس واختلطوا مع بقية العرب في سواحل الخليج ليكونوا الجيل الجديد الذي يستوطن البحرين والساحل المقابل لها ، كما بقيت الأزد وقضاعة وبقية القبائل العربية إلى ظهور الإسلام .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
[IMG]http://tmamz.********************************************/eb0ac0f78d.jpg[/IMG]
أخر مواضيعي

التعديل الأخير تم بواسطة دوس ; 08-11-2006 الساعة 07:44 PM.
رد مع اقتباس