عرض مشاركة واحدة
قديم 04-02-2010, 11:19 PM   #5
شاعر المهجر
 
الصورة الرمزية شاعر المهجر
 







 
شاعر المهجر is on a distinguished road
افتراضي سبحانية جمعان اليوفورية !

(2)
"فتوة حارتنا جمعان
حيوه الليلة يا قدعان
من ديرة كلها فتوّات
سبع الذيابة والأخوان"

يزدحم الشارع الرئيسي لحارة الزيود عن بكرة أبيه برجالات الحارة وزيّهم المعروف بشت, شماغ, عقال, وفي يد كل منهم جنبية أو يرتدي حزام مسدس ..... ويهتفون ويصيحون في صوت واحد فتوّة حارتنا جمعان..... كانت تلك المناسبة تنصيباً ومبايعة لجمعان فتوّة الحارة, كان يتذيّل الوفد صبية صغار وبعض الباعة الجوّالين بحميرهم , وكانت الشرفات تنتهز الفرص لخطف نظرة إلى الفتوّة الجديد.... وبالمناسبة فإن فتوّة الحارة السابق كان قد قضى نحبه في اشتباك مع بعض فتوّات حارة " العبيد " , حيث يقال أنه حاول سرقة كيلو طعميّة من أحد الباعة بالقوة! اجتمع حوله شباب من تلك الحارة وأوسعوه ضرباً على هامته حتى سقط متخشباً!

يصيح أحد الشباب :" جمعان سوف ينتقم لنا من حارة العبيد ", لكن جمعان كان لا يطيق سماع فكرة الانتقام لأنها تؤدي به إلى التهلكة مع الفتوّات الآخرين ؛ "ليتني ما أقسمت على الانتقام! لكن إن لم يكونوا بجانبي لن أكلّف نفسي عناء الانتقام وبين ذلك سوف نكون من المترقّبين" !!! جمعان يطربه أن يكون أميراً على بهلول حيث يستخدمه في عمل السخرة ؛ كيف به فتوّةً لحارة الزيود! هذا ما لم يكن يحلم به في يومٍ من الأيام, لكن ماذا عن وظيفته في البلديّة؟؟؟ هل يضحّي براتب 2500 من أجل أن يكون أميراً على سلاتيح الحارة؟؟؟ هذا ما أوقع جمعان في حيرته التي لم يكن يخرج منها ليلاً ونهاراً !!! حتى ذلك الحين سوف أنظر في الأمر!!!

يتلقى التهنئة من رجالات الحارة, ويجلسهم علي يمينه ويساره على الكراسي الخشبيّة , ويصيح ببهلول >>لم يكن عنده من مستخدم غير بهلول هذا فقد أرهقه<< " هات الشاهي التلقيمة " بلكنته المتصنّعة!!! ويقدمون الشاهي للضيوف وقد احتار ماذا يقول لهم. فقد رفعوا من قدره لكنهم (ورّطوه) مع حارة العبيد!!! يقول في نفسه أنه يمكن أن يكون بلطجي على حارته الذين عرفهم ودرسهم, لكن الحارات الأخرى هذا يعني كلام ثاني!!! سوف يفقعون وجهه ...
" يا رجال الحارة خلونا نصلي ونتعشى وبعدها نتناقش في أمرنا ونعيّن خير" يصرّح لهم بكلّ ثقة, وللعلم فإنه لم يكن مداوماً على الصلاة ولكنه أجل ذلك لأنه يريد أن يفكر في الأمر في تلكم الفترة حتى يقرر فمن العيب أن يقال على فتوّة حارة الزيود بأنه متردد وجبان!

صلوا صلاة العشاء في جماعة, وكانت الحارة مضاءة بمصابيح قديمة خافتة حيث من الصعب التعرف على الآخر, وحده جمعان كان في حيرة من أمره : " هل يوافق على طلب الجماعة؟ من الجنون أن أرفض وإلا فإني سوف أطرد من هنا ولو كان ذلك القرار بنفسي فمن العار أن أرفض .. سوف أخبرهم أنني موافق ولكن... لكن ماذا ... ليس هناك من حل إلا أن أقول لهم أنني موافق!"

تناول الجميع طعام العشاء وهو عبارة عن رز ( كبسـة بالدجاج واللحم وبعض المرق ) , ثم بعد ( التكثير بالخير وقف الجميع للغسيل ثم لانتظار الرد من جمعان ), يتسمر مكانه على الكرسي قائلاً: " يا جماعة الخير أنا موافق على طلبكم هذا رغم أشغالي الكثيرة.. لا أستطيع ردكم خائبين .. أنا أقبل أن أكون أميركم وفتوّتكم لكن سوف يظلّ معي أكثر من شخص .. حتى اذا ما كنت في أشغالي يستطيع الإنابة عني .. كانت تلك ولا ريب حيلة من الحيل التي كان يمتاز بها جمعان فصفق الكل وهلّل له ورقصوا ] العرضة [ ومنهم من حبّ خشمه ومنهم تمرغ على الأرضية من شدة الحماس الذي اعترى العامة! أحدهم أعطاه هديّة وقال أمام الجمع: " هذا سيف دمشقي سوف يقطع به جمعان رؤوس المارقين من حارتنا" وكاد أن ينخلع قلب جمعان لمرئى ذلك السيف فهو أول مرة في حياته يرى سيفاً أمامه كيف به يتقلّده!!! وفي نفس الوقت كل تلك الحوادث التي كانت تعرض لصاحبنا يحوّلها القدر بشكل أو بآخر إلى مناسبة جيّدة لصاحبنا , أخرى يقبلها العقل وأخرى يلفظها.

مرّت الأيام والشهور وحارتنا هذه على ما هي عليه لا جديد فيها .. لا شيء تغيّر ولن يتغيّر شيءٌ فيها طالما أن جمعان يسرح بين جنباتها من بيته إلى المسجد أو الملعب يحكم بين اللاعبين >> زمان ما كان فيه كورة ما كان فيه الا جريد النخل<< ثم بعد مغيب الشمس يتفرق الشباب كما اجتمعوا أول مرة , بعد صلاة المغرب مباشرة كان الجميع يتناول طعام العشاء ثم يخلدون إلى النوم ولا يقومون الا صلاة الفجر يؤدونها في جماعة ثم يرجعون الى بيوتهم, كل شيءٍ كان ساكناً ما عدا خيالات جمعان فإنها تسافر حيث تريد ولا تتوقف إلا بعد أن يسلم رأسه للمخدة.


يتبع ...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
ɷ ڜـۉێّـڅ ݦـن أٱٱږڞ ټـڪڛـٱٱٱښ

ۅڜ ؏ـڷۓ ٱڶڹٱښ ݦڼۍ ؟ɷ
أخر مواضيعي
شاعر المهجر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس