عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-03-2012, 03:56 PM
الصورة الرمزية ابن روزه
ابن روزه ابن روزه غير متواجد حالياً
مراقب عام
 






ابن روزه is on a distinguished road
افتراضي ( وداعاً زهران ) : الشيخ عبدالله الهويمل رئيس محكمة المندق سابقا في رسالة مؤثرة

عبر ( كنانة ) وفي رسالة مؤثرة بعنوان ( وداعا زهران ) : الشيخ عبدالله الهويمل رئيس محكمة المندق سابقا


06-03-2012 11:38 PM


كنانة ـ سامي شريم :
الشيخ عبدالله الهويمل .. رحل عنا وما غاب عن خواطرنا .. فابتسامته لاتكاد تفارق محياه .. كان عظيما في تواضعه .. ونزيها في حكمه وعدالته .. استطعت أن أجد لي في قلبه مكانة .. فلم أستطع أن أضع لمقالته مقدمة تزيدها حسنا وبهاءا .. خصوصا وأنها فضحت فصاحته .. فساق الشعر بين سطورها .. وعطرها بالسجع الرائع الجميل ..
فأنا هنا رسول منه اليكم يا (ابناء زهران الكرام) .. انقل لكم مشاعره وصدق حديثه .. فوفقه الله أينما كان ..

واليكم نص رسالة فضيلة الشيخ عبدالله الهويمل رئيس محكمة المندق سابقا لأهالي محافظة المندق الكرام :


.................................................. .


وداعاً زهران(1)
الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى والحمد لله الذي هدانا وتولانا ومن كل خير أعطانا والصلاة والسلام على الهادي البشير والسراج المنير المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
تمر الليالي والأيام وتتصرم الشهور والأعوام والمرء لا يعلم ما يكتب له وما يقدر من خير و شر أو نفع وضر وأسأل الله أن أكون وإياكم ممن يوفق للخير ويجنب الشر والضير .
ففي المنتصف الثاني من شهر ربيع الأول من عام 1420هـ مررت بمنطقة الباحة متجهاً إلى منطقة عسير وكانت خطة السير المرور بالباحة فقط ونظراً لارتياحنا بالمنطقة فقد بقينا فيها ثلاثة أيام وكنت أحادث من معي في الرحلة بإعجابي بالمنطقة وبالعيش فيها بل أخبرتهم بعدم ممانعتي في السكن فيها علماً بأنني لا أعرف فيها أحداً وفي آخر يوم من شهر ذي القعدة من عام 1426هـ وردني نبأ تعييني قاضياً في محكمة المندق فما زادني ذلك إلا فرحاً وسروراً واستبشاراً ونوراً وفي يوم الأربعاء الخامس من الشهر الرابع من عام 1427هـ بدأت عملي في محكمة المندق واستأجرت سكناً واشترطت على مالكه أن مدة العقد خمس سنوات وها هي تنصرم تلك السنوات وأزيد عليها سادسة ولو زادت سابعة وعاشرة لما كنت نادماً ولا للبقاء كارهاً وفي شهر صفر من عام 1433هـ يرد قرار نقلي من قضاء المحكمة العامة بالمندق إلى قضاء المحكمة العامة بالرياض وإنني من هذا القرار لرابح وخاسر وحزين ومستبشر ففرحي لقربي من أهلي وحزني لفراقي لمن صاروا لي مثل أهلي .
وإن من الواجب علي أن أفصح عن مشاعري خلال تلك السنوات وأنا أعلم علم اليقين أنني لإبداء مشاعري تجاهها غير قادر ولوصفها عاجز ولشكر أهلها غير قادر ايضا ، فهم أهل الجود والإحسان وأهل الكرم والعرفان
فإن سألت عن أنسابهم فهم من الأزد ينتسبون ولزهران ينتمون ومن صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يتفرعون منهم أبو هريرة والطفيل والجهضمي والخليل فهم الرجال الأكفاء والأخلاء الأوفياء .
وإن سألت عن بلادهم ومناخهم فهم فوق جبال السراة يسكنون وفي وسط الضباب شتاء يعيشون ومن زخات المطر يرتوون جبالهم تعانق السماء حجارتها سوداء وأشجارها خضراء طبيعتهم خلابة وللعين جذابة هوائهم عليل وماؤهم سلسبيل .
وإن سألت عن عاداتهم وأخلاقهم فهم بالسجايا الحميدة يتصفون وبالأخلاق العالية يتسمون لضيفهم يكرمون ولجارهم يستوصون ولكبيرهم يحترمون ولصغيرهم يعطفون فهم فيما بينهم متكاتفون ومتكافلون قلوبهم بيضاء وأياديهم بالخير معطاء يبذلون المال بسخاء والنصح بإخلاص ووفاء ، صدق الحديث لهم سجية والوفاء بالعهد لهم صفة ومزية .
وإن سألت عن قضاياهم فهم على البلاد يختصمون وفي قسمة التركات يتأخرون ولكنهم – وربي – للحق يرجعون وللصلح أقرب ما يكون وللعدل والإنصاف يلتمسون وبأحكام الشريعة يلتزمون .
وإن سألت عن الموظفين فهم من أبدع ما يكون وللإنجاز يسعون ولأعمالهم يبتكرون وللقضايا ينهون وللمراجعين يبتسمون ولخدمتي يتسابقون ولأوامري ينفذون .
وكلما سألت عن زهران سأمت وندمت لأنك لا تجد من في وصفهم يعطيك ولا عن أخبارهم يسليك ولا عن مراجلهم يشفيك فهم بكامل الصفات يتحلون وفوق الأوصاف يتربعون وفي أعالي الجبال يقطنون فقد جمعوا العلى حساً ومعنى وحازوا المجد والسؤددا ، والمنصف لهم في الوصف يحتار ومن بلاغة الألفاظ يختار ومع ذلك فهو عاجز وقاصر وعن وصفهم غير قادر
وما أنا في هذا الموقف إلا لهم مقدر وشاكر ولفراقهم نادم وخاسر ولبيان حقهم قاصر فحبهم في قلبي مكنون ولا ولن أنساهم مهما مضت السنون
فشكر الله لهم جودهم وكرمهم واستقبالهم ووداعهم وفضلهم وإحسانهم

وقد فاضت القريحة بهذه الأبيات


قلمي إليك من الفؤاد شعوراً *** فلقد ضَعُفْتَ عن القصيد دهوراً

خذها مشاعرَ فلتَصُغْ لي بيتَها *** إن شئتَ موزوناً وإن مكسوراً

فأجابني أبشر فسوف أُجيبكم *** ولسوف تصبح شاعراً مشكوراً

قلت استعن بالله واكتب جملة *** فـي بـلـدةٍ عـزَّت علـيَّ كثـيراً

هي مندقُ الزهران نِعم جوارها *** من حسنها مرّت عليَّ مـروراً

قال اصطبر لا تطْمَعنَّ فقُدْرتي *** دون امتداحهمُ فلستُ قـديـراً

فخصالهمْ خيرُ الخصال وذكرُهم *** قد بات من بين الورى مشهوراً

أما السخاءُ فليس يُعرف مثلُهم *** من يُستضفْ فيهم يكن مبهوراً

حُسْنُ البشاشة بالمحيا عادةٌ *** وقـلوبهـمْ أضـحت صفاً وطَهوراً

ولئن دُهِمْتَ من الحياة مَعرّةً *** هبّـت ريـاحُ الـفـازعـين نفـوراً

لا تخشَيَنَّ وأنت تسكن بينهم *** ضـراً ولا نَكَـداً وليـس عسيراً

طوبى لجارٍ بينهم فحياته *** ستظـل دومـاً بهجة وسروراً

ولقد مضيتَ من السنين عديدةً *** هل كنتُ إلا صـادقاً مـبروراً

أحسنتَ يا قلمي فقد أعجبتني *** ولحظتُ فيك تأخراً وقصوراً

لكنَّ قدْرَهمُ بقلبي شاهدٌ *** وأنـا بقـلبهـمُ أرى تـقـديراً

فجزاكم الله الجنان وأهلَكم *** وحباكمُ سَعْدَ الدُنّا وأخيراً

والشكرُ إذ أكرتموني دائماً *** واليومَ أبلغتُم وليس غروراً

والله يعلم حُزْنَ قلبي في فرا *** قـكـمُ ولَكِـنْ سُـنَّةٌ تدبيراً

.................................................. ..................................
هذه الكلمة والقصيدة قيلت بعد نقلي من قضاء المحكمة العامة بالمندق إلى قضاء المحكمة العامة بالرياض

اخوكم ..
قاضي محكمة المندق سابقا
عبدالله الهويمل


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي