عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 14-10-2007, 04:58 PM
طاهر الزهراني طاهر الزهراني غير متواجد حالياً
روائي
 






طاهر الزهراني is on a distinguished road
افتراضي فراغ يملأ العيد !

فراغ يملأ العيد

إن من أروع الأشياء في العيد هو ذلك الوقت المليء بالفراغ الطويل الملل لكثير من الناس والممتع للكثير ، أما بالنسبة لي فالعيد هو ساعة أقضيها في معايدة الأقارب والجيران ثم تبقى بعد ذلك كل الساعات المملة ملكاً لي !!
القراءة هي كل مالدي والكتابة أحياناً فقبل العيد بشهور أختار الرواية او الكتاب الذي سوف يكون أنيسي في العيد ، اختاره بعناية فائقة ثم أضعه جانباً حتى يأتي يوم العيد فإذا جاء أحتضنته احتضاناً فريداً من نوعه !!
أجعله نافذتي إلى عالم بعيد عن عالمنا وعن أناس يختلفون كثيراً عمن هم حولنا ، اسمع همسة وأذرف حيناً دمعة .....أقطع قراءتي بعض الأحيان لأسقي بعض النباتات في المنزل وأقص بعض الزهور الذابلة والأوراق الصفراء ثم اعمل لي شاياً أنثر عليه بعض أوراق النعناع الخضراء اليانعة ، ثم أقلب بعض الأفلام الإنسانية القديمة التي بحوزتي ولابد أن يكون طويلاً ..
الرسالة القرمزية
قلوب في اطلانتس
فورست قمب
عطر امراة
رجل المطر
أستمر في المشاهدة حتى آخر الليل ثم احمل جرائدي وأوراقي وأتجه في تلك الساعة المتأخرة من الليل الى ( قهوة الفيشاوي ) قبل ذلك أقطع ( برحة العيدروس ) .....
صرير المراجيح الخشبية المجهدة يذكرني بأنين مؤلم ، الأجساد المتعبة التي كانت تعمل من بعد الفجر إلى ماقبل الفجر، روائح التبغ ، وكثير من النفايات التي تركها الأطفال الفرحين بالعيد ، البغال والجمال المنهكة تذرف كثيراً من الدموع دلالة على الإنهاك والتعب الذي اعتراها ، البائعات ذوات المؤخرات والأثداء الكبيرة يحملن بضائعهن منهن الفرحات ومنهن غير ذلك ....
أتوجه بعد ذلك الى ( الفيشاوي ) وقد رحل الكثير من مرتاديها ، وبينما العم (مجاهد ) يرفع الطاولات والكراسي وبعض الشيش ويجمع بقايا الورق و( الضومنة ) من الأرض ، أخذ يتأمل في الزائر الأخير .
- طارق بتعمل ايه يابني في الساعه دي؟!
- ازورك ياعم ( مجاهد ) ..
- يبني دحنا على وش الصبح .
- وحشتني ياعم مجاهد..
- متشوفشي وحش ....تفضل يبني ...
أحضر لي العم ( مجاهد ) نارجيلة بالورد وشاياً ، ثم واصل رفع الكراسي والطاولات ، أخذت أطيّر الدخان بشكل كثيف ومعه الكثير من الأفكار الرمادية حتى أصبحت هناك غيمة من الدخان تحوم فوق ميدان (البيعة ) ، بدأ العم ( مجاهد ) يغسل تلك الساحة المليئة بالرماد وأعقاب السجائر وبصاق الخيبات الطويلة .
وبينما انا على حالي تلك وعم ( مجاهد ) على حاله شق الصمت صوت الأذان المنبعث من مئذئة جامع ( الجفالي ) هناك حيث تقطع الرؤوس وتشخب الدماء !!
تركت جرائدي على الطاولة ومعها بضع ريالات ، ثم ودعت العم ( مجاهد ) ثم رحلت مع نسمات الفجر الرطبة لأستقبل يوماً كبقية الأيام الأخرى ولكن السؤال الذي كان يتردد بداخلي هل سيبقى الناس في عيدٍ آخر أم سوف يغزوهم الفراغ مثلي ؟!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
الموقع الشخصي
www.6aher.com
البريد الإلكتروني
[email protected]
أخر مواضيعي