عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 09-09-2008, 03:00 AM
الصورة الرمزية ابو عادل العدواني
ابو عادل العدواني ابو عادل العدواني غير متواجد حالياً

إداري أول
 






ابو عادل العدواني is on a distinguished road
افتراضي رمضان قبل احتلال العراق وبعده


[glow=#0F0F01][glint][glow=#FFFF00]رمضان قبل احتلال العراق وبعده [/glow][/glint][/glow]



شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن الكريم، له طعم خاص فأيامه ولياليه تختلف عن بقية أيام السنة في العراق وكذلك الحال في سائر البلدان العربية والإسلامية.

وأنا سأحاول أن أتكلم عن رمضان في العراق بين مرحلتين مهمتين:

الأولى هي مرحلة ما قبل الاحتلال.

والثانية هي مرحلة ما بعد الاحتلال.

رمضان قبل الاحتلال

سأحاول التحدث في هذا التقرير عن بعض العادات والتقاليد في المجتمع العراقي خلال الشهر الفضيل؛ فالمساجد في العراق تستعد لرمضان استعداداً واضحاً لاستقبال شهر رمضان؛ حيث تنتشر اللافتات التي تذكر بفضائل الشهر الكريم في الطرقات وعلى مفارق الطرق الرئيسية, وتوزع إمساكيات شهر رمضان في كل مكان تقريباً، والكل تراه يترقب الليلة الأولى التي تسبق رمضان وذلك من أجل صلاة التراويح في المسجد, الذي يتم تنظيفه وتعطيره بالبخور استعداداً للشهر الكريم.

وقبل رمضان تستعد العائلة العراقية للشهر الفضيل استعدادات متوارثة وبسيطة،ومنها أن بعض ربات البيوت تعد أنواعاً معينة من الأكلات ومنها الكبب والمشمش المنقوع الذي يستخدم كمشروب مع الفطور أو في السحور، إضافة إلى التحضير للعيد بعمل الكليجة العراقية (المعمول).

والكرم العربي العراقي لا ينقطع، ففي رمضان ترى الجميع يحمل بين يديه طبقاً من التمر وهو في طريقه إلى صلاة المغرب في المسجد.

وهناك من يأتي بأنواع من الأطعمة كالرز والمرق والشوربة والدولمة العراقية, والتي تمد لها موائد مخصصة في المساجد.

وفي رمضان تكتظ المساجد بالمصلين وترى العشرات من التائبين الذين يبكون بحرقة ويستغفرون الله على ما فرطوا من سالف أيامهم, هو ـ حقاً ـ شهر للتوبة والكرم.

في رمضان تجتمع العائلة العراقية على مائدة السحور، بعد أن يأتي "أبو الطبل" وهو شخص يحمل طبلاً ويقرع عليه لأيقاظ الناس, وهذه العادة ما زالت مستمرة ـ رغم أنها من أيام بغداد القديمة ـ وهي عادة موجودة في جميع المدن العراقية من الشمال إلى الجنوب، وهذا الرجل "أبو الطبل " يُكرَّم يوم العيد من قبل أهالي الحي, بعدما يأتي صباح العيد وهو يقرع بالطبل فيخرج له الناس إكرامية مادية أكراماً له.

وجبة السحور

وجبة السحور في العراق عادة هي وجبة بسيطة أغلبها من الخبز والرز والتمر والجبن واللبن الرائب, وأهم شيء بالنسبة للعراقيين هو الشاي, الذي يحرصون على احتسائه في الفطور والسحور.

أما نهار رمضان في العراق فتتخلله قيلولة من قبل الصائم وتستمر أحياناً حتى صلاة العصر، وهي من العادات الباقية لحد الآن.

الأسواق في العراق

تبقى الأسواق في شهر رمضان مشرعة الأبواب لحين صلاة المغرب، ومع "ضرب المدفع " والذي يعد من العادات القديمة في العراق ـ ويسمى باللهجة العراقية الشعبية "الطوب" ـ وعادة ما يضرب مع أذان المغرب تماماً, تجتمع بعدها العائلة العراقية على مائدة الإفطار، وعادة ما يكون الإفطار في الأيام الأولى من رمضان عند كبير العائلة، حيث يجتمع الجميع في بيته, ثم تتوالى الدعوات بين العائلات حتى نهاية الشهر الكريم.

وبين صلاة المغرب والعشاء يلف السكون معظم مدن البلاد, وتبدأ حركة بسيطة قبل أذان العشاء بفترة قليلة وحين النداء لصلاة العشاء تبث الحياة من جديد في الشوارع, ويجتمع الناس في المساجد لصلاة العشاء ولاستماع محاضرة من أحد المشايخ, الذي عادة ما يكون من خارج المحافظة.

وبعد الصلاة, يجتمع الناس في المضايف والمقاهي وعلى أرصفة الطرقات للتسامر؛ بينما تنطلق في مناطق معروفة في بغداد ومنها الفضل والأعظمية بطولات لعبة (المحيبس) ـ أي الخاتم ـ وهي لعبة شعبية عراقية تتكون من فريقين يملك احد الفريقين المحبس"الخاتم"، ومن يجده عند الآخر ـ في يده ـ فله نقطة وإن لم يجده فعليه نقطة؛ وبعدها توزع الحلويات الشعبية العراقية ( البقلاوة والزلابيا وزنود الست) وغيرها من الحلويات التي يتميز بها المطبخ العراقي.

ومما يميز ليالي رمضان أيضاً الزيارات الليلية بين العائلات العراقية حيث تستمر جلسات السمر إلى بعد منتصف الليل وتدور فيها أحاديث مختلفة دينية واجتماعية وغيرها.

وفي رمضان تكثر المحاضرات الدينية من علماء العراق في عموم المحافظات حتى إن من العلماء من يترك أهله ولا يفطر معهم سوى يوم أو يومين من أيام الشهر الفضيل بسبب تنقلاته بين القرى لإعطاء المواعظ والدروس, وتلاحظ أن الناس في كل منطقة يتجمعون للذهاب إلى هذه المحاضرات وخصوصا إذا كانت في المساجد المركزية في المدينة.

أما في العشر الأواخر من رمضان فإن الناس يصلون العشاء والتراويح, وتؤخر صلاة الوتر إلى ما قبل صلاة الفجر، وتبدأ في مساجد البلاد صلاة القيام, التي تبدأ عند الواحدة بعد منتصف الليل حتى وقت السحور؛ وهناك مساجد يتفق المصلون فيها على قراءة جزء أو أكثر من القرآن الكريم كل ليلة، وبعدها يتسحر هؤلاء في المسجد, وينتظرون صلاة الفجر ثم يعتكفون في المسجد لحين شروق الشمس ويصلون ركعتين ثم ينطلقون.

الصدقة في رمضان

الصدقة في رمضان تكون واضحة ولا ترى فرقاً بين وجبة الفطور عند الفقراء والأغنياء؛ فجميع الجيران يرسلون لبعضهم البعض أطباقاً مما يطبخون, حتى إنك تلاحظ أن المائدة الواحدة فيها أحياناً أكثر من خمسة أنواع من الطعام غير المنزلي, الذي يصل من الجيران وفي هذه الحالة عليك في المقابل ألا تعيد الصحن فارغاً, لأنها عادة مرفوضة، بل يجب عليك أن تعيد فيه شيئاً ولو بعض التمرات.

على العموم رمضان في العراق له طعم لا يمكن أن يوصف فهو متعة تجمع بين الدين والدنيا بلا انتهاك لحرمات الله.

رمضان بعد الاحتلال

هذه الصور التي ذكرتها كلها قبل الاحتلال، أما بعد الاحتلال فإن الصورة قد انقلبت رأساً على عقب، حيث كان من الأهداف الأولى للاحتلال تدمير المساجد والجوامع, وارتكبت أكثر من جريمة في دور العبادة وهدمت العشرات من المساجد بحجج واهية حقيرة، ومنها وجود الإرهابيين فيها.

رمضان في زمن الاحتلال والمليشيات صار له وضع خاص، حيث ترك الكثير من الناس صلاتي العشاء والتراويح في المساجد, وخصوصاً أيام "الاستهتار" الذي مارسه وزير الداخلية العراقي السابق سيئ الصيت بيان جبر صولاغ وقواته الأمنية الخبيثة, التي هي من قوات بدر وجيش المهدي وغيرها من المليشيات الطائفية, والتي لا همَّ لها إلا قتل الأبرياء من العراقيين الرافضين للاحتلال ومن أي مكون كانوا.

ونتيجة لهذه المخاوف وخصوصاً في العامين الماضيين صار الناس لا يصلون صلاتي المغرب والعشاء في المسجد؛ وفي أغلب المناطق لا تصلى صلاة التراويح في المساجد وذلك بسبب انتشار فرق الموت الجبانة التي تتربص بالمصلين وهم يتوجهون لصلاتي العشاء والفجر.

وعلى الرغم من ذلك فقد حرصت العشرات من المساجد على إقامة صلاتي العشاء والتراويح جماعة، وقد تم ترتيب حمايات مسلحة من المصلين أخذت أماكنها في مداخل الأحياء السكنية وفي أسطح البنايات القريبة من المساجد وفي المساجد ذاتها, ووسط استهتار الأجهزة الأمنية وفرق الموت التابعة لها؛ نلاحظ أن قوات الاحتلال تغض الطرف عن الممارسات الطائفية في البلاد, وكأنها تبارك هذه الممارسات الغريبة على التركيبة الاجتماعية للعراق، بل هي من دفع ـ ويدفع ـ إليها.

أما في الأيام التي تسبق ليلة العيد فإننا نلاحظ أن الفقراء فرحون بما يهب لهم الناس من زكاة الفطر وغيرها من الهبات والعطايا من المحسنين، حتى إنك لا تفرق بين أبناء الأغنياء وأبناء الفقراء أيام الأعياد.

إن رمضان هو شهر الصبر؛ وهذا الصبر هو الدرس الأهم في مسيرة الأمة في مقاومة الأعداء والعملاء؛ وأن الشعب العراقي الصابر الذي وقف ضد الاحتلال منذ أكثر من خمس سنوات سيصبر وسيحرر العراق من براثن هؤلاء الغرباء, مهما تشبثوا بأرض العراق الطيبة, والله نسأل أن يأتي رمضان المقبل ونحن نرى أن العراق قد حرر من أولئك الأشرار والعملاء؛ وحينها ستعود أيام العراق كما كانت, مساجد مليئة بالمصلين، شعب لا يعرف الحقد, وعلماء ينشرون الخير والبشارة في كل مكان من أرض البلاد؛ وحينها نثبت لكل العالم أن المؤامرة التي جاء بها الاحتلال باسم الديمقراطية الزائفة قد فشلت؛ وأن العراقيين سيعيدون بناء بلدهم ويعودون كما كانوا في سالف الزمان شامة في جبين الأمة, عسى أن يكون ذلك في رمضان المقبل, اللهم آمين.


منقول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع



أخر مواضيعي