بسم الله الرحمن الرحيم
يشتمل تراثنا المحلي على زخم من التقاليد المتعلقة بالصناعات على قلتها، والمرتبطة بالحياة. ونقترب اليوم من صناعة سوف لن تندثر مهما انحازت للتراث وتعمقت فيه فهي حية وباقية ما بقي البحر.
يوجد موقع صنع الدوابي داخل منطقة رملية محاطة بتلال من الرمل الناعم والحشائش العشوائية، أما طريق المركبات فقد تم رصفه بكميات من الزجاج المكسر حيث اختلط بالرمل وشد الأرض مما يتيح للسيارات الوصول دون أن تغرس. اقتربنا من أحد المشتغلين بشؤون الصيد وعالم البحر، وجدناه منهمكا مع فريق من عماله في إنجاز طلبية من القراقير، أو الدوابي. عبدالله سالم أحد المهمومين بحياة البحر يحدثنا عن إحدى أهم مواد العمل فيه.
ماهي الدوباية وماذا يعني أو من أين اشتق اسمها؟
نحن لم نهتم بذلك ومنذ أن وعينا عرفناها بهذا الاسم.
كيف تصنع ومم؟
المادة الأساسية طبعا السيم أو السلك وهومن المعدن الطيع ومنه أحجام وأنواع.
ما هي؟
المعروف حجمان، القطين أي الرفيع والعادي أي السميك، وأما أنواعهما فهناك الكوري ولا بأس به مقارنة بالصيني وهو الشائع الآن حيث تنحصر الخيارات في هذين النوعين، وسابقا كان يوجد السيم البلجيكي، ولكن نحن الشباب سمعنا عنه ولم نلحق عليه وعرفنا الكوري والصيني.
وهل هو متوفر؟ وماذا عن الأسعار؟
هو موجود ومتوفر، لكن الأسعار في تصاعد، فقد كان الواحد يشتري الدوباية بـ 120درهما في2002على سبيل المثال اليوم تكلف بـ 250 وبصعوبة أيضا.
هل هناك فروق بين الدوابي؟
الفرق في الأحجام، ولا يوجد فرق أو تغير في التسمية، فلدينا الدوباية ولدينا القرقور، ولكل منهما أماكن استخدام أو صيد محددة، ولنوع معين من السمك.
حدثنا عن السيم القطين والسميك؟
الإثنان يؤديان العمل المطلوب، ولكن الدقيق ويسمى القطين أصيد، ويستخدم في الشتاء أكثر ويصاد به الشعري، ودقته تمنع أو تؤخر تكون الطحالب وتراكمها عليه، وهو ما نسميه نحن (الشبا) وهي بعض الأعشاب البحرية، وعمره الافتراضي قصير حيث يبقى من ثلاثة إلى أربعة أشهر، بينما السميك يبقى لفترة أطول من ستة إلى سبع شهور من الاستخدام.
مم تتكون الدوباية أو القرقور، وما هي خطوات صنعهما؟
أولا مكونات القرقور والدوباية هي نفسها، تتكون من ثلاثة أجزاء الجسم أو القبة والفرشة، والبابة، والبابة هي الجزء الأصعب من حيث العمل، ولها مختصون، وليس كل أستاذ يمكنه عمل البابة بل تحتاج لمحترف.
ولماذا الصعوبة برأيك؟
تصميمها معقد بعض الشيء، لأن ذلك الذي يتحكم ويحدد نوع السمك المراد صيده، ومكان وضع البابة وشكلها يشيران إلى نوع السمك إن كان سمك (غفو) أي سطح أو سمك (قوع) أي قاع.
وتبدأ عملية صنع الدوباية بعمل حفرة لا يقل عمقها عن ذراع ولا يزيد عن نصف متر في الأرض على رملة ناعمة، وأول جزء يبنى القبة وهي بالمقلوب، ثم الفرشة، أما البابة فلها صانع مختص.
وهل البابة أنواع؟
هناك البابة الشامية أو الخرطومية والبابة الناهضة، والأخيرة لكل أنواع السمك فهي مرتفعة في جسم الدوباية. الخرطومية تُدخل السمك ولا يمكنه الخروج، بينما الأخرى فيمكن للسمك الخروج بعد تناول الطعم وخاصة الصافي، فإن تأخرنا في إخراج القرقور، فإن الصافي يخرج، لأن البابة منخفضة تراعي مكان وجود الصافي في القوع.
وعموما أجرة عمل البابة تفوق أجرة عمل الدوباية كاملة.
لأي الأسماك تستخدم الدوباية؟
أساسا لصيد الجش، والذي يبدأ موسمه من شهر مايو 5 ويستمر إلى منتصف يوليو 7والجش لأنه من الأسماك التي تعوم قرب السطح أي من أسماك الغفو، ومثله أيضا الزريدي والدردمان والصال والقول، وهذه الأنواع دائما سمينة لأنها تتغذى على العومة وأسماك الغفو.
ألا يمكن أن تصطاد أنواعا أخرى؟
الخباط مثلا قد يدخل إلى دوباية الجش، ولكنه يموت في الدوباية حيث يخبط نفسه في جنبات الدوباية حتى يموت، وكأنه يقتل نفسه حين يؤسر، والسِكِل أيضا يفعل ذلك بنفسه.وعن الفرق بين القرقور والدوباية فيكمن في القياسات، فالدوباية تبدأ من ثلاثة أبواع وذراع، وتبدأ قياسات القرقور من باع ونصف وباع وثلاثة أرباع، وباعين ونصف حتى يقترب من قياس الدوباية، وهذه الأخيرة قد تصل لحجم كبير يسمى الجمبو لصيد كميات أكبر من السمك.