عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 29-08-2007, 01:14 PM
الصورة الرمزية فهد الغبيشي
فهد الغبيشي فهد الغبيشي غير متواجد حالياً
عضو متميز
 






فهد الغبيشي is on a distinguished road
6 الشاعر الكبير (الغبيشي)الجزء (1)

بسم الله الرحمن الرحيم

الغبيشي
من رحم الأيام رأينا أعاجيباً شتى , أعاجيباً تسر الناظرين , وأخرى تُضحك وتبكي. و تراث الشعر الجنوبي القديم لايختلف عن غيره من التركات التراثية الأخرى , ففي تجاعيد دهره الطويل ستقرأ الكثير من الأيام , و الأحداث , وستقرأ على جنبات أنامله المرهقة الكثير من الأذواق والأفكار القديمة , وستبحر بك عيناه الشاخصتان إلى غباب شعره , وستتقاسم الهواء مع شعرائه تحت ماء العيون , وستجد أن ذلك الهواء أنقى عذوبةً من شهيق الأوزون , و أسمى نفعاً من خلجات أكسوجين الصدور
. *** علي بن أحمد الغبيشي الزهراني
عرّف بنفسه قائلاً :
أنا علي بن اغبيش
وأنا عدو أم شعارى
أعدي بهم وأجرما
وزاد تعريفاً بنفسه عندما أخبرنا عن مكان إقامته قائلاً :
من محاني دوقة جاك الغبيشي .. حيد يرمي به وحيدٍ بنا به
وللتاريخ أقول بأن الغبيشي علمٌ في رأسه نار , وهو في غنى عن خوض أمثالي للتعريف بحياته وأشعاره , ولكنه مجال هذا المقال الذي لم يدع لي طريقاً سوى أن أقول .. نبغ بالشعر صغيراً حتى قيل أن عمر شعره بدأ في الثامنه ,

وعانى طويلاً من الفقر الذي دفع به الى أن يعمل أجيراً لرعاء الغنم لدى الشيخ جمعان بن الرقوش
.. وهناك في أرض السراة بدأت موهبة ذلك الصغير تنمو شيئاً فشيئاً , حتى غدت تلك الموهبة تطال شموخ جبل عيسان , وتدفع بالمنكب جنبات وادي المسيكة .
كانت تلك الموهبة العجيبة لذلك الصغير وجبة حديثٍ دسمة لبيوت قبيلة بني عامر , وكان لزاماً على ذلك الشيخ النبيه " الشيخ جمعان بن الرقوش" أن ينظر في أمر أجيره الذي كثر الحديث حوله
.. و في مغرب أحد الأيام عاد الشاعر الصغير بأغنامه , ليجد أمامه خبراً مفاده بأن الشيخ جمعان يبحث عنه , فما كان من أمر شاعرنا الصغير سوى أن أصلح من شأنه وتوجه الى بيت الشيخ جمعان
.. وهناك على " رعش " البيت الأمامي وجد شاعرنا , الشيخ جمعان بن الرقوش متكئاً يتناول القهوة وبجانبه امرأته

العجوز تقوم بخدمته .
. وبعد وصول شاعرنا , فاجأه الشيخ جمعان بسؤاله : هل أنت شاعر !
, فأجابه الصغير في هدوءٍ عجيب بقوله ( لا )
.. وهناك عاود الشيخ جمعان سؤاله للصغير في صيغةٍ استنكارية : ولكنّ الناس يشهدون بذلك ! ومرةً أخرى يحاول الصغير النجاة بنفسه عندما ينكر الأمر برمته , ولكن إصرار الشيخ جمعان على حقيقة الأمر دفعت بالصغير الى أن يعترف بموهبته تحت إكراهٍ شديد .
. وبعد الإعتراف كان لزاماً على الشيخ جمعان أن يسمع ويرى في قول شاعره الصغير ,
وهناك عاد الشيخ جمعان مرةً أخرى يُصر على الصغير بأن ينطق شيئاً من قريضه..
وما زال الصغير يعتذر والإصرار يتوالى حتى سكت الصغير برهة من الوقت
ثم صدح بطرق الجبل :
أقوله يا ذاهبٍ بين العُسيلي
ما يباع الا بقيمات نقشه مُحْـلّ
ما عاد غير المار جنبه
كان البدع الذي صدح به الشاعر عنيفاً على مسمع الشيخ جمعان الذي اعتدل في جلسته بعد سماع البدع
, وقال في لهجةٍ استنكارية .
. ( وماذا عن الرد )
فعاد الصغير الى الإنشاد
عسى وليّك راح في جدح سيلي
والذي مــ "هله" بقي , مات
والا يكن فوق البحر والماء رجم به
كان رأي الشيخ جمعان بن الرقوش فيما سمعه سريعاً عندما صرخ بحنقٍ في الشاعر الصغير
( أخـــرج .. عليك من الله ما تستحق )
ولم يتفاجأ الصغير بذلك الرد السريع من الشيخ جمعان , بل بدلاً عن ذلك قام وابتسامة الخبث مرسومةٌ على وجهه الصغير و أطلق ساقيه للريح
.. نعم لقد كان شاعرنا الصغير يستحق ذلك ,
ففي بدعه الأول يشير بخفاءٍ الى عجوز الشيخ جمعان عندما يصفها بالذهب القديم الذي ذهبت ملامحه
من طول الدهر ولم يتبقى من نقوشه الجميلة سوى " مار " بمعنى إماراتٌ خفية تدل على جمالٍ باهرٍ في العهد السابق .. أما في الرد فهو يوجه الخطاب الى وليّ ذلك الذهب القديم وهو الشيخ جمعان عندما يتمنى له الموت ولأهله إما غرقاً بالسيل الجارح أو تحت غباب البحر .. وبعد مرور سنواتٍ ليست بالطويلة بدأ شاعرنا , في ارتياد المناسبات الشعرية , وهناك بدأ في مقارعة الخصوم تحت اصرارٍ شديد على أن يُعلي من نجمه ليناطح أردان السماء , وليصبح ثاقباً وهاجاً يقتدي برجمه أهل البر والبحر . وبعد نجاحاتٍ متوالية تربع ذلك الغبيشي عروش الشعر , وأصبح مضرب الأمثال بشخصيته , وبأقواله , وبأمثاله .
. وفي أحد الأيام كان لعيني شعر الشقر موعدٌ مع اللقاء , فالشاعر الشاب بن ثامرة للتو عائدٌ من أرض زبيد اليمن ومتجهٌ الى قريته بوادي دوقة تلك القرية التي خرج منها صغيراً وعاد إليها شاباً .. و شاعرنا الغبيشي منهمكٌ في أرض مزرعته الواقعة على طريق وادي دوقة , وما هي الإ لحظاتٌ قليلة حتى أحس شاعرنا بأن رفيق دربه اللدود قد حان موعدُ خروجه ,
وعندما رفع رأسه تفاجأ بذلك الشاب الذي يلبس على رأسه ضلالةً يمانية يسير بخطواتٍ ثابتة إليه .
. وعندما نظر شاعرنا الغبيشي الى ذلك الشاب الذي جاوز شَعْرُ رأسه الضلالة اليمانية الكبيرة صدح فيه مرحباً :
يا مرحبا بالرأس الأكعش .
. كم قملةٍ حلّت ما بين الأذنين
وتبسم ذلك الشاب " بن ثامرة " ونظر الى الغبيشي فوجده متلحفاً بلباسٍ قديم يسمى الفليجة مخططً باللون الأبيض والأسود .. فرد عليه سريعاً
بقيت يالديك الأرقش
.. كم خملةٍ حلّت ما بين الجناحين
وهناك بوادي دوقة أكتمل عقد الأعاجيب بلقاء الصديقين اللدودين
.. اللذان أشغلا فؤاد الدهر بأقوالهما حتى الساعة ..

يتبع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
همسة

للمؤسس او مدير الموقع

ضيعت العصفور الذي فيدك وكذلك العشرة اللي في الشجرة
أخر مواضيعي

التعديل الأخير تم بواسطة فهد الغبيشي ; 17-09-2007 الساعة 01:22 PM. سبب آخر: تنسيق النص
رد مع اقتباس