[موسى الكناني]

أنا لا أذكر متى بالضبط كم كان عمري في أول عام صمته كاملا ً ولكني أتذكر حياتنا البسيطة في الريف حين تزامن شهر رمضان كيف تكون حلات لياليها وطيب أسمارها على ضوء "الإتريك" لا سيما إذا شاركنا من نحبهم ويحبوننا من أقاربنا الكائنين في المدينة . لا يصلنا بالعالم الخارجي انذاك سوى الراديو ( أتذكر البرنامج الاسلامي نور على الدرب وأعتقد أنه لا زال يبث من خلال إذاعة مكة المكرمة - أتذكر الكوميديا الهادفة أم احديجان وهو غني عن التعريف مع الهزاع - أتذكر أيضا ً البرنامج الكوميدي اليمني ثلاثين على ثلاثين تبثه إذاعة صنعاء .. وغيرها أخرى مما توافيني به بكرة الراديو )
أتذكر إفطارنا البسيط ، في أغلب الأيام لا أجد شهر رمضان مختلفا ً عن غيره من الشهور من ناحية الأكلات والتنوع فيها كما هو الحال اليوم ؛ وذلك لسببين: قريتنا النائية وحياتنا المتواضعة والبسيطة؛ومع ذلك أجد ذاكرتي مكتضة بالذكرى الجميلة ، ولا أجد في نفسي حرجا ً أن أحدث بها الغير !
كان أول الاستعدادات التي يقوم بها والدي " الذبيحة" وبما انه شهر رمضان لابد أن تكون سمينة . أتذكر بعد صلاة العصر كنت وإخوتي نهرب من البيت والبعض يتظاهر بالنوم أو المرض كي لا يكلف بشراء الخبز من ذلك المكان البعيد؛وبما أنه لا يوجد لدينا سيارة فالضحية سيضطر إلى الذهاب سيرا ً على الأقدام.

والدتي التي لا تهنأ بالنوم خشية أن يفوتها وقت إعداد السحور ؛ وإن طال سهر أبنائها على الراديو إلى وقت السحور فحتما ً ستكون محظوظة تلك الليلة فستجد من يوقظها.

تغيرت الأحوال بفضل الله ولكنني أشتاق إلى الكثير من تلك السنين


أعلم أنه ليس هذا ما تبحثين عنه ولكنه ما لدي .. ربما سيكون لي عودة أخرى.

شكرا ً لكِ أختي نسيم السروات ، دايما ً مميزة باطروحاتك