منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > الإسلام حياة

التديُّن (خطبة جمعه )


الإسلام حياة

موضوع مغلقإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 13-01-2011, 06:34 PM
الصورة الرمزية ابراهيم السعدي
ابراهيم السعدي ابراهيم السعدي غير متواجد حالياً
 






ابراهيم السعدي is on a distinguished road
افتراضي التديُّن (خطبة جمعه )

التديُّن

الخطبة الأولى
أمّا بعد: فأوصيكم ونفسِي بتقوى الله، قال تعالى: (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
مِن خصائِص الإنسانِ أنّه بفطرتِه يميل إلى التديُّن، فالتديُّن فِطرةٌ غرزَها الله في البَشر، وقد كانوا أوّلَ الأمرِ على التوحيدِ قبلَ أن تزيِّن لهم الشياطين عبادةَ الطّواغيت واتخاذَ الأصنام، فالدّين ضرورةٌ لحياةِ النّاس، والإسلام دينُ اللهِ الحقّ الذي رضيَه الله دينًا لعبادِه أجمعين. عقيدتُه واضحة، بعيدةٌ عن إغراقِ الوهم والجنوح الخياليّ وتحكُّم الأهواء، قال تعالى: لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ذَلِكَ ٱلدّينُ ٱلْقَيّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ.
في الوقتِ الذي تتزايد فيه الانحرافات والجرائمُ والأمراض النفسيّة وتبرزُ مظاهر التطرّف والغلوّ تأتي النصوصُ الشرعيّة وتسندُها الدّراسات العلميّة والخبرات العمليّة لتؤكِّدَ أنّ الدينَ حصانةٌ للمجتمع والمتديّن أكثرُ سعادةً وأفضل صحّةً واستقرارًا في حياتِه.
إنَّ الفردَ حين يتديَّن ويتمسَّك بتعاليم دينِه يسمو فيثبُت ولا يتزعزَع طاعةً لله وطلبًا لمرضاته.
ومِن أبرز أمثلةِ التديُّن سلوكُ سحرةِ فرعونَ بعد التزامهم بدين الله، لمّا آمنوا بموسى ألقِيَ السحرةُ ساجدين، فقال لهم فرعون: ءامَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِى عَلَّمَكُمُ ٱلسّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأقَطّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مّنْ خِلاَفٍ وَلأصَلّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ قَالُواْ لاَ ضَيْرَ إِنَّا إِلَىٰ رَبّنَا مُنقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَـٰيَـٰنَا أَن كُنَّا أَوَّلَ ٱلْمُؤْمِنِينَإنّهم لم يتركوا دينَهم الذي باشر قلوبَهم ورضُوا به، فاطمأنّت نفوسُهم إليه، وباعوا له الدنيا طمعًا في مغفرةِ الله وما عندَه وهو خيرٌ وأبقى.
وفي تاريخ أمّة محمّد يظهر أثرُ التديُّن جلِيًّا في سلوك الأفراد، فقد فشا في المجتمعِ قبلَ الإسلام الخمرُ والميسر والظلمُ والنّهب والتناحُرُ والحروب، فلمّا جاء الدينُ طهَّر قلوبَهم وهذّب سلوكهم وضرَبوا أروعَ الأمثلة في تزكيةِ النفس والإيثار والكرَم وصلةِ الرحم ودفعِ الظلم ونُصرة الضَّعيف، حتّى إنّ أحدَهم ليقدّم نفسَه للقتل جزاءَ ذنبٍ اقترفَه ولم يكن يعلَم به بشر، هذا هو أثر التديُّن بالدّين الحقّ.
دينُ الإسلام قدّم للمؤمنين سكينةَ النّفس وطمأنينةَ القلب، حجَب عن المجتمع الانحرافَ والاضطراب والتمزّقَ والضّياع، فالدّين شفاءُ الصّدر وتِرياقٌ لأمراض القلَق والحَيرة، قال رسول الله : ((ذاق طعمَ الإيمان من رضيَ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمّد رسولاً)) أخرجه مسلم.
ومهمَا زادَت مخترعاتُ الحضارةِ والمترَفات الصناعيّة فسيبقى النّاس في حاجةٍ إلى الدّين والتديّن، الناسُ فقراءُ إلى خالقِهم وبارئهم، قال تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَاء إِلَى ٱللَّهِ إخوةَ الإسلام، التديُّن يعني الاستقامة والطهرَ والعفاف وغضَّ البصر والبعدَ عن الفجور والخمور والمخدِّرات وأذيّة المؤمنين باللّسان واليد. التديُّن يمنَح صاحبَه عاطفة جيّاشةً تجعله نبعَ خيرٍ يتدفّق لتنميةِ المجتمع وتقويةِ أواصره. التديُّن يقذِف في قلب صاحبِه رقابةً ذاتيّة تجعله لبنةَ بناءٍ، يحرُس الفضيلة، يحافِظ على أمنِ المجتمع، يحميه من مجرمٍ رذيل أو فكرٍ دخيل. التديُّن له أثرٌ في السّلوك، يربِّي على الأوبَة الصادِقة والإنابة العاجلة، قال تعالى: إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ إِذَا مَسَّهُمْ طَـئِفٌ مّنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ.
أزلّ الشيطانُ آدم، وزيّن له الأكلَ من الشجرة، فعاد إلى ربِّه وصدَق في عهده، فَتَلَقَّى ءادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ
إنّ المتديّنَ ليس معصومًا، فهو كغيرِه من البَشر، قد يزلّ، وقد يغفل، فإذا تذكَّر تابَ وآب وأناب، قال تعالى: إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوبِينَ وَيُحِبُّ ٱلْمُتَطَهّرِينَ
التديّن ـ عبادَ الله ـ ليس مجموعةَ قيودٍ وأغلال تقضي على حريّة الإنسان كما يصوّره من لا يفقَه حقيقةَ الإسلام، إنّما هو سموٌّ بالنّفس، طهارةٌ للقلب، مكارِم أخلاق. إنّ التديُّن يجعل للحياةِ معنًى ساميًا وهدفًا عاليًا ونعيمًا لا يدانيه نعيمٌ إلاّ نعيم الجنّة.
لقد شوِّهت حقيقةُ التديُّن بممارساتِ تُجّار الدّين الذين جعلوا الدينَ شعارًا للابتزاز والتكسُّب، وهذا أصابَ الدينَ في الصّميم وصرفَ عن الدّين الحقّ،
فيجِب أن نميّزَ بين التديُّن الذي يمثِّل وسطيةَ الدين وبينَ المناهج والأفكار التي سلكت غيرَ سبيل المؤمنين كما نميّز بين الصّورة والحقيقةِ. فشتّان ما بين تديُّن حقيقيٍّ وتديّن مظهريّ، قال : ((إنّ الرجل ليعمل عملَ أهل الجنّة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار، وإنّ الرجلَ ليعمل عملَ أهل النّار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنّة)) متفق عليه.
بارك الله لي ولكم في القرآنِ العظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآياتِ والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية
الحمدُ لله على إحسانِه، والشّكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أنّ سيّدنا ونبيّنا محمّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانِه.
أمّا بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوَى الله.
لقد دعا رسولُ الله إلى الإسلامِ دينًا قِيمًا ملَّةَ إبراهيمَ حنيفًا، وما دام هذا الصراطُ مستقيمًا فإنّه لا يضلّ سالكه ولا يُهدى تاركه، إذ ليس بعد الحق إلا الضلال، وليس أمامَ تاركِ النّور إلاّ الظّلمات، فَذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمُ ٱلْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ[يونس:32].
إخوةَ الإسلام، يجِب أن يُغرَس التديُّن على علمٍ صحيح وفهمٍ سليم من القرآن الكريم والسنّة النبويّة لنقضيَ على المفاهيم المغلوطَة عن التديّن، خاصةَ من يزعم بلسانِ الحال أو المقال أنّ التديُّنَ عاملٌ رئيسيّ في بروز مظاهرِ الغلوّ والتطرّف. ألم يكن أنبياء الله ورسلُه في أعلى مقامات التديُّن؟! فهل نسِمُهم بالتطرّف والغلوّ أو نجعلهم سببًا في نشوئه؟! حاشا وكلا ومعاذَ الله، كبُرت كلمةً تخرج من أفواههم.
نعم هناك فئامٌ ضلّوا الطريقَ وخرجوا عن المنهَج الوسط، هؤلاء لا يمثِّلون الأمّة وليسوا حجّةً عليها، وعلى هذا فإنّ الاصطيادَ في الماء العكِر من البعض وتعميمَ الأحكام على كلّ مؤمنٍ تقيٍّ منكَرٌ من القول وزور.
إنّ أعظمَ مهمّةٍ في هذا العصرِ تغذيةُ منابع التديُّن، وترسيخُ العقيدةِ والمنهَج الوسَط، فالشبابُ بلا عقيدةٍ لا تطيب لهم حياةٌ ولا تستقيم أمورُهم، بل يجترِفهم التيّار أينما سار، فهو مرّةً متشدِّدٌ، وتارةً متردِّد، وطورًا متبدِّد، قليلُ الخيرِ لنفسِه ولمجتمعِه، قال تعالى: أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَـٰهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِى ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي ٱلظُّلُمَـٰتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مّنْهَا[الأنعام:122].
ألا وصلّوا ـ عبادَ الله ـ على رسول الهدى، فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا[الأحزاب:56].
اللهمّ صلِّ وسلّم على عبدِك ورسولك محمّد، وارضَ اللهمّ عن الخلفاء الأربعة الراشدين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
عود لسانكَ على ؛
* اللهم اغفِر لي *
فإن لله ساعات لايرد فيها سَائلاً
أخر مواضيعي
قديم 13-01-2011, 06:45 PM   #2
عبد الكريم العدواني
 







 
عبد الكريم العدواني is on a distinguished road
افتراضي رد: التديُّن (خطبة جمعه )

جزاك الله خيرا وجعل الله ما قدمته في موازين حسناتك ووفقك وسدد خطاك وأسكنك فسيح جناته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
بي شهوة الحلم القديم..
وضحكةً..
بعد التنائي..
قد اختفتْ !
أخر مواضيعي
عبد الكريم العدواني غير متواجد حالياً  
قديم 13-01-2011, 10:23 PM   #3
مـخـاوي الـلـيـل
 
الصورة الرمزية مـخـاوي الـلـيـل
 







 
مـخـاوي الـلـيـل is on a distinguished road
افتراضي رد: التديُّن (خطبة جمعه )

..




جزاكـ ـ الله خيرا ـ ـ



..




وباركـ ـ الله فيكـ ـ ـ



..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

أخر مواضيعي
مـخـاوي الـلـيـل غير متواجد حالياً  
قديم 14-01-2011, 04:52 PM   #4
خليل الحريري
عضو متميز
 
الصورة الرمزية خليل الحريري
 







 
خليل الحريري is on a distinguished road
افتراضي رد: التديُّن (خطبة جمعه )



بارك الله فيك وفي كل حرف تخطه يداك في نشر الخير والدلالة عليه
وجزاك الله خيرا واثقل بها ميزان حسناتك واحسن بها خاتمتك


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي
خليل الحريري غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : التديُّن (خطبة جمعه )
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لماذا لا نتسامح ؟ (خطبة جمعه ) ابراهيم السعدي الإسلام حياة 7 23-10-2010 06:04 PM
من حقوق الأخوات على إخوانهن . خطبة جمعه ابراهيم السعدي الإسلام حياة 5 22-10-2010 08:03 PM
خطبة جمعه(( يهب لمن يشاء إناثاً )) ابراهيم السعدي الإسلام حياة 16 13-10-2010 02:17 PM
يقال لكل دمعه نهايه ونهايه اي دمعه ابتسامه أبو مشعل11 المنتدى العام 14 20-05-2008 11:53 AM
كل دمعه لها نهايه ولكل نهايه دمعه ** الفيصل المنتدى العام 20 07-02-2008 07:32 AM


الساعة الآن 09:20 AM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved