قال صلى الله عليه وسلم: "الصبر عند الصدمة الأولى" متفق عليه.
وليس الموت موت الأجساد فقط، فكم من قلوب وضمائر ماتت.. وأرواح ذوت وانطفأ بريقها..
ولقد علمنا ربنا ما يقال عند المصيبة والأجر الكبير للصابرين {وَلَنَبلُونَّكُم بِشَيءٍ مِّنَ الخَوفِ وِالجُوعِ وَنَقصٍ مِّنَ الأَموَالِ والأَنفُسِ وِالثَّمَرَاتِ وَبَشِّر الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إذا أَصَابَتهُم مُّصِيبِةُُ قالوا إِنَّا لِلَّهِ وِإِنَّا ِلَيهِ رَاجِعُونَ* أُولَئِكَ عَلَيهِم صِلَوَاتُ ُمن رَّبِّهِم وِرِحمَةُ ُوَأُولَئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ} [البقرة: 155 – 157].
قال صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول: ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها – إلا أخلف الله له خيرا منها" رواه مسلم.
والله تعالى لم يجعل شيئا إلا وله حكمه وفيه نعمة، وحتى في الموت في كثير من الأحيان رحمة ومنحة من الله، والواجب على العبد الصبر على البلاء والشدة، وليعلم أن ما وقع له من النعم أكثر مما أصابه، وليحمد الله على ذلك، ويسترجع.. ويرجو ثواب الله.. قال ابن المبارك: "المصيبة واحدة فإن جزع صاحبها صارت المصيبة اثنتين، أحدهما المصيبة والثانية ذهاب أجرها".
ومن أعظم ابتلاءات الموت، موت الأبناء، وبقدر عظم البلاء يكون عظم الأجر، ولابد من التسليم لأمر الله تعالى فهو قدر الله.. وأمر الله واقع لا محالة رضينا أم أبينا، فإذا لم نرضى ذهب الأجر أدراج الرياح، قال علي رضي الله عنه: "إن صبرت جرى عليك القلم وأنت مأجور- لك أجر وثواب- وإن جزعت جرى عليك القلم وأنت مأزور- عليك وزر وذنب-"..
وقال صلي الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى:ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة" رواه البخاري.(قبضت صفيه: أخذت حبيبه المصافي له كالولد والأخ وكل من يحبه الإنسان ويتعلق به- بالموت، احتسبه: صبر على فقده وطلب الأجر من الله تعالى وحده).
هذا والحزن والبكاء جائزان فقد كانت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان، وابنه إبراهيم يجود بنفسه وقال: "إن العين تدمع والقلب يحزنُ، ولا نقول إلا ما يَرضي رَبُّنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمَحزُنُون" صحيح البخاري.
ولكن المنهي عنه النوح واللطم لأنه من فعل الجاهلية، قال صلى الله عليه وسلم:
"ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب وَدَعا بدعوى الجاهلية" صحيح البخاري.
وقد مرت أعرابية على بعض الناس، فوجدتهم يصرخون فقالت:ما هذا؟ فقيل لها: مات لهم إنسان، فقالت: ما أراهم إلا من ربهم يستغيثون وبقضائه يتبرمون، وعن ثوابه يرغبون.
فاللهم ثبتنا وأمتنا على دينك.. وصبرنا على فراق الأحباب والأهل والخلان.. واجعل مثواهم الجنة.. وأملأ قبورهم بالرضا والنور والفسحة والسرور.. واجعلها روضة من رياض الجنة.. اللهم من صبر منهم على البلاء فلم يجزع فامنحه درجة الصابرين.. اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم..آمين.