![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#1
|
||||
|
||||
![]()
.
. لا تقتـُـلـَني أيـُه َالــبـدويِ قصة قصيرة من عدة أجزاء. [aldl]http://www9.0zz0.com/2010/11/12/13/234718451.jpg[/aldl] *** * يتولد صوت مرتفع بين طوابق المبنى المفتوحة على بعضها البعض. ثم صيحة رفض تدوي في الآذان ... في أكثر الأماكن " إنسانية " في هذه المدينة التي تعج بأنواع الفنون والتناقضات. صمت...اختلط علي الأمر.. تساؤلٌ مـُلح. هل كان صوت أنثى؟ همسٌ خافت بين جدران معاصرة وأخرى بالية. قليل من الأحياء وعدد هائل من الأعمال التشكيلية المنتشرة في أروقة المبني وصالاته, اشعر وأنا انظر لبعضها إني أمام قصيدة نثر سافلة. في بهو المبنى الواسع هناك القليل من العقول و الكثير من النساء والكذب. فواصل كثيرة من اللحظات لعبور فائض من التداخلات القصرية. انتهيت من التجول في المكان.. لدخول أناس أتجنب لقائهم, فضلت الانسحاب والخروج. استودعت ما املك من أمنيات في فراغ ذلك المبني الأنيق! خرجت إلى هواء المدينة الأسود. تفقدت ملابسي ...ألم افقد شيء...هل نسيت شيء ؟..سرت باتجاه سُـرة المدينة ـ لعلـَي أتبضع بعض الكتب. حين بلغت الشارع الكبير لم استطع العبور للطرف المقابل لكي أحظى بمن ينقلني إلى وسط البلد ـ الناس هنا خليط من كل شيء ـ أكوام البشر تربك الخيال أن يفرز الصور الهائلة لكل التفاته. الصوت, الضجيج, أنواع الكلام والروائح الأسفنجية التي تفوح من الأجساد تفصح عن أنواع أخرى من التعب والمرارة وحمى الحياة رغم كثرة الألوان والحدائق المحيطة. فضلت الانتظار في مكاني والعودة إلى الفندق. شيء من الفضول ـ لازالت صرخة المرأة محلقة فوق راسي.... ماذا حدث في المبني؟ أحاول تفادي أعداد المارة. يصعب الحصول على تاكسي في مثل هذا الوقت الذي شارف على الثالثة عصرا.. انتظار... لكن لا باس هناك ما ينسيني ضجر الانتظار.. قصة في كل ثانية تمر أمامي. حكاية في كل وجه لمئات المارة, عوالم من المشاعر المختلطة يزخر بها المكان ومن يمر به من البشر . نظرات تتعقبني وأتعقبها مع ابتسامات نصنعها لهدم جدار العزلة من هذا الآخر. على الرصيف ومن أمام بوابة الحديقة الكبيرة التفت إلى المبني البعيد الذي كنت فيه, رغبة العودة إلى الداخل تنازعني. من بين عشرات الداخلين للقصر يلوح لي شبح إنسان يسحب حقيبة كبيرة تحجبه التماثيل الفنية المنتشرة هناك.. ثم يظهر مرة أخرى ويغيب خلف أشجار اليوسف والنخيل التي تعج بها حديقة القصر. اقترب أكثر ـ آه .. إنها سيدة .. قوامها حسن ـ تبدي الكثير من الصرامة والجدية. ـ اردد في نفسي ـ هل تريد الحصول على تكسي.؟ دون جدوى فأنا انتظر هنا منذ زمن . الأصوات والازدحام الهائل مرة أخرى. كلٌ منشغل بحاجته لا أمل في تاكسي في هذا الوقت. السيارات ممتلئة. على ذات الرصيف اقتربت منها حتى تنبهت لوجودي بجانبها ـ يصعب الالتفات لكل التفاصيل, لكن اعتقد أنها غير مألوفة الشكل بين من عرفته في القصر. تشغل السيدة نفسها بما هو أهم ـ الحصول على سيارة . قد يكون لطول للانتظار حسنات ـ شعور غريب يدفعني نحوها, قد أكون لمحتها في القصر, لسـتُ متأكد. ـ بادرتها بالحديث ... ـ مرحبا. ـ أهلا... ـ اعتقد أنها في الثلاثين من العمر ملامحها الأورومتوسطية تدل على جينة أكثر تنوعا وفتنة من نساء هذه المدينة. ومع ذلك فالزمن شروطه في بعض التفاصيل الصغيرة. اقـتنصت سيارة الأجرة قبل أن ابدأ جملتي الثانية معها. ـ لو سمحت: أريد فندق السفير, رحب السائق بي.. لكني استأذنته بلحظة. سرت إليها دون تردد, كانت نظراتها فاحصة تجاهي لمحت بعض معالم الدهشة في وجهها وأنا اقترب منها, كل أملي أن يحوز عرضي على القبول. جانب من هذا العرض نبيل فاصطياد سيارة الأجرة غنيمة في هذا الوقت لكن هذا العرض مغلف بفضول اكبر. ـ سيدتي أنا ذاهب في هذا الاتجاه يمكن أن نستقل السيارة معا ً؟ ـ شكرا لا تهتم .. ـ تابعت الحديث .. لي أكثر من نصف ساعة وأنا انتظر, يمكن أن أساعدك في حمل حقيبتك ولك حرية استخدام السيارة بعد أن اصل مكاني. كن العرض مغري في ذلك الوقت. ـ مافيه " مـُشكل عـَندك " ـ أبدا ليس لدي مشكلة ـ شكرا .. مرحبا بك. تتكلم العربية بصعوبة, لكنها أتاحت لنا شيء من التواصل. الأمر الشائع هناك أن يركب في التاكسي أكثر من شخص لكل ٍ وجهته. أرى في وجهها الكثير من السخط, لازالت محافظة على صرامة تلك التعابيرـ رغم ذلك هناك قدر هائل من الوسامة والجمال. ـ هل كنتي في القصـر؟ ـ نعم. ـ أنت من المشاركات في المعرض ؟ .... نعم إجاباتها مقتضبة وسريعة .. وكأنها تزجرني أن التفت لشأني. استرق النظر إليها بطرف خفي ـ اعتقد أن الأمر أصعب عليها من التفكير بالحديث . نظرتُ إلى كل ما حوالي في تلك السيارة المتهرئة, أبحث عن مدخل جاد لفتح أبواب الحوار.. دون جدوى, السائق يصارع أمواج البشر وكم السخط الذي تسببه أبواق السيارات الغاضبة.. ـ تحركت شفتي دون سابق أعداد لما سأقول.. " القاهرة " مدينة حالمة. ـ " بل مدينة ساقطة ". التفت إلى مصدر الجواب الذي طرق رأسي بعنف. بعد وقت ممل داخل كبينة التاكسي, تكلمت السيدة أخيرا. ـ ماذا.. لم اسمع ما قلتي؟ ـ ليتني بقيت في بلدي... الناس هنا وحوش .. هذه أول مرة في حياتي ازور القاهرة, مدينة واهمة, لا تحترم الإنسان ولا الفن, يتظاهرون بأنهم حضاريون وطلائعيين لكن الحقيقة أنهم ...! وكأنها تنتظر فرصة لتلقي هذا العبء من على صدرها.. تلقي أحمال الكلام وكأن لسانها محبوس منذ أسابيع. رغم شدة انفعالها إلا أن أسلوبها آسِـرٌ في الحديث ولكنتها غريبة.. لهجاتٌ عربية متهالكة على بعض المصطلحات من اللغة الفرنسية التي لا افهمها, لكن أحاول تدارك الموقف بنظري إلى تعابير وجهها. أحاول تحليل ما تود الحديث عنه أكثر من فهم ما تقول. لم أتدارك كل ما سمعت .. كم الكلمات والغضب الذي صبته السيدة في تلك اللحظة مربك .. لقد تكلمت وتكلمت بالكثير. لكني شعرت بارتياح لاختراق جدار السكوت.. رغم إصغائي الشديد لم أستطع تركيب الجمل السريعة أو الحصول على طرف الحديث الذي قد يعينني على فهم ما تقول. تسـيدت المكان وكأنها لم تتكلم منذ زمن طويل. وأنا استميت في اللحاق بكل ما تقول. هناك ثقافة جديدة على مسمعي, لم اعهد امرأة تتكلم هكذا, دقيقة في توصيف حديثها بالكثير من المصطلحات الغربية.. لكنها بعيدة عن الإفصاح عن مشكلتها. تتزايد تساؤلاتي.. ماذا تود أن تقول هذه المرأة..؟ أخشى أن تكون هي التي أطلقت تلك الصيحة في قصر الفنون؟ .. ارغب في حك راسي والتبسم... الأمر بدأ مرهق ومضحك في نفس الوقت! يقاطع السائق كلام السيدة .. "عايز فندق السفير اللي في الزمالك ـ يابيه ".. نعم. بنبرة صوت بها بعض الدهشة ـ قالت: أنت تقيم في فندق السفير؟ نعم.. إذا أنتَ من المشاركين في العرض؟ ـ لا.. أنا مهتم بالفن فقط ...وأحب حضور هذه التظاهرات. ـ وأنتِ ؟ ـ أنا فنانة.. كما أني محاضِـرة ومشاركة بورقة عمل على هامش ندوات المعرض. "وأقيم أيضا في فندق السفــير" شعور من السعادة يغمرني, لم اعرف مصدره, لكن اعتقد أن هذه السيدة تملك كنز من الثقافة والمعارف يهمني الاستفادة منه. أبديتُ لها تعجبي من أمر الصدفة الرائعة. في الوقت الذي ساد فيه صمت غريب بعد كم الكلام الذي تناثر في كل مكان.. فضلت السيدة النظر إلى خارج السيارة وغابت بشكل كامل عن كل ما يحدث من حوار بيني وبين السائق, حتى أنها لم تستجب لرغبتي في فتح باب الحوار معها مجدد. حين صلنا الفندق.. قام السائق بمساعدة موظف الفندق في حمل الحقيقة الكبيرة إلى خارج السيارة. لم أكن لأترك الفرصة دون موعد يمكن أن يجمعني بهذه السيدة. ـ سيدتي: هناك مطعم للبيتزا قريب من هنا. هل تودين تناول شيء ما... منذ الصباح لم أتناول شيء سوى الماء. ترددت في قبول الدعوة وكأنها تستنكر هذه الجراءة من رجل مجهول كل ما فعه أن أوقف سيارة أجرة. تبسمت بخجل.. لا حاجة لي أن أكل ألان. .شكرا. ـ لكن هذا المحل نظيف.. أنا أكل فيه منذ عدة أيام وهو من سلسلة مطاعم عالمية, تستطيعين أن تحصلي على قدر كبير من النظافة والطعم الجيد.. أرجوا أن تعتبرى هذه دعوة كريمة. مرة أخرى, تنظر لي بعناية وكأنها تتمنى أن اتركها وشأنها. أبديتُ جدية كبيرة في موضوع الدعوة. لا بس .. شيء من الضغط النفسي يمكن أن يكون له نتيجة مقبولة.. وربما يكون للجميل الذي فعلته معها اثر في قبول الدعوة, رغم عدم تخطيطي المسبق لذلك. ـ حسنا. سوف اصعد إلى غرفتي لأضع حقيبتي هذه , واخذ قسط من الراحة ثم نلتقي بعد ساعة من ألان. [aldl]http://www9.0zz0.com/2010/11/12/13/210959412.jpg[/aldl] هذا جيد... سوف أكون بانتظاركِ. ...... يتبع. .. . ــــــــــــــ بقلمي ـــــــــــــــ براااق الحـــازم التعديل الأخير تم بواسطة براااق الحـــازم ; 12-11-2010 الساعة 05:42 PM. |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#2 |
![]() |
![]() مســآؤك يترنح مخموراً بحرفكَ ... ..**.. معجم الروح لديكَ زاخر... ممتلئ بالمفردات الناصعة الغنية بطعم المعنى... ولديكَ لغةٌ متفردة... وحدهم المبدعون من يرسمون المشهد كاملاً آخاذاً .. نغمض حينها أعيننا ونغوص في قلب ذاك الرسم... نعيشه حقيقة وكأننا نحن أصحابه..! ..**.. الرائع...جداً وحتى الأفق المضئ...**براااق الحــازم..** مررتُ من هنــا...وخطف بصري قزحٌ نُثرت ألوانه على مُحيـآنــا.... من قلمٍ سـآمق يعآنق مافوق السحـآب... ... سُــأُزرع حتى ألتقط بقية سنـآبل حروفك الذهبية... سعيدةٌ كوني في الصفوف الأولى لحظة سقوط دفئها في عذب الكلآم... ســأتركُ على بابكَ البهي وردةً...التقطها حين دخول... ![]() طبتَ ســآمـي الفكر..,,, وبورك النبض والحرف السلسبيل.. ..**.. متـآبعين....بشوق...للبقية.. للنهلِ منه حدّ الارتــواء..,,, |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#3 |
مراقب عام
![]() |
![]() مسائك جمال ورونقة أزهار ....
صورة تحمل بداخلها ثلاثينيه بإبداع فنان رسم .... قصة رائعة أخي أبو معاذ .... .... أرى خلف هذه القصة فكر متميز يبعث في النفس الأنس والراحة لما كُتب هنا براااق .... غدوت مع هذه القصة ورسمت لنا إبداعاً يفوق وصف الخيال... لعلها حقيقة لهذا البهو وما وجده تلك الثلاثينية .. أضفت لفندق السفير عبقريتها ... لك الله يا براااق ... لك الله أبا معاااذ .... لك التقدير والإحترام .. مميز أخي ولا يأتي إلا بطيب .. لا جف قلمك .... |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#4 |
مشرف مجلس بني عدوان عضو متميز ![]() |
![]() هذا السفر وعمايله يابرااق الحازم ..
مطعم بيتزا .. تصدق اني هالحين جوعان والله يصلحكـ تتكلم في اشياء تثير الحماسة .. حماسة فكرية ، وحماسة أدبية ، وحماسة هم هم هم لذيذ يارايق .. تصدق ياسيدي الكريم : براااق الحازم .. أحياناً كثيرة نجيش الجيوش من الأحرف والكلامات .. بحيث تعجز حقيبة كحقيبة تلك السيدة من حملها ، ولكننا نحملها بكل يسر وسهولة وما ذلكـ إلا رغبةً منا بالظهور با أجمل صورة أدبية : متناسقة ، متكاملة ، مترابطة .. ولكن تخذلنا المواقف ، وتخذلنا الأوراق أحياناً ، واحياناً يخذلنا القلم .. ولكن ياتي مشهد خارج عن المألوف يسيطر على تلكـ الجيوش المجيشة .. ويبدأ يسيرها كيف ما أراد وهي منقادة له بصورة مثالية .. سأنتظر نهاية مسيرة هذه الجيوش المجيشة .. برعاية الله برااق . همسة خاصة .. تعزم ، وخلوهـ ، ولاهمكـ طيب طيب .. |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#5 |
![]() |
![]() .
. [mtohg=undefined]http://img105.herosh.com/2010/11/17/493699637.jpg[/mtohg] . . صعدت إلى الفندق وأنا اغبط حظي الذي أهدى لي هذه الهبة. ....احتاج إلى ترتيب بعض أولوياتي ووضع بعض النقاط في مفكرتي الخاصة بعناية. قد تعينني هذه السيدة دون قصد منها. هذه فرصة لكي اعرف المزيد, خاصة وأنها قريبة من لجنة المسابقة. هناك تساؤلات كثيرة من الجميع حول مستوى الأعمال المعروضة!.. وسائط العرض وإمكانات المكان, أعضاء اللجان المنظمة, والوفود المشاركة.. الندوات التي سوف تشارك بها. وما دار خلف كواليس لجنة التحكيم؟.. نعم هناك الكثير من الاشياء المبهمة؟ ..لي نقاشي الخاص غدا مع بعض أعضاء اللجنة المنظمة, فهذه التساؤلات يجب ان تسجل في مكتب الدكتورة "سامية حسين" سكرتيرة اللجنة, ويجب أن تصل للجهات التنظيمية العليا. ـ هذه السيدة متحدثة بارعة, وستفصح عن الكثير؟ تعمدتُ البساطة في هندامي فاللقاء لن يتعدى الجلوس لتناول فطيرة بيتزا. كعادة أصحاب الحاجة طبعا وصلت باكرا. لازلنا في الرابعة والنصف عصر. فضلت احد الزوايا الضيقة في المطعم. سوف تضطرا تلك السيدة إلى الجلوس امامي بينما يكون ضوء النافذة خلفها مباشرة. ولأنها ترتدي نظارات طبية فإني أخشى أن تربك كمية الضوء الداخلة عينيها.. أو ربما ينصرف نظرها لبعض ما يحدث خارج المطعم فينقطع الحديث..." حاليا هكذا أفكر" ارجوا أن تـُفيدني هذه الحذاقة في إدارة حوار مثمر! سأعتمد على ذاكرتي في تسجيل البيانات الهامة, فمن غير اللائق ان ابدي أي تصرف قد يجلب لي الحرج أو المتاعب. الم اعتد فترات الانتظار هذه منذ مدة طويلة من الزمن. فرصة الجلوس مع انثي مجهولة تحمل هذا القدر من الثقافة والحيوية خانق بعض الشيء, خاصة اذا كان الكلام مع شخصية متخصصة ومطلعة فيما اجهله. لكن .. ألا.. يجب ان افكر بطريقة مختلفة؟ شئون المسابقة والمعرض محل حوار وبحث طويل يستحيل ان يكون المكان والزمان مناسبين لمثل هذه التصورات الساذجة, يجب ان افكر بجدية اكبر... تأخرت كثيرا... عادت العرب السيئة مجددا. لاجديد..امتهانٌ للوقت, تأخرت السيدة عن موعدها واصبحنا في الخامسة والربع عصرا. حسناً... يمكن ان نلتقي غدا في القصر فلازال هناك يوم حافل بالحضور والندوات المصاحبة. ... تنازعني رغبة ٌعنيدة...سوف تأتي.... انتظر بعض الوقت..! اخشي ان يتحول هذا الانتظار إلى رغبة مراهق أو شيطان, وقلبي لم يعد قادر على ضخ الدماء. اشعر انها متجلطة تجاه كل ما عشته ورأيته في سفراتي الكثير. عبثت تلك الطاولة بمشاعري, فطفقت اهيم بأثر الخدوش وخربشات الحروف والتذكارات المتناثرة هنا وهناك, لمن مر عليها من المتسكعين والعشاق. بدوري أنا عبثت بأشياء كثيرة ـ المناديل التي كانت على الطاولة, قلم كنت احمله في قميصي.. قرأت قائمة الطعام ـ قمت بجمع اجمالي اسعار الاكلات وقسمتها وطرحتها ! ـ تحدثت مع بعض العاملين بالمطعم .. بعد أن صابني الملل استندتُ على احد الحواف الخشبية التي تحيط بالمطعم. واخيرا فكرت بالخروج. ثم ما لبث أن دخلت سيدة غريبة بعض الشيء تلبس فستان فضفاض ومشجر بالألوان الخضراء, يبدو اكثر حشمة مما تعودت أن اراه منذ قدمت هنا. تبعتها بعيني وانا اتفحصها, هل يعقل ان تكون هي؟ تنبهت لمكاني ثم اقبلت بتجاه الطاولة .. دون ان تبدي في سيرها أي مستوى من الانوثة التي تتحلا بها من يلبس هذه النوعية من الازياء. ـ مسيوو. ـ اهلا. ـ أسفه تأخرت في الحضور..اضطررت إلى ترتيب شنطة سفري. لقد اتخذت قرارا قاسيا منذ لحظات.... ..هل تصدق؟ ..أني استفدت كثيرا من الافلام الروائية اكثر من فائدتي من بعض البشر.. يجب ان تكون مستحيلا في ردود افعالك, لكي تـُحترم من الاخرين.. بعض الاشياء لا تستحق منا الكثير من العناء, كن كريما مع نفسك.. مسيو.. ثم تابعت الحديث: ـ " الا.. بالحق, ما سمُوك "... كنت مرهقة حين غادرت القصر. انزعجت كثيرا هذا اليوم, لقد احتقروني ... نعم مدير المسابقة شخصية شوفينة.. وبالجملة ليس محترم. لا يمكن ان يحدث هذا في أوروبا...! مرة اخرى تواصل السيدة الحديث وانا انظر لها بعناية محاولا صنع ماستطعت من المشاعر المرافقة لنبرة صوتها المرتفعة. ـ المكان لطيف هنا .. هل تأتي كل يوم هنا؟ .. لم اتنبه لهذا المكان قبل الان؟ .. " اسمع مسيو " لم اتوقع المجيء للقاهرة, لكني قبلت حين عرض علي السفير المصري في السويد أن اشارك في هذه المناسبة. خاصة ان اصولي عربية, واجيد التحدث قليلا بالعربية, كما عرض على المشاركة في ندوات المعرض المصاحبة للمسابقة ببحث كنت قدمته لجامعة "بيرن" عن تجربة الفنانين العرب في المهجر.. وليتني لم اقبل هذه الدعوة.. الآن أنا نادمة على الحضور. نعم انا اتمنى ان اغادر الى السويد حالا.. "بغدون" تكلمت بانفعال...من انت؟ ـ مرحبا بك سيدتي. الحقيقة اني منفعل اكثر منك.. أنا ايضا فوجـئت بالكثير من التحزب والعنصرية لدي لجنة التحكيم خاصة تلك التي أجازت فوز الاعمال بالمراكز المتقدمة .. لم يكن الاختيار موقف, وبه الكثير من الاجحاف والتنكر لتجارب قوية والاكثر اهمية! ـ انا "قولتو هذا "... للدكتور "سعيد" مدير المناسبة ورئيس لجنة التحكيم. لكن يبدوا أن هناك شك في نزاهة الجميع؟ تبسمتُ برفق .. وحاولت ان اغير مضمون الحديث. ـ سيدتي لم اكد اعرفك. هل انتِ تلك السيدة الغاضبة التي كنتِ معي بالتاكسي منذ اكثر ساعة؟ .. اني امام امرأة جديدة .. لن ابالغ اذا قلت لقد اصبحتي اكثر جمالا من ذي قبل. اين نظارتك الطبية, وانـّا لك هذه الزي الجميل؟ ـ اه شكرا.. حقا اعجبك؟ ..لقد تركت النظارات الطبية في الفندق , الان ارتدي عدسات لاصقة.. آه... الفستان! كان في حوزتي منذ زمن. كم تمنيت ان البسهُ في بلدٍ عربي, وهذه فرصتي. ـ في حوزتك منذ زمن..؟ ـ نعم انه هدية من امي التونسية. ـ انتِ تونسية؟ ـ انا سويدية. لكن ابي وامي تونسيان مهاجران في السويد, توفيا منذ زمن طويل. ـ وانت "ما سموك" انت ميصري..؟ ـ اسمي "مـُغير" لست مصري, أنا من الخليج. تغيرت ملامح وجهها حين سمعت الخليج. حاولت تفادي النظر تجاهي. لا اعلم بما همـّت؟ لكنها فتحت شنطة يد صغيرة كانت تحملها وبدأت بالعبث بمحتوياتها.... كانت مفاجئة لي أن اهل الخليج مكروهين في اوروبا. ـ هل في الامر ما يزعجك....؟ لم تخبريني عن اسمك؟ ـ اسمي "صفية"... .. أبي اسماني صفية, كي احفظ القران.. في تونس يتبركون بالأسماء كثيرا. جدي شيخ متصوف وإمام مسجد, حين كنت ازور تونس كنت اتعلم من جدى عزف العود اكثر من حفظ القران, كان رحمه الله مغرم بالموسيقى. هذه المرأة تتكلم كثير...ترى. ما سر هذا الكرم في اجاباتها عن كل ما يخصها؟ ـ تمتمت بصوت منخفض وكأني اتحسس أحرف اسمها على شفتي "صا. ا .ف .يـّة" ـ ردت على بنبرة فيها الكثير من المباشرة .. "وي .. مسيو" صفية ... اسمي " صفية ". ـ ارجوك لا تكثري من استخدام اللغة الفرنسية, فأنا لا اكادُ اجيد الانجليزية فضلا عن الفرنسية, حاولي تكلم اللغة العربية رجاءً. حالة من التوتر احسها كل منا لم اعرف سببها لكن تبدلت الامور.. في الوقت الذي بدأت رائحة البيتزا الشهية, تغير مسار الحوار وبدأ ايقاع ٌ خافت على الصحون الفخارية وكانه إعلان عن استراحة, من تلك العثرة في خيال كل منا. ـ نسيتُ "إسمُوك"؟ ـ "مغير" هو من اسماء البادية ..فأهل البادية يتبركون ايضا بالأسماء القوية التي تشجع على الشجاعة والكرم, والصفات الحسنة. ـ .. آه ... بدوي لاتخبرني عن اهل البادية..! .. لقد رأيت منهم الكثير في جنيف! وحين كنا ندرس في الجامعات " الفيرنسية ", كانوا مثال لجنسٍ آخر يحتقر الانسان. ولا يتحدثون مع البسطاء و النساء الا من منطق المال...هم يثمنون كل شي "بالنقود" عفوا مسيو "مغير".. لقد بصقتُ عليهم ! ..مجموعات هائلة من الكحوليون والفارغون, يتجولون مع مومسات, وينفقون ثروات هائلة كالأطفال, ميسيو "مغير" اذهب لترى كيف تحثى النقود في جنيف تحت ارجل اليهود, عندها سوف تدرك كم انتم مكروهين من العالم, لن يحبكم احد لإنسانيتكم أو ثقافتكم. فالناس هناك يطلقون عليكم تجار الجواري والرق الابيض. ـ سيدة " صفية " هوني عليك.. من يمتلك المال يفعل اكثر من ذلك. ـ نو...نو ....مسيو "مغير". الاغنياء في اوروبا لا يفعلون ذلك, انظر إلى مذكراتهم, وتاريخهم, وحدهم المجرمون من يتصرف هكذا. لقد أرهقتني هذه السيدة. ترى هل لتكرار اسمي بهذا الشكل المقتضب علاقة بتاريخ ما؟. ومع ذلك فنهاك وجه من الحقيقة, لقد رأيت من بعض قومي الكثير في كل مكان اذهب اليه. تبسمت صفية وهي تنظر لي وأنا اتناول شرائح البيتزا, وكأنها تضمر لي الوقيعة. لكن هذا جزء من الصراع بين ما نحب ونكره, بين المثالية الخطاب ومنطق الافراد من البشر. مسافات متقاربة تجمع الاجساد.. ومسافات ضوئية بين النفوس والثقافات, يستحيل ان تمحي الصور بمجرد الدفاع عن الفضيلة حين يتصدر علية القوم مسارح العالم الاجتماعية والاقتصادية ويتراقصون في شوارع الغرب عراة من اخلاق البداوة والإسلام. ـ هل اخشى على نفسي من هذه الابتسامة يا سيدة " صفية ". ـ تريدني ان اقول الحقيقة يا سيد "مغير"... أريد ان ابكي. لن يخجلني ذلك... صدقني أن اخر شيء فكرت فيه أن اجلس مع " بدويٌٍ " من الخليج ..لكني اكثر تعاسة الان من ذي قبل, لقد هالني مافعله معي الدكتور " سعيد "..؟ ـ اسمـُه الدكتور " بطرس سعيد " ـ نعم "بطرس سعيد" ...في بداية قدومي هنا بدأ في مقايضتي بشكل جارح ومهين ..عرض على كل شيء. افضل الصالات في القصر لعرض اعمالي, واحضار اهم النقاد والصحف لحضور المحاضرة التي منحت لي.. شرط ان استجيب لرغبته واكون عشيقته خلال هذه الفترة... ابديت حنقي وغضبي مما سمعت, مع ذلك اعتذرت له باحترام وتقدير.. .. ولم اكن اتصور ان يضمر كل هذا الشر. لقد قام بالتلاعب بموعد محاضرتي, واختار اسوء الاماكن لعرض اعمالي, وقام بتهديدي بشكل مباشر باحتساب جميع مصاريف الدعوة, عن طريق لعبة قانونية خبيثة.. لقد صرخت في وجهه هذا اليوم وهددته بأني سوف اتوجه بشكوى لسفارة بلدي اذا قام بالتمادي وتكرار اخطائه. ـ اذا انتِ من صرخ في المبنى بعد ظهر هذا اليوم! ـ نعم, لقد كان الدكتور "سعيد" جرئي معي اكثر من اللازم, ولم ينفع استنجادي بالدكتورة "سامية حسين" التي احسست انها رهينة هي الاخرى لأمرٍ ما! ... هل رأيت كيف يفكر الناس هنا يا سيد "مغير"؟ حسنا بدأت الان في فهم شيء من الذي يدور في اروقة تلك القاعات. لا غرابة ان يكون التحكيم والمشاركين والكثير من الخفايا رهينة لبعض رغبات المنظمين..هذه سقطة كبيرة يا سيد "بطرس" وسوف تكلفك الكثير. نظرت إلى السيدة صفية محاولً المواساة ولو بإبداء بعض الغضب.. وسرعان ما خفضت راسي ونظرت إلى يديها وهي تحرك صحن البيتزا الفارغ. ـ سيدة صفية هل كان الدكتور "بطرس سعيد" من اهل البادية؟ لااعتقد انها توقعت هذا السؤال...وترددت في شرح الموقف برمته..لكنها فضلت التمهل.. ثم قالت... ـ يبدو لي انك أكثر خبثا منه. .. . يتبع التعديل الأخير تم بواسطة براااق الحـــازم ; 17-11-2010 الساعة 12:05 PM. |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6 |
![]() |
![]() رائع جداً
قلم وفكر اكثر من رائع ...ماشاء الله ............... متابعه لك بشووووق |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#7 |
مشرف مجلس بني عدوان عضو متميز ![]() |
![]() مسيوو .. برااااق .
تكتنف الحياة أسرارها تحت غطاء الليل .. ولكن ما أن تشرق الشمس حتى تبوح بكل مالديها .. وهذه الفتاة ما أن تعزف على الوتر المطلوب حتى تنثر الدمع ، والدر .. وترسم لوحات يعجز الفنان المتخصص عن مجاراتها ولو جلس ساعات لذلكـ .. كم من فتاة ملهمة ، وكم من أنثى نتمنى أن تعود أو تتكرر ولكن!!! شكراً لنثركـ ورسمكـ براااق الحازم . |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#8 |
![]() |
![]() ~{.. اســتمتــآع .. ... متــآبعــة ..~ » مغروسون هنا...» حتى النهـآيـــة .... ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#9 |
![]() |
![]() .
. [mtohg=undefined]http://www13.0zz0.com/2010/11/25/06/246873110.jpg[/mtohg] تحرك المكان واضطرب داخل نفوسنا, لم يعد كل منا قادر على تحمل الاخر, استأذنتها في بعض شأني. قمتُ وانا الوم نفسي, هل كنت نرجسيا حد الانتصار لنفسي؟... هل جرحت شيء من نصوصها الغائبة؟ ...قد يكون! سرت بتثاقل نحو كونتر الصندوق ودفعت حساب الطعام وتبادلت بعض اللكمات الفارغة مع موظف الصندوق وعدة الى الطاولة بابتسامة صفراء وقطرات من العرق التي تفور من منابت شعر راسي. كانت توشك السيدة "صفية" على المغادرة, وحملت بيمينها بعضً من المناديل التي كانت على الطاولة ..ثم وقفت في مكانها, وتشاغلت ببعض شؤن النساء؟ ـ شكرا سيد " مغير " على كرمك.. سوف ارك لاحقا. لحضه غياب افتقدت فيها القدرة على التفكير, جلست في مكاني دون ان ابدي اهتمام لما قالت ..كنت ضعيفا في مقاومة الوسواس الذي رّكب مشاهد هذا الدقائق القصيرة. ـ سيدة "صفية" ايهما اجمل تونس ام السويد؟ ـ اعتقد ان صحرائـُكم اجمل يا سيد " مغير "! ـ ارجوكِ أن تجلسي .. ..فسوف اخبرك عن بلدي...علـّي اقتنع ان تلك الصحاري اجمل من السويد او تونس. ـ اذا توافقـُـني الراي أن بلدك اجمل..؟ نعم اوفقك الراي سيدة " صفية " . ـ ولما ياسيد "مغير"...! ـ لأنك قلتي ذلك... ولأني متأكدٌ أن هناك حبيبا ً اقنعك بأن بلدي اجمل بلاد الدنيا...ترى هل كان ذلك العاشق "بدويا" مثلي يا سيدة صفية؟ مرت اخرى.. وكأنها لم تستفق من صدمتي سؤالي عن هوية " بطرس سعيد "! يتهاوى كل كيانها الممتلئ وتحولت بكل ما تبقي من قدرتها نحوى, وكان الزمان رمى بثقله على صفحة صدرها الاهث.. حتي اني خشيت عليها سـّر تلك النظرة وذلك السكون المهيب. جلست السيدة صفية في مقعدها, وخيالها في اقصى الظلمات يخفي حكايا الجمال المترف الذي يحلم به كل من عرف النساء. سيد "مغير" هل تعرفني؟ ـ ابدا يا سيدتي الكريمة.. ليس لي شرف اللقاء بك او معرفتك قبل الان. ـ ما الذي يغريك ان تقول هذه التفاصيل لشاني. ـ انت ..التي بحتي بها. ـ لمن.. بحت بها سيد "مغير"؟ ـ عزيزتي ...في غمرت حديثك كنت التقط كل تلك الاشارات من كلامك بعناية شديدة, وكنت ارهق نفسي في تفتيت وصياغة ما تقولينه من عربية مكسرة وما تضمنه صيغ الانفعال العنيفة التي تبدينها عند سماعك لسيرة اهل الخليج والبادية... استنتجت انك قد مررتِ بقصة ساخنة مع احد أبنا جلدتي السمراء.. هذا كل ما في الامر! ـ لست ذكيا بما فيه الكفاية يا سيد "مغير"...لم يحدث شيء مما قلت, ولم امرُ بقصة حب ولم اعشق احد من ابناء جلدتك. ـ اذا لماذا جلستي يا ســـيدتي؟؟ لا اعرف كثيرا عن مسار الشعيرات الدموية التي تحكم عقل المرأة ومشاعرها, لم اسأل نفسي من قبل عن حكم ماء العين هل هو طاهر ام طهور. ولم اكن اتوقع اننا يمكن ان نحمل في صدورنا بمئات المرات اضعاف ما تحمله النملة مقارنة بجسدها واجسادنا الهزيل, ولم يدر بخلدي ان الشلل الذي في القلوب يمكن ان يتفجر على اصداء الصور الباهتة...هذه الكيمياء الانسانية جديرة ان تترك دون بحث لأنها تفوق النيترونات في حركتها الضوئية فيستحيل حبسها في معامل التجريب والتنظير النفسي. انفجرت السيدة " صفية " باكية بدموع حارة, وقد دست انفها في حفت المناديل الورقية التي كانت قد سحبتها حين همت بالرحيل. وكأني بها تنتظر ان يعتق الدمع شيء من روحها الاسيرة. مرت اخرى تـُثـقل الدماء راسي, وتلجمني حيرة العاجز, فلم يكن لي طاقة بتحمل ما قبل هذه الدموع حتى اتحمل ما سيكون ما بعدها. اعتذرت لها بوجل وعطف كبيرين. فلحظات العزاء في عرف المشاعر حدود فارقة بين موت وحياة وغياب وحضور, وقيد وحرية. كم كان سطح تلك المائدة رحبا, وكريما حين ارتمى راس السيدة " صفية " على احد اطرافه.. وكأن موعد المرافعة وجمع الوثائق والعثرات قد ازف أوانها لحضه القصاص من عنف الصورة التي تكوي خيال المهاجرون من ريح الغربة والحرمان. تغيرت ملامح البياض في وجهها ومال الى خليط من الوان الرمان والبنفسج, واشتدت حمرت البياض في عينيها منذرة بأخطار العدسات اللاصقة. مددت يدي لأشد على يدها وكأني اواسي فيها منكسر من الكبرياء. ولم اكد المس يدها حتى انعطفت يدها على حقيبتها الصغيرة واخرجت علبة دواء زرقاء وتناولت حبه دواء من تلك العلبة, دون ان تكلف نفسها حتى طلب كوبا من الماء. ـ اسفة يا سيد "مغير"...لكني قلت لك قبل ذلك اجد لي رغبة كبيرة للبكاء, لا تكترث ارجوك.. .. اسمح لي بالمغادرة ـ فهذه الادوية قد تضر بعيني ويجب ان اخلع هذه العدسات. ـ هل ستحضرين توزيع الجوائز هذه الليلة. ـ لا لن احضر.. ابدا... ..فهناك حفلة لفرقة سويدية في " مجمع ساقية عبدالمنعم الصاوي ".. وسوف التزم بالحضور معهم. سيد "مغير" هل ترافقني الى هناك؟ ـ احتفال توزيع الجوائز الفاسدة لا يستوجب عناء الحضورـ ولا استطيع ان ارفض هذا العرض ويسعدني ذلك يا "صفية". ـ حسنا سيد "مغير" سوف نلتقي في لوبي الفندق عن الثامنة مساء. ـ ان شاء الله. غادرت السيدة "صفية " ـ بينما جلست مكاني اجمع ما تناثر من بقايا هذا اللقاء الجميل رغم ماحدث ـ لا اعرف كيف تم هذا اللقاء بهذا الصفة لكن كيف ماكان لقد كانت تلك السيدة قوية بما فيه الكفاية لتقنعني انها انسانة عصامية كافحت في بلاد الغرب بمفردها حتي اصبحت ذات شأن ـ فنانة تشكيلية وناقدة فنية حاذقة ـ حصلت على درجة الدكتوراه من احد الجامعات الفرنسية ـ تفرغت للفن والكتابة النقدية بشكل رفضت معه الانتساب الى أي عمل اكاديمي. عـُدت الى الفندق وأنا استعيد لحظات هذا الصدفة التي جمعتنا منذ خروجها من القصر حتي وافقت على ركوب التاكسي. ثم ما حدث بعد ذلك على طاولة البيتزا. وتتزاحم التساؤلات في حقيقة ما يحدث. لم تنفك تلك الرغبة الجامحة تعاودني لمعرفة سر هذه المرأة الرائعة. *** كنت حريصا على هندامي في هذه المرة..وقد حملت معي بعض المطبوعا ت الاعلامية التي تخصني ـ قد تعمق معرفت هذه السيدة بهذا " البدوي " البسيط. تماما هذه المرة في موعدها ـ الثامنة مساء حضرت السيدة " صفية " وهي اكثر اشراقا وحسنا من ذي قبل, لم تـُظهر تلك الابتسامة المعتادة ولكنها كانت انيقة الى الحد الذي يقنع الاخرين انها تراهن على حضورها بين اجمل النساء... " ساقية عبدالمنعم الصاوي " هي مركز ثقافي يقع في وسط القاهرة ويضم الكثير من الانشطة الفنية من مسرح وموسيقى وفن تشكيلي والعديد الفعاليات الثقافية. حين وصلنا الى المركز كان الحفل الموسيقي قد بدأ وقد قدر لنا الجلوس متجاورين على كراسي خشبية عتيقة ـ وفي مكان متقدم رغم ازدحام المكان بالحضور. كانت العروض تتفاوت بين موسيقى ايقاعية من الفلكلور السويدي الذي اُستلهم من صوت ابواق الفاينج ـ والعروض الادائية الراقصة وبعض مقاطع من موسيقى الهيب هوب الشبابية ذات نوته سويدية طبعا. كانت السيدة " صفية " ثرية جدا في معلوماتها الغزيرة التي حرصت على ان تخبرني بها, فما يكاد انتنتهي أو يبدأ مقطع حتي تسترسل في الحديث عن الفرقة واعضائها ودلالات كل قطعة موسيقية ـ وتتوسع كذلك في الحديث عن الهرمني الموسيقي لفن الجاز السويدي والابواق القديمة المصاحبة لبعض المقطوعات وترجمة بعض مقاطع الكورال ـ وتحدثت عن اثر بعض الملحنين السويديين في موسيقي الدول الاسكندنافية. استرسلت السيدة " صفية " بحب وشغف لمهمة تثـقيفي كل هذه المعلومات بالكثير من الاسماء والشواهد التي يصعب تذكرها ـ بل اني تمنيت سكوتها في كثير من الاحيان. تعجبت من معلومتي القديمة والمغلوطة انهم في الغرب يستمعون للموسيقى حد انفصال الروح عن الجسد! ... لكن هذا لم يحدث مع هذه السيدة السويدية؟ اثناء حديثها معي كانت السيدة " صفية " تلتصق بجنبي الايسر حين تود الحديث والشرح عما نشاهده.. وكانت احاول تحاشي هذا الوضع بحسن الاستماع وملاحظتي الشديدة لما اراه. رغم ان هذا الوضع يربكني بالكثير من الوخز الذي يسري في انحاء جسدي, لكن جدية تلك السيدة وحسن اختيارها للمعلومة وازدحام المكان يجلعني اقتنع انني اسيرُ ظرفٍ طاري يجب ان اتكيف معه كيف ما شئت.. وتذكرت بعض المواقف لي في ميترو لندن ـ وباريس كيف يكون حال الناس في ذروة الازدحام. لكن الحقيقة اني بين الحين والاخر اصاب بعطش لإحساسي بذلك الملمس حتي بدأت في محاربة تلك الرغبة و تحاشي هذا الوضع قدر المستطاع. انتهت الحفلة الموسيقية في العاشرة والنصف... وفضلنا الانتظار حتي بدأ الناس في الانصراف, ثم ما لبتت السيدة " صفية " ان امسكت بيدي, وصعدنا الى فضاء المسرح لبيداء فصل اخر من التعارف على بعض أعضاء لفرق السودية المشاركة. كانت المفاجئة ان هناك فتيات وشباب من العراق والمغرب العربي, لكن المؤسف ان بعضهم لا يحسن التحدث بالعربية, وكعادة حفلات التعارف التي تكون على هامش العروض غالبا ما يكون هدفها تسويق معرفي وثقافي في الدرجة الاولي ثم يكون هناك نوع من التواصل الشخصي بين المعنيين بالمجالات المختلفة. ـ سيد " مغير" هل اعجبت بالعروض؟ قلت لها ببتسامة خفيفة : لم استمتع بها يا سيدة صفية. ـ لماذا.......؟ ـ لأني كنت استمع لك اكثر من استماعي لما يعرض ويعزف. تبسمت السيدة صفية واطلقت ضحكة لم اسمعها منذ عرفتها حتى لفتت انتباه من حولنا. وقالت:.. ..عادت النساء" يا بدوي " .....هذه النوع من العروض لا يلزمه الاستماع الشديد فلست امام أوركسترا كلاسيكية. انت امام تجارب شبابية ويجب ان تفهم ان هذه التجارب لا علاقة لها بحسن الاستماع والسكينة. تقدمت سيدة في العقد الرابع من العمر تجاه السيدة صفية وقد بدت عليها معالم الفرح والسعادة, واحتضنا بعضهما البعض وتحدثت معها كثيرا.. بينما كنت اتواصل معهن بشكل بصري ولا افقه ما اسمع سوي ببعض حركات الجسد المعتادة في مثل هذه المواقف. ـ " مغير " هذه السيدة " آليس" صديقتي منذ الصغر.. يسرها التعرف عليك ودعوتك لحضور حفل اخر في قصر الفنون صباحا بعد يوم غدا. ـ يسرني ذلك ان بقيت يا سيدة "آليس" لكن اعتقد ان رحلتي سوف تكن مساء يوم غدا, وقد لا استطيع الحضور. .. كم كنت اتمنا ذلك. لم تترجم السيدة " صفية " ما قلته لصديقتها "آليس" بل بادرتني بنظرة ملئها الدهشة والتعجب. ـ "مغير"هل حقا سوف تعود لوطنك غدا. ـ نعم سيدة " صفية "... فرحلتي سوف تكون في السادسة مساء فأنا متواجد هنا منذ اربعة ايام. تغيرت معالم البهجة في المكان وبدأت السيدة " صفية " تنظر لي وكأنها بانتظار كلمات محبوسة في حنجرتي. ـ عزيزتي " صفية " انت سوف تغادرين يوم غدا وانا كذلك.....سوف ينتهي يوم عملي غدا بلقاء السيدة " سامية حسين" في قصر الفنون وسأحضر بعض الندوات و اغادر. بلهجة حادة وسريعة كنت قد سمعتها مرارا حين كنا في مطعم البيتزا, قالت:.. ـ من قال لك اني سوف اسافر يوم غدا. ـ انت اخبرتني من قبل.. لقد قلتي انك تودين العودة في اقرب فرصة. ـ لا ياعزيزي "مغير" هذا لن يحدث.. لقد طراء امر هام حين عدت الى الفندق لم اخبرك به...ويجب ان تعرفه.. .... ارجوك ـ يجب ان تبقى. .... يتبع [mtohg=undefined]http://www8.0zz0.com/2010/11/25/07/909831345.jpg[/mtohg] . التعديل الأخير تم بواسطة براااق الحـــازم ; 25-11-2010 الساعة 10:22 AM. |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#10 |
مشرف مجلس بني عدوان عضو متميز ![]() |
![]() ابسط ياعم ..
بسرعة غير الحجز .. ولا تنكد على الأدمية ماصدقت لقت أحد تكلمه .. |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|