يقال بأنها تـحـبنـي !

[fsfs]

وخز خفيف جال بحنايا تهدجات ضائعه .. التفاته إلى الوراء أنستها كل ما كان يدور في بالها, لم تعد تشعر سوى بحرارة متصاعده تعلو وتهبط في قلبها وبأسفل منه.. بجانب المرأب طفولة لم تكد تستقر.. هكذا وبأسرع وقت أحست بأنها شارفت على الذبول.. تقلصت حركتها المعتاده وأصبحت بين مطرقة السهر وسندان أريج كف عن مناداتها.. فتنطوي على نفسها.. لا أحد في هذه المدينة تلجأ له ! حتى القهوة لم تعد مستساغه .. كل شيء لديها أصبح من الماضي التالف . ليس لديها من رصيد كاف يبلغها بأنها في حيرة من امرها بل وماتبقى من أجرام متعلقة بكتفيها تخبرها بأنها في إضمحلال.. تستسلم للنوم برهة من الوقت ثم لا تلبث معها أن تعود لسابق عهدها.. الخاتم.. الوشم.. ظفائرها في خصام مع الطواحين.. تراقب بصمت خجول إزدياد إضرابها عن الطعام وإنزوائها بعيدا عن أقرب الناس إليها.. تتبتل وحدها مع الغياب متناسية أهم شيء لها وما يختص به قلبها وعقلها.. ترتب أشيائها في تساو تام مع ما ترآه مناسبا لها,, لا شيء لديها يعكر صفو النائمين أو المدنفين,, موسم البرد قد أزف ولهيب الصيف رحل دون عودة.. لم تعد تفرق بين وجودها من عدمها أمام ما يعترضها من وهم الأفول.. لا ضير في غدا ؛ يعدنا بكل ماهو جديد..

تلوح في الأفق أسراب الطيور المهاجرة.. تتغذى على ما تنسج منه ذاكرة ماضيها بين البيت والمدرسة ؛ تتخيل كم لو أنها كانت حرة ومتهيأة لكل ما قد تفكر فيه بأنه صوابها ؛ تعلم جيدا ما يخبئه القدر لها.. لا يستقيم معها حال واحد.. ترتدي وشاحها ثم ترميه بسرعه .. تقاوم ما تبقى من نعاس يتشبث بجفونها ؛ فتتحامل على نفسها من غرفة النوم إلى الفناء , تنظر إلى نفسها بالمرآة ثم تخلع عن روحها آلام الليلة السابقة.. انتفاضة أخيرة تعلقت بيداها فلا أحد بإمكانه التعقيب على ما تفعل وما لا تفعل , هي وحدها في هذا المساء القاتل.. تمسكت بشباصة لتهملها على دولاب يرتمي في زاوية يعيدة.. مرة أخرى يعاودها النعاس لتصحو معه على موعد مع انغلاق آخر.. كم تود لو أنها كانت أسيرة للبكاء لتنفس عن نفسها هذا الخوف الغريب.. يتباطأ في أحلامها أقصى ما كانت تتمناه: السير دون حاجز يعيق عنها مسيرة التلاحم مع النسيان, تستمر مع أول فكرة تطرأ على بالها ، شرفة البيت تعانق الأبد في سجال أيضا.. حتى الأمطار شحت ؛ مسجونه إن لم يخنها التعبير.. طرأت على أفكارها مخيلات زوجها ! أين زوجها ؟ هل هو لا زال على قيد الحياة ؟ ومتى آخر مرة رأته فيها ؟ هل هي تلك الأحجيات التي سمعتها منذ أن كانت صغيرة وتجاهلتها ؟
تمنت لو أنها عرفت يوما من الأيام مقدار أهلها .. فاضت عيناها بدمعات باهظة الثمن جدا.. أسرت إلى نفسها عتاب احباب ؛ تلتهب شوقا إلى موجه تحملها إلى ما أرادت أن تكون عليه.. كم هي عنصر وحيد في هذا الكون ! تلفظت بألفاظ كثيرة لكنها لم تعثر بعد على ضالتها.. إنها تقول:
" يحبني أو لا يحبني "