#1
|
||||
|
||||
قيس لُبنى ،، بالزهراني
يقول تعالى(( المال والبنون زينة الحياة الدنيا)). استشعرت هذه الآية الكريمة عندما قمت بزيارة أحد الأقارب في المستشفى(شيبه). رأيته وامرأته العجوز تجلس بجوار رأسه وتنتحب نحيب الأرامل في بدايات الزواج وكأنهما زوجين في عمر الزهور وليسا عجوزين عاجزين. كم تمنيت أن أرى (ولد أو بنت) من نسلهما يقف بجوار رأسيهما. كم تمنيت أنهما إتخذا القرار الصعب بالفراق أو بزواج الرجل من إمرأة أخرى ،، ولم أراهما في ذلك الموقف الأصعب المحزن. رأيته يعي ما حوله تارة ويغيب عن الوعي تارةً أخرى. فإذا وعي هلل وكبر وحمد الله ،، ثم يرحب بالزائرين حوله ويسألهم عن أهلهم وأحوالهم. وإذا غاب عن الوعي تسمعه يهوجس بأمرأته العجوز التي تجلس بجوار رأسه ( يانا لويت فلانه ،، والله ماشي كماها مره مره ،، الله يسعدها وياخذ عمريه قدامها). فاصل. طبعاً الكهله يتقطع وجهها من الخجل يوم أن القحم يتغزل فيها على أيدي من حضر (في البداية حزنت حزن عنيف للغاية ،، وقعدت أتذكر حياتهم ،، وبعدين تفلت القحم بذاك الشي اللي يسدد عنه الأذاني ،، والله أن دمعيه كما الخرز من الضحك وعمامتيه فوق خشميه ومسوي نفسيه أبكي عليه ،، ما صدقت طلعت من المستشفى وانسدحت جوف السيارة من الضحك على شكل الكهلة وهي تتلوى من الخجل). نواصل. نعم ،، موقف محزن ،، وعبارات مؤلمه كونه على فراش الموت ،، وغزل في كهلته باللغة الزهرانية البحته. نعم ،، يغيب عقله وينطق قلبه ومشاعره وعواطفه. استشعرت سنين عشرتهما التي جاوزت ال60 سنه. مر ذلك الشريط بسرعه أمام عيني ،، وكأني عشت كل الأيام معهما. تخيلتهما في أيام الزهور ،، وتخيلت أول لقاء بينهما خصوصاً وأنهما من نفس القرية. تخيلت يوم عرسهما ،، وتخيلت عناقهما في تلك الليلة. تخيلت ذلك العجوز في يوم عرسه ،، وهو لابس ثوب الفرح الجديد ( الثوب المفرج ) ،، ومحتزم بالجنبية النافعي ،، والريحان تحت عقاله. وتخيلت تلك العجوز في ليلة زفافها ،، ترتدي الثوب المكلف ،، والعكاف من فوق رأسها (الريحان والكادي والبرك) ،، تخيلت الشبكة المثبته على أطراف رأسها والمتدلية حول عنقها ،، وتخيلت حزام الفضه الذي يدور حول قوامها الغض في ذلك الوقت. تخيلت أول أيام حياتهما وحبهما ،، ذلك الحب الذي لم تغيره غريزة حب المال والأولاد. سنين ينتظرون ذلك المولود الذي لم يأتي أصلاً ولن يأتي مستقبلاً. تخيلت رغبة والديهما في رؤية أحفادهم من هذين الزوجين. تخيلت رفض الزوج بالزواج من أخرى تحت ظغوط والديه ،، وتخيلت موقف الزوجة برفض طلب والديها بطلب الطلاق من زوجها. اسهبت في التفكير ،، وسرح بي الخيال في ذلك اليوم الذي اتفقا فيه بالبقاء معاً ،، ودون دخول طرف ثالث بينهما ( زوجة ثانية) وأطراف آخرين ( أولاد من الزوجة الثانية) ،، والتعاهد على الإبقاء على هذا الكيان الأسري الذي يتكون من زوج وزوجة فقط وعدم الإنفصال إلا بالموت. تخيلت كلمات القسم العظيم الذي نطقوا به تلك الليلة الشتوية الباردة جداً والدافئة عاطفياً ،، تخيلت أيديهم المتماسكة و عناقهما على الفراش ( صدر بصدر و وجه لوجه ونظرة بنظرة). تخيلت ،، تخيلت ،، تخيلت ،، ولكن خيالي أدنى بكثييييير من واقع حبهما الحقيقي. تنازلوا عن الذرية ،، دون البحث عن السبب ،، ودون الذهاب إلى المستشفيات بعد تقدم الطب للبحث عن الطرف العاجز عن الإنجاب. ورضيا بما قسمه الله لهما ،، واستمتعا بهذا الحب الذي أملى فيهما غريزة حب المال والأولاد. أي حب هذا ،، أي عهد هذا ،، أي وعد هذا. ليتني سمعت مفردات هذا العهد الذي لم يُنقض ،، وليتني سمعت كلمات هذا الوعد الذي لم يُخلف. هنا الحب الحقيقي. بطل قصتنا توفى قبل أيام قليلة ،، جعل الله مثواه الجنة ،، وجمعه بزوجته التي أحبها في الجنة. وأحسن خاتمة زوجته ،، وأعانها على فقد الحبيب الذي إختارته وحده دونما سواه. أثق في دعائها الصادق له ،، وآمل أن تعيش ما تبقى لها في هذه الحياة على ذكراه. هنا الحب الحقيقي ،، وهنا الدافع الحقيقي.. |
29-04-2016, 11:22 AM | #2 |
مراقب عام
|
رد: قيس لُبنى ،، بالزهراني
رحم الله امواتنا واموات المسلمين
كتبت فأبدعت يا حصن الوادي ودي وتقديري واحترامي |
29-04-2016, 01:05 PM | #3 |
مراقب عام
|
رد: قيس لُبنى ،، بالزهراني
نسأل الله له الرحمة والمغفرة وا يمد ارملته من بعده بالصحة والعافية
اشكرك اديبنا وكاتبنا المميز على هذه القطعة الادبية الفريدة وهذا السرد الرائع |
30-04-2016, 01:26 AM | #4 | ||||||||||||
|
رد: قيس لُبنى ،، بالزهراني
أرحب يابو أحمد.. شرّفت ونوّرت ،، وأشكر مرورك الكريم. ولك وافر الحب و الود يالغالي |
||||||||||||
30-04-2016, 01:31 AM | #5 | ||||||||||||
|
رد: قيس لُبنى ،، بالزهراني
أرحب يالروزة والغُرزة ،، فمكان على الراس دائماً. ولا عاد تظلم بختك وتغش ذمتك وأنا رفيقك وتقول عنّي أني (أديب) هههههه يمكن أني مؤدب .. حتى ماهو أكيد ،، أمّا أديب مره واحده هههههه الله يسامحك. شاكر مرورك وتعقيبك يالغالي. ورحم الله بطل قصتنا ،، وجبر قلب (كهلته). وافر الود و الورد |
||||||||||||
30-04-2016, 03:37 AM | #6 |
عضو متميز
|
رد: قيس لُبنى ،، بالزهراني
سبحان اللي جمع على الحب قلبين ..
الله يرحم الشيبه ويغفر له ويسكنه فسيح جناته ويصبر قلب كهلته ويلطف بحالها .. قصه وفاء نادره .. ذلحين الواحد معه خمسه ياحافظ جوف البيت يغدي ينكح الثانيه خل عاد إذا ماجابت له ذرية !! حصن الوادي طرح رائع وجميل .. الله يعطيك العافية |
30-04-2016, 07:38 AM | #7 |
.
|
رد: قيس لُبنى ،، بالزهراني
يسلم الفكر الذي رصع هذه الجُمل الساحرة الباهرة التي تغوص في بحار الوجد والشجن والحب و الوفاء والمودة والرحمة .
يا اخي كتبت فاظهرت لنا معنى الحب حقيقة و واقع . كتبت فاسعدتنا .. و علمتنا كيف المودة . يالله كيف كانت حياتهما .. لعل ما اختاره الله جل جلاله خيرا لهما فكم من ذرية كانوا سبب في شحناء بين والدين . . ااا( ولدك فعل ولدك ترك ) .. الاولاد شقاء ثم حزن للوالدين ! الله يرحم هذا الشايب .. و يسهل امور الكهلة في الفانية . ويجعلهما من اهل الفردوس عوضاً عن فقد زينة الحياة برحمة الله وجود كرمه . احترامي و تحيتي لك يا غالي . |
30-04-2016, 01:42 PM | #8 |
|
رد: قيس لُبنى ،، بالزهراني
الله يرحمه ويغفر له
سرد رائع ومضمونه في صياغته و مفرداته استمر لديك موهبه نادره في سرد القصه ولديك اسلوب جذب ومشوّق |
01-05-2016, 02:39 AM | #9 |
عضو اداري
كبار الشخصيات |
رد: قيس لُبنى ،، بالزهراني
وفاء نادر
نادرا اشوف زوج تهموا مشاعر زوجته بالذات في المجتمع السعودي ! دايما الزوجة هي الوفية والمضحية والصابرة استغربت قبل فترة لدرجة الاندهاش من ابو رشيد اللي ظهر في عدة قنوات ومن ضمنها برنامج الثامنة معقولة في هذا الزمان في زي هذي النوعية !!!!! اتوقعت زمان الوفاء ولى وصار من قصص التراث العربي الفرق بين قصتك وقصة لبنى وقيس الحقيقية ان قيس العربي استسلم واضطر يطيع والده ويطلق لبنى وعاش طوول عمره بحسرة ومن اقواله الرائعة وقَدْ يَجمَعُ اللهُ الشَّتِيتَيْنِ بَعدَما يَظُنَّان كُلَّ الظَّنِّ أنْ لا تلاقيا الله يرحمهم جميعا وشكلي راح انزل قصة قيس ولبنى الحقيقية في القسم الادبي شكرا لك اخي الكريم حصن الوادي على روائعك وطرحك |
01-05-2016, 05:29 PM | #10 | ||||||||||||
|
رد: قيس لُبنى ،، بالزهراني
جزاك الله خير يا سلطانه على الدعوات الصادقة الجميلة. أما قصة الوفاء ,, فالسبب (الحب). أما اللي معه خمسه ياحافظ جوف البيت ويغدي ينكح الثانية ,, فتأكدي أنه زواج تقليدي ,, على قولة الشيبان (لقينا لك فقه) ,, ويتزوجها وهو ما يحبها أصلاً ,, فتصبح العلاقة مبنية على (مودة ورحمة) فقط ,, وهذي الزيجات بنسبة 99.9% ويقال: بأن الأولى إجبار ,, والثانية إختيار حياك الله يا سلطانه ,, والروعه هي مرورك الكريم ولا تضيقين عليه في هذا الرد ,, أخاف ما يعجبك الله يحفظك |
||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع : قيس لُبنى ،، بالزهراني | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
بالزهراني .. اعراب جمل .. متجدد | احمد بن خضر الدوقي | الإستراحة | 6 | 10-10-2009 06:13 PM |
عدنان وعبسي ..بالزهراني | الليل | يوتيوب | 27 | 25-07-2008 02:08 AM |
التايتنك بالزهراني | فيض المشاعر | الإستراحة | 10 | 31-03-2008 11:43 AM |