#1
|
||||
|
||||
دروس من شهر رمضان ( 9 )
[glow=#080801][glow=#FFFF00]بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته[/glow][/glow] رمضان شهر الصحة الحمد لله القوي العزيز الجبَّار، والصلاة والسلام على النبي الكريم المصطفى المختار، وعلى آله وصحبه الأخيار الكرام الأطهار، ومن تبعهم واقتفى أثرهم ما تعاقب الليل والنهار،أما بعد: فإن الصوم في الإسلام تكليفٌ إلهيٌّ، صادرٌ عن الرب الذي له بمقتضى ربوبيته وألوهيته، أن يكلِّف عبادَه بما شاء من التكاليف، وأن يشرعَ لهم ما يريد من الشرائع والعبادات؛ فهو تكليفٌ إلهيٌّ كسائر التكاليف الشرعية التي تظهر بها ربوبيةُ الرب، وعبوديةُ العبد؛ فيكفي في الحث على الصيام، والدعوةِ إليه أن نقول للمسلم: إن الله يأمرك بالصيام، دون ذكرٍ لفوائد الصيام، أو بحثٍ في أسراره. وليس معنى ذلك أنه لا يترتب على العبادات شيءٌ من الآثار النافعة المفيدة، ولا شيء من الأسرار العظيمة البديعة، كلا! فإن لها آثاراً نشهدها ونراها، وندركها بعقولنا؛ ولكن لا يصلح لنا أن نقطع بأنها هي الغرضُ من التشريع، أو المقصود من التكليف، وإنما هي آثارٌ تابعةٌ للعبادة، يزداد بها إقبال النفوس عليها قوة إلى قوة. والحكمة الجامعة من تشريع الصيام بيّنها الله _عز وجل_ في كتابه فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183). فالحكمة من تشريع الصيام _إذاً_ هي التقوى. وما برح الناسُ في كل عصرٍ يرون من فوائد التشريع ما يتَّفق مع تفكيرهم ومنطقهم ومصالحهم، وهذا دليل على أن وراء هذا التشريع خالقاً عظيماً، مدبراً حكيماً (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) (النمل: من الآية88). هذا وإن من الأسرار، والفوائد التي ينطوي عليها الصوم حصولَ الصحة العامة؛ فإن للصوم فوائدَ لا تحصى على صحة الأبدان، خصوصاً إذا اتَّبع الصائمُ النهجَ السليمَ في صيامه، وذلك من ناحية الاعتدال في مطعمه ومشربه، فللصوم تأثيرٌ عجيبٌ في حفظ الجوارح الظاهرة، والقوى الباطنة، وحِمْيَتِها عن التخليط الجالبِ لها الموادَّ الفاسدة، التي إذا استولت عليها أفسدَتْها، واستفراغُ الموادِّ الرديئة المانعةِ لها من صحتها. ولقد أطنب الأطباء في ذكر فوائد الصوم، ومما قالوه في هذا الصدد: إن الصوم ينفي الفضلاتِ المتعفِّنةَ من المعدة والأمعاء، ويريحُ جهازَ الهضم بعض الوقت من عناء العمل؛ فليس لبعض الأمراض من علاج إلا الحِمْيَةُ، وهل الصوم إلا نوعٌ من الحمية؟ بل فوق الحمية؛ فالمصاب بالتهاب الأمعاء المزمنة والتهاب القولون المزمن، يستفيد من الصوم كثيراً. والمصاب بقصور كبدي، يستفيد من الصوم إذا اعتدل في إفطاره، وفي بعض حالات التحسّس يستفيد المريض من الصيام، ويساعده تنظيم الأغذية والاعتدال فيها على ذهاب كثير من أعراض التحسّس؛ إذ إن إراحة الجهاز الهضمي أمرٌ أساس، للخلاص من حالات (الحكَّة) التي تنبع من بعض الأغذية. ثم إن للصوم فائدةً عظيمة على الجهاز العصبي. يقول الدكتور محمد محمد أبو شوك في مقال له بعنوان (الصوم والجهاز العصبي)، يقول: روحانيةُ الصومِ، وما تفيضُه من صفاءِ النفس، وتهذيب الروح، والصبرِ على احتمال المشاق، والعطفِ على الفقراء والمحتاجين، والبعدِ عن التردي في الشهوات وما تجرُّه على الفرد من ويلات، وتـزكية النفس بالأخلاق الفاضلة من صدقٍ في المعاملة، وأمانةٍ في تأدية العمل، والبعد عن الغضب، والانتقام، ونقاءِ النفس من الحقد والحسد، والبغضِ للناس؛ كل هذا يُضْفي على النفس البشريةِ روحَ السلام، والمودة، والمحبة، والصفاء التي بدورها تؤثر على الجهاز العصبي للإنسان، والذي يهدأ الجسم لهدوئه، ويثور لثورته. وبثورة الجهاز العصبي، تثور باقي الأجهزة، التي تحفظ للجسم كيانه. فيا لها من حكمةٍ إلهيةٍ تجعل الصائم _حقاً_ مَلِكاً في صورة إنسان؛ ليسعد بحياته، ويسعد به الآخرون+. إلى أن يقول: فإلى من يترددون على عيادات الأطباء؛ طلباً لدواء يذهب عنهم التوتُّر العصبي، والإنهاك العصبيَّ، والأرقَ، والكآبةَ، وغيرَها من الأمراض، التي تذهب بالعقول: هاكم رمضان، لو تمسكتم بروحانيته، وما يضفيه على نفوسكم من خير، لما احتجتم في يوم من الأيام، إلى ما لا نهاية له من علاج ودواء.. انتهى كلامه. أيها الصائمون الكرام: كثيراً ما تطالعنا الصحف،والمجلات،والدوريات بالمزيد من البحوث التي تكشف عن فوائد جديدةٍ للصوم على صحة الأبدان. ومما يؤخذ من كلام الأطباء حول فوائد الصوم_زيادة على ما مضى_أن الصوم يفيد في أنواع من الأمراض،كالسمنة؛ فهو مفيد في تخفيف الوزن بأسرع وقت، وأيسر طريقة. والصومُ مفيدٌ في ارتفاع الضغط الشرياني، وفي التهاب الكُلَى الحادِّ، والحصواتِ البولية، وفي أمراض الكبد، وحويصلة الصفراء من التهابات وحصوات. وهو مفيدٌ في أمراض القلب المزمنة التي تصحب البدانة والضغط العالي. ومفيدٌ في اضطراباتِ المعدةِ المصحوبةِ بتخمِّر المواد الزلالية والنشوية. وهو مفيد في علاج الاضطرابات النفسية والعاطفية. ومفيد في زيادة النشاط، وإبطاء السير نحو الشيخوخة. ولقد ثبتت فوائد الصوم الصحية حتى عند غير المسلمين من الأوروبيين والأمريكان وغيرهم؛ فألَّفوا في ذلك الكتب، وأنشأوا المصحّات التي تعالج روادَها بالصيام، وظهرت لهم نتائجُ باهرةٌ تم فيها علاجُ أمراضٍ مستعصية بالصيام. يقول بعضُ أطباءِ الإفرنج: إن صيامَ شهرٍ واحدٍ في السنة يذهب بالفضلات الميتة في البدن مدةَ سنة. ومن أشهر المؤلفين في فوائد الصيام الصحية العالم الأمريكي (ماك فادن) زعيمُ الثقافةِ البدنية في أمريكا، وهو من علماء الصحة الكبار؛ حيث أسَّس مَصَحَّاً كبيراً مشهوراً بالولايات المتحدة سماه باسمه، وألَّف كتاب (الصيام) بعد أن ظهرت له نتائجُ عظيمةٌ من أثر الصيام في القضاء على الأمراض المستعصية. وقد قال ماك فادن وغيره: إن الصوم نافعٌ للجسم، يصفِّيه من رواسب السموم، التي تشتمل عليها الأغذية والأدوية. أما الأمراض التي عالجها بالصيام فيقول: إنه عالج بالصيام أكثر الأمراض. وذكر أن انتفاع المرضى بالصوم يتفاوت حسب أمراضهم، فأكثر الأمراض تأثراً بالصوم أمراض المعدة، قال: إن الصوم يسارع في شفائها، ويرى المعالِجَ به العجبَ العجابَ، وتليها أمراضُ الدم، ثم أمراضُ العروق كالروماتيزم. وقد ذكر ماك فادن الأشخاصَ الذين عالجهم بالصوم، وذكر أسماءهم، وأمراضَهم، وتواريخَ علاجهم. ويقول هذا المؤلف _أيضاً_: إن كل إنسان يحتاج إلى أن يصوم، وكذلك أي مريض؛ فإن الأغذية والأدوية تجتمع في الجسم، فتجعله كالمريض، بحيث تثقله، وتقلل نشاطه، فإذا صام خفَّ وزنُه، وتحللت هذه السموم من جسمه بعد أن كانت مجتمعة، فتذهب عنه، حتى يصفو تماماً. ولقد أطنب هذا الرجل في وصف الفوائد التي يجنيها الصائم من صومه، وأخبر عن نفسه أنه صام مراراً كثيرة؛ لتجديد قواه، ووجد لذلك فوائد ما كان ليجدها بدون الصيام، ولذلك ينصح الناس جميعاً بالصيام، وتؤثر عنه العبارة المشهورة: (الصوم سبب للشفاء من كل علة خابت في علاجها الوسائل الأخرى). ومن أساطين الطب والتربية في العصر الحديث، الذين استخدموا الصوم الدكتور آلان كوت، حيث استخدم الصوم في علاج السكر، والنِّقْرس. وكذلك الدكتور (كارلسون) حيث كانت وسيلته في تجديد الصحة، والدكتور (جيننجز) الذي كان يصفه في الحالات المرضية التي كانت تعرض له. وكذلك الدكتور (روبرت بارتول)، وهو طبيب أمريكي من أنصار العلاج الدوائي للزهري،حيث كتب يقول: لا شك في أن الصوم من الوسائل الفعّالة في التخلُّص من الميكروبات، ومن بينها ميكروب الزهري، لما يتضمنه من إتلاف الخلايا، ثم إعادة بنائها من جديد، وتلك نظرية التجويع في علاج الزهري. أيها الصائمون الكرام: هذه بعض فوائد الصوم الصحية، وتلك بعض أقوال أهل الاختصاص في ذلك حتى من غير المسلمين، فسبحان الكبير المتعال؛ الذي تظهر آياته في كل حين وآن، ولا تنقضي عجائب دينه ما تعاقب الملوان (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت:53) . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وسلام على المرسلين، وصلى الله على نبينا محمد. |
10-08-2011, 03:19 AM | #2 |
مراقب عام
|
رد: دروس من شهر رمضان ( 9 )
جزاك الله خير لك مني اجمل تحية وتقدير |
11-08-2011, 12:43 AM | #4 | ||||||||||||
إداري أول |
رد: دروس من شهر رمضان ( 9 )
[glow=#080801][glow=#FFFF00]اسأل الله العلي القدير أن يعيننا على صيام وقيام شهر الخير والبركة والمغفرة على الوجه الذي يرضيه عنا أسعدني مرورك الكريم وبارك الله فيك [/glow][/glow] |
||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه للموضوع : دروس من شهر رمضان ( 9 ) | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
دروس من شهر رمضان ( 6 ) | ابو عادل العدواني | أرشيف [الخيمة الرمضانية] 1432 هـ | 12 | 09-08-2011 03:15 AM |
دروس من شهر رمضان ( 5 ) | ابو عادل العدواني | أرشيف [الخيمة الرمضانية] 1432 هـ | 10 | 09-08-2011 03:14 AM |
دروس من رمضان ( 4 ) | ابو عادل العدواني | أرشيف [الخيمة الرمضانية] 1432 هـ | 12 | 09-08-2011 03:12 AM |
دروس من رمضان ( 2 ) | ابو عادل العدواني | أرشيف [الخيمة الرمضانية] 1432 هـ | 12 | 09-08-2011 03:09 AM |
دروس من شهر رمضان (1) | ابو عادل العدواني | أرشيف [الخيمة الرمضانية] 1432 هـ | 16 | 09-08-2011 03:08 AM |