الأثرياء السعوديون.. سؤال عن المسؤولية الاجتماعية!

[ابو عبد الرحمن]

الأثرياء السعوديون.. سؤال عن المسؤولية الاجتماعية!

لو قام رجال الأعمال في المملكة بالتبرع بعُشْر ما يملكون من ثروات لاختفى الفقر تماماً وسيمتلك كل مواطن منزلاً".

قبل عامين تقريباً دعا رجل أعمال سعودي نظراءه في المملكة إلى السير على خطى تبرع رجال الأعمال الأمريكيين
بجزء كبير من ثرواتهم لصالح الأعمال الخيرية، مبادراً بالتوصية بالتبرع بجزء من إرثه للأعمال الخيرية.

وبالرغم من أن مبادرته قوبلت ببعض السخرية والدهشة لدرجة اعتبرها البعض على مواقع التواصل الاجتماعي
"مجرد مزايدة" فإنه رد بأنه لو قام رجال الأعمال في المملكة بالتبرع بعُشْر ما يملكون من ثروات "لاختفى الفقر تماماً،
وسيمتلك كل مواطن منزلاً".

الملاحظ أن المطالبات للأثرياء بالقيام بدور اجتماعي مسؤول هو أمر يتكرر كثيراً
خصوصاً مع كل إحصائية تُظهر تنامي الأثرياء في المملكة، وتزايد العكس أيضاً،
وكذلك التلاشي التدريجي للطبقة الوسطى.

[ابو عبد الرحمن]

السعوديون يتصدرون:

وفيما تصدر السعوديون قبل أيام قائمة "فوربس" لأغنى 100 عربي لعام 2013،
استدعت الذهنية السعودية كالعادة وعبر وسائل إعلامية، وأيضاً عبر مواقع التواصل،
مقارنات كثيرة بينهم وبين تعهد أكثر من 30 مليارديراً أمريكياً بالتبرع بنصف ثرواتهم على الأقل للأعمال الخيرية.

على الصعيد نفسه، وفيما يتصدر الخليجيون وأكثرهم السعوديون المراكز الأولى
في إجمالي الثروات الشخصية، لكن ليس لدى أكثرهم سوى حضور باهت ومخجل في مجال التبرع الخيري،
هذا في الوقت الذي تخطت فيه التبرعات الخيرية في الولايات المتحدة وحدها حاجز 260 مليار دولار فقط
فيما بين 1995 م و 2006 م.

في الوقت نفسه طالب اقتصاديون الثريات السعوديات بالإفراج عن الأرصدة النسائية المجمدة في البنوك،
والتي تتراوح بين 70 و 100 مليار ريال مجمدة ولا يستثمر منها سوى 30% فقط.

[ابو عبد الرحمن]

أثرياء وضحايا:

هذا فيما يبدو ظاهراً أن هناك فئات مازالت تحتفظ بنوع من الغضب من الأثرياء
وتنسب لهم العديد من الإشكاليات المالية أو الكوارث، مثل نكسة سوق الأسهم، والمساهمات التجارية والعقارية.

ويعتقد هؤلاء أن الحديث عن "دور اجتماعي" للأثرياء هو أمر سخيف،
وهم الذين تسببوا في أزمات مالية دمرت غيرهم، ويرفض هؤلاء أن يوزع الأثرياء بعض التبرعات
من منطلق ما يوصف بأنه مسؤولية اجتماعية.

جانب آخر يتحدث عنه طرف محايد، وهو أيضاً ملفت ويتناوله الإعلام بين فترة وأخرى.
يقول ليون برخو، مدير مركز دراسات ممارسات الإعلام وتأثيرها على المجتمع جامعة يونشوبنك بالسويد،
في مقال له بعنوان "أين يكمن ضعف العرب والمسلمين.. كيف يتصرف الأثرياء؟"،
قائلاً: "تتناقل الصحافة الغربية أعمالاً وأموراً يقوم بها بعض أثرياء العرب في العواصم الغربية،
منها ما يقزز النفس، ومنها ما يجعل المتشبعين بالحضارة العربية والإسلامية من أمثالي يشبكون عشرهم
على رأسهم من الحزن واليأس".

من جانبه، يؤكد الأكاديمي والباحث الشرعي الدكتور محمد الصواط:
"تلك الثروات الفلكية لبعض التجار تشير لجشعهم وتنكرهم لبلدهم"،
مشيداً في الوقت نفسه بتجارب بعض أصحاب رؤوس الأموال في مشاركتهم في الأعمال الخيرية، وداعياً إلى قيام الحكومة بتكريمهم.

أما عضو الجمعية الفقهية السعودية الدكتور خالد أحمد بابطين فيؤكد على
"فشل المؤسسات الخيرية في الوصول إلى أولئك الأثرياء الذين أكثرهم يستثمرون أموالهم بالخارج،
مع التزامهم بدفع الضرائب التي تفرضها عليهم الحكومات هناك".

[ابو عبد الرحمن]

بين الواجب الديني والحق الشخصي:

من جهته يقول الكاتب والمستشار الإعلامي بوزارة الثقافة والإعلام محمد بن سعد بن صالح:
"في الإسلام المال مال الله - عز وجل -
وقد استخلف الله عباده فيه ليرى كيف يعملون به، وسيسألون من أين اكتسبوه وفيما أنفقوه،
وقد حباهم الله بهذه الثروة واستأمنهم عليها، أليس لمجتمعهم المسلم حقوق في هذا المجال؟".

هذا فيما يطالب الكاتب تركي الدخيل 93 ألف عائلة سعودية غنية بتحمل مسؤولياتها تجاه المجتمع قائلاً:
"العائلات المليونيرية في السعودية وغيرها عليها مسؤوليات،
من دعم التعليم إلى المشاريع.. المال يجب ألا يعزل الغني عن مجتمعه".

السعوديون الذين اتجه كثير منهم للتعبير عن همومهم بطريقة طريفة
وساخرة، ومنها سخريتهم من دراسات تظهرهم من وقت لآخر في مقدمة "الأكثر سعادة"،
و"الأكثر تفاؤلا"... إلخ.

أما المؤيدون للضغط على الأثرياء لتقديم دور ما فيؤكدون أن الدافع وراء ذلك يجب أن يكون
"شعورهم بالمسؤولية الاجتماعية تجاه مجتمعاتهم" قبل كل شيء.

[محارب التنين]

مشكور والله يعطيك العافية
بارك الله فيك نتمنى المزيد

[ابو عبد الرحمن]

مبادرات حاضرة:

غير أن الإنصاف يقتضي القول إن هناك مبادرات على هذا الخط تستحق التقدير لعدد من الأسماء السعودية
في مجال العمل الخيري، ويرى من يتجه لهذا الرأي أن رجال الأعمال السعوديين
يفضلون القيام بذلك الدور "سراً".

من جهته، يقول عبدالمحسن العمران، الرئيس التنفيذي لشركة "مكتب العائلة لإدارة الثروات": "العمل الخيري للأثرياء السعوديين جيد، ولكنه غير مؤسسي بشكل كامل، ويمكن تطوير هذه الفكرة من خلال تضامن عدد من العوائل الثرية في مؤسسة خيرية واحدة تقدم تبرعات استثمارية وعملاً خيرياً منظماً".

وجهة نظر أخرى يقودها الكاتب د. صلاح بن فهد الشلهوب، حيث ينتقد الإعطاء المباشر،
مؤكداً أنه إن حصل فيجب أن يكون: "للفئة الفقيرة والعاجزة".

مضيفاً: "الاستمرار في إعطاء الصدقة لمن لديه القدرة على العمل خسارة فعلية للاقتصاد,
إذ إن هذا الفرد سيمثل عبئاً على المجتمع".

هذا في حين يقول الأمين العام السابق للندوة العالمية للشباب الإسلامي عبدالوهاب نور ولي:
"بعض الأثرياء لا يعرف كيف يتصرف بثروته، لا يوجد هدف، وهناك غياب للرؤية عند الأثرياء يعيق الغني عن التجرد من ذاته في سبيل الآخرين".

[ابو عبد الرحمن]

التبرع قبل أم بعد الموت:

من جانبه يقول رئيس اللجنة الوطنية للحج والعمرة عضو الغرفة التجارية بمكة د. أسامة فلالي:
"بعض الأغنياء يكتفي ببعض الأعمال مثل بناء المساجد والصدقة الجارية، لكن التبرع بمليارات الريالات غير وارد في أذهانهم، ثقافة فعل الخير لدى أثريائنا لم تفكر في دعم مراكز أبحاث وبناء جامعات إلا في نطاق محدود".

هذا فيما يرى الأمين العام لهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية د. عدنان باشا أن غرس ثقافة تبرع الأثرياء:
"يجب أن تبدأ من مناهج التعليم والتربية، ومن المنزل، للأسف هناك مساحة شاسعة تفصل المسلمين عن قيمهم وتعاليم دينهم".

أما رجل الأعمال عبدالله مرعي بن محفوظ فيؤيد تبرع الأثرياء لأعمال خيرية في حياتهم، ويقول:
"البعض يوصي بالتبرع بعد الموت، وهم غير متأكدين أن الورثة سينفذون وصاياهم"، مضيفاً: "لو حسبت أعداد رجال الأعمال في المملكة، وقورن هذا العدد بما قدموه للمجتمع، فإننا سنجد النسبة ضئيلة جدًا".

[ابو عبد الرحمن]

آراء أخرى:

ولا يخلو الأمر من آراء أكثر حدة، فمثلاً يرى الباحث في الشؤون الاجتماعية أحمد الطارش
أن "بعضاً من رجال الأعمال يقدم رشوة في مناقصة ما، ويحصل على مليارات لمشاريع
لا تكلف ملايين، فكيف له أن يزكي وقد سرق وقدم رشوة".

وفي سياق متصل يعتقد الخبير في شؤون إدارة المشروعات الخيرية
د. فيصل العمري أنّ هناك أسباباً تكمن في عدم تبادل الثقة بين الجهات الخيرية والأثرياء،
"فكثير منهم لا يخرج الزكاة، وتوزع بدون تخطيط مسبق، كما أنّ العديد من الأثرياء
لا يثقون في مؤسسات الدولة المسؤولة عن الزكاة".

أما الباحث في الشؤون الاقتصادية عبدالرحمن الزهيان فيقف إلى جانب الأثرياء
ويصفهم بـ"المساكين مقارنة بأثرياء العالم"، مضيفاً: "الأرزاق موزعة،
ويحرم علينا أن نشاركهم في ثرواتهم، فكل ميسر لما خلق له".

أما الكاتب عبدالله صادق دحلان فيقول:
"البنوك السويسرية أصبحت في حالة تُخمة من ودائع الأثرياء العرب،
خصوصاً الخليجيين، ومنهم سعوديون، وأجزم لو أن الأغنياء في المملكة
دفعوا الزكاة بكاملها لما بقي في المملكة فقير".

من جهته يرى سلمان الدوسري، رئيس تحرير "الاقتصادية"،
أنه في الوقت الذي يطالب فيه أثرياء الغرب بزيادة الضرائب عليهم لأنهم استفادوا من قوة الاقتصاد،
ويريدون أن يفيدوا غيرهم، فإن الأثرياء السعوديين "لا يوجد بينهم من يدفع ضرائب،
وكثير منهم وفقاً للأرقام الرسمية لا يدفع الزكاة المستحقة".

معتبراً أنه: "من غير المعقول أن تظل المساهمات الاجتماعية
والتبرعات حصراً على نخبة من الأثرياء ورجال الأعمال فقط".

ومضيفاً: "لم يكن الدين هو وازع أثرياء الغرب، لكن الوازع الوحيد لديهم كان أخلاقياً ووطنياً،
أثرياؤنا يطلبون بحقوقهم مثل فتح الأسواق وعدم تدخل الدولة،
وحين يأتي دورهم نحو الوطن وأهله لا يلقى إلا الصدود والاستنكار".

[ابو عبد الرحمن]

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي-قاري      مشكور والله يعطيك العافية بارك الله فيك نتمنى المزيد

شكرا لتواجدك المشرق والله يعطيك العافيه

[محمد الساهر]

هؤلاء التجار لايحتاجون الا أن يقوم ولي الأمر بإجبارهم بمثل هذه المبادره من التبرعات للنهوض بدورهم المناط بهم تجاه الوطن ومواطنيه.
الف شكر نتمنى منك المزيد